ءءاليوم الخميس هو اليوم الثاني للتصويت في سنة أولي ديمقراطية حقيقية. وقد أعجبني ما كتبه الأستاذ الكبير أحمد رجب في زاويته الشهيرة بالزميلة أخبار اليوم, حينما فسر خوف المصريين من اختيار حاكمهم لأول مرة بأنه شعور طبيعي, بعد أن ظلوا لمئات السنين مفعولا بهم منذ أيام الخلافة الإسلامية والمماليك والدولة العثمانية, حيث كان يأتي إليهم الحاكم مفروضا عليهم, والحال نفسه بعد ثورة2591, كان الاستفتاء أقرب إلي التعيين منه إلي الانتخاب.. لكن هذه المرة الوضع مختلف, والكرة الآن في ملعب الشعب, وعليه أن يختار, ويمارس سلطاته كاملة غير منقوصة, رغم الضغوط التي يحاول البعض ممارستها عليه لكسر إرادته وفرض وصايته, من خلال فرض نظام القطيع في التصويت, في محاولة لإلغاء عقول الناخبين. الأمر المؤكد أن التجربة الأولي في أي نظام في العالم لا يمكن أن تكون كاملة, والديمقراطيات المحترمة لا تبني في يوم وليلة, ولكنها تحتاج إلي سنوات, والفيصل هو حجم التقدم الذي يطرأ علي تلك التجربة, ومادام هناك تقدم وتصحيح للأخطاء, فذلك يعني السير في الاتجاه الصحيح, حتي وإن كان التقدم بطيئا, والمهم في كل الأحوال أن يتأكد المواطن أنه أصبح صاحب الكلمة الأولي والأخيرة, وأنه السيد بلا منازع.. يفضح من يخدعه ويكذب عليه ويحاول تقليم أظافره.. يرفض من يحاول تقسيم المجتمع أو يفرض إرادته عنوة, وفي الوقت نفسه, يتمسك بوحدته الوطنية والجغرافية وثوابته الوطنية والقومية والدينية, بعيدا عن نعرات التعصب أو دعاوي الفرقة أو شهوة الانتقام. للأسف الشديد, هناك من يتحدثون عن تزوير للانتخابات رغم كل الشواهد التي تبشر بانتخابات نزيهة ومحترمة, ولأول مرة تشارك المنظمات الدولية في مراقبة الانتخابات, بعد أن كان الحديث عن المراقبة الدولية ضربا من الجنون, ونوعا من أنواع الخيانة والعمالة, وقد حضرت العديد من الوفود من دول العالم المختلفة لتشارك في مراقبةالانتخابات الرئاسية في مصر, وإلي جانب المنظمات الدولية, تشارك وسائل الإعلام العالمية بكل قوة في تغطية ومراقبة الانتخابات, بالإضافة إلي وسائل الإعلام المحلية, التي أصبحت قوة ضاربة لا يستهان بها, ونضجت بما فيه الكفاية, وأصبحت وسيلة ردع غاية في الأهمية والخطورة. قبل هذا وبعده, فإن الخطوات التي تقوم بها لجنة الانتخابات الرئاسية وأعلنها المستشار بجاتو, وما تظهره من شفافية واضحة, تؤكد أن الانتخابات الرئاسية سوف تخرج إلي بر الأمان بأقل قدر من الأخطاء, وأن الصندوق سوف يلعب الدور الحاسم في تنفيذ إرادة الشعب وبلورة اختياراته في تنصيب أول رئيس للجمهورية الثانية في مصر. لا أعتقد أن الانتخابات سوف يتم حسمها من الجولة الأولي, والمؤكد أن هناك إعادة بين اثنين من خمسة( عمرو موسي, حمدين صباحي, محمد مرسي, عبدالمنعم أبوالفتوح, وأحمد شفيق), وأتمني أن تشهد جولة الإعادة نوعا من التنسيق في شكل فريق رئاسي يقود مصرفي المرحلة المقبلة, ولا مانع أبدا أن يكون بين هؤلاء المرشحين ممن لن يحالفهم الحظ في دخول سباق الإعادة, وأن يكون البعض منهم نوابا, والأربع سنوات تمر بسرعة البرق, والنائب قد يصبح الرئيس في الانتخابات المقبلة, والميزة المهمة لو حدث ذلك التنسيق أن الشعب هو المستفيد في النهاية, لأنه سيتم ضم3 برامج في فترة رئاسية واحدة, بالإضافة إلي اتساع قاعدة التأييد الشعبي للمرشح الفائز, بحيث يكون معبرا عن أكبر شريحة في المجتمع. مصر في منتصف الطريق, وبإرادة شعبها تستطيع أن تجتاز أزمتها وتستكمل مسيرتها في إقامة دولة مؤسسات حقيقية, والبداية كانت بالانتخابات البرلمانية, ومنتصف الطريق هو الانتخابات الرئاسية, ودرة التاج سوف يكون الدستور الذي لايزال مختلفا عليه للأسف الشديد, والبكاء علي اللبن المسكوب لن يفيد, فقد فات وقت البكاء, وليس أمام الشعب المصري سوي الإصرار علي استكمال مشوار بناء دولة مصر الحديثة دون عواصف وأعاصير, تريد بنا العودة إلي نقطة الصفر أو ما هو أسوأ, وهو انهيار الدولة علي رءوس الجميع, وهو ما لم يحدث إن شاء الله. فقط علي الجميع أن يلتف حول الرئيس المقبل أيا كان, وعلي الرئيس المقبل أن يكون رئيسا لكل الشعب بكل أحزابه وطوائفه, لنجتاز مرحلة الخطر إلي بر الأمان. المزيد من مقالات عبدالمحسن سلامة