عدوان إسرائيلي على المعبر الحدودي بين سوريا ولبنان    جيش الاحتلال: نستهدف خزينة سرية لحزب الله مليئة بالنقود تحت مستشفى ببيروت    جيش الاحتلال: قلصنا قدرات حزب الله النارية إلى نحو 30%    382 يومًا من العدوان.. شهداء ومصابين في تصعيد جديد للاحتلال على غزة    موقف كمال عبد الواحد من المشاركة بنهائي السوبر، والده يكشف حالته الصحية    «ملكش سيطرة على اللاعبين ومفيش انضباط».. مدحت شلبي يفتح النار على حسين لبيب    سامسونج تطلق إصدار خاص من هاتف Galaxy Z Fold 6    ميزة جديدة لتخصيص تجربة الدردشة مع Meta AI عبر واتساب    في ليلة التعامد.. هيئة قصور الثقافة تكرم محافظ أسوان وفنانين بأبوسمبل    أضف إلى معلوماتك الدينية| حكم تركيب الرموش والشعر «الإكستنشن»..الأبرز    حل سحري للإرهاق المزمن    أستاذ علوم سياسية: إسرائيل تخطط لتهجير سكان جباليا بشكل ممنهج    «القابضة للمطارات»: مؤتمر المراقبين الجويين منصة للتعاون ومواجهة تحديات الملاحة    تراتون القابضة لشاحنات فولكس فاجن تحقق نتائج أفضل من المتوقع في الربع الثالث    الليجا تسعى لنقل مباراة برشلونة وأتلتيكو مدريد خارج الحدود    لاس بالماس يقتنص انتصاره الأول في الليجا    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    بعد منعه من السفر… «هشام قاسم»: السيسي أسوأ من حكم مصر    النائب العام يبحث مع نظيرته الجنوب إفريقية آليات التعاون القضائي    قائد القوات البحرية يكشف سبب طُول الحرب في أوكرانيا وغزة    حظك اليوم برج الجدي الثلاثاء 22 أكتوبر 2024.. هتقابل شريك الحياة    خذلها.. رد فعل غريب من رجل ماليزي تجاه زوجته بعد اعتنائها به خلال فترة شلله    لطيفة وريهام عبد الحكيم وجنات فى ضيافة الليلة العمانية بمهرجان الموسيقى العربية    نشرة التوك شو| حقيقة زيادة المرتبات الفترة المقبلة ومستجدات خطة التحول إلى الدعم النقدي    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ما حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    سر استخدام ملايين الأطنان من الألماس في الغلاف الجوي.. «رشها حل نهائي»    كيفية تفادي النوبات القلبية في 8 خطوات..لايف ستايل    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    داخل الزراعات.. حبس سائق توكتوك حاول التح.رش بسيدة    عماد متعب: اللاعب بيحب المباريات الكبيرة وكنت موفقا جدا أمام الزمالك    متحدث الصحة: نعمل بجدية ومؤسسية على بناء الإنسان المصري    طريقة عمل الدونتس السريع بالكاكاو    صحة كفر الشيخ: تقديم الخدمات الطبية ل1380 مواطنا بقافلة فى دسوق    مصرع شاب في حادث انقلاب دراجة نارية بواحة الفرافرة بالوادي الجديد    شك في سلوكها.. تفاصيل التحقيق مع المتهم بقتل زوجته والتخلص من جثتها بالصحراء في الهرم    ابتعدوا عن 3.. تحذير مهم من محافظة الإسماعيلية بسبب حالة الطقس    عاجل - طبيب تشريح جثة يحيى السنوار يكشف عن الرصاصة القاتلة والإصابات المدمرة (تفاصيل)    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء تواصل الصعود التاريخي.. وعيار 21 يسجل أرقامًا غير مسبوقة    الصفحة الرسمية للحوار الوطنى ترصد نقاط القوة والضعف للدعم النقدى    أبرز موافقات اجتماع مجلس مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأقصر    شيرين عبدالوهاب تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية (تفاصيل)    رانيا يوسف: إشمعنى كلب الهرم يتكرم وكلبي في فيلم أوراق التاروت ما حدش عايز يكرمه؟    شريف سلامة: أتخوف من الأجزاء ولكن مسلسل كامل العدد الجزء الثالث مفاجأة    أبرز المشاهير الذين قاموا بأخطر استعراضات على المسرح (تقرير)    القصة الكاملة لتدمير القوات المصرية للمدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967    "الذكاء الاصطناعي".. دير سيدة البشارة للأقباط الكاثوليك بالإسكندرية يختتم ندوته السنوية    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    رئيس إنبي: لجنة المسابقات ستشهد نقلة نوعية بعد رحيل عامر حسين    أسامة عرابي: الأهلي يحتاج خدمات كهربا رغم أزمته الحالية    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    ارتفاع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    إيران: واشنطن ستتحمل المسئولية الكاملة عن دورها في أي عمل عدواني إسرائيلي    عبدالرحيم علي: ضرب المفاعلات النووية الإيرانية أول ما ستفعله إسرائيل في "الرد"    من بينهم المتغيبون.. فئات مسموح لها بخوض امتحانات نظام الثانوية العامة الجديد 2025    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القضايا الملحة أمام الرئيس القادم

يشكل الانتقال من الحالة الثورية إلي الحالة المؤسساتية تحديا رئيسيا في فترة ما بعد الثورات‏,
‏ والتي تندلع بالأساس عندما تختل فكرة الجسم الاجتماعي المتوازن علي حد تعبير كرين برنتن في كتاب تشريح الثورة بحيث تصبح المؤسسات القائمة عاجزة عن الاستجابة لاحتياجات المجتمع المتزايدة‏,‏ ويستمر هذا التناقض حتي تصل العلاقة بين المجتمع والمؤسسات إلي نقطة اللاعودة لتندلع الثورة‏,‏ مخلفة وراءها قطاعا واسعا من الآمال والتحديات‏,‏ تفرض علي المؤسسات ما بعد الثورة التفاعل معها‏.‏
وهنا‏,‏ بدت الثورة المصرية بمثابة لحظة كاشفة لأوضاع مجتمع يعاني مشكلات حقيقية‏,‏ فالمؤسسات فشلت في تحقيق مطالب مجتمعية علي مدي سنوات طويلة أفضت إلي تزايد السخط الشعبي‏.‏ وعشية إسقاط النظام بتنحي الرئيس السابق‏,‏ بات المجتمع يشهد متلازمات للثورة‏,‏ وأهمها ثورة التطلعات لتكون العنوان الأبرز لسلسلة الأزمات التي عانتها الدولة تباعا‏,‏ فثورة التطلعات دفعت نحو موجة من الاعتصامات والإضرابات‏.‏
وامتدت ثورة التطلعات لمقاليد السلطة والتنازع علي شكل وهوية الدولة بين تيار مدني يتطلع لدولة بشكل معين‏,‏ وتيار إسلام سياسي يمتلك هو الآخر تصورا مغايرا‏.‏ وسرعان ما انتقل هذا الصراع إلي محطات سياسية مهمة‏,‏ بدءا من استفتاء مارس‏2011‏ علي التعديلات الدستورية‏,‏ مرورا بالبرلمان والجمعية التأسيسية لوضع الدستور‏,‏ وانتهاء بالموقف من انتخابات الرئاسة والمؤسسة العسكرية‏.,‏ ما بين سطوة الاعتصامات والصراعات السياسية‏,‏ استمر الانفلات الأمني‏,‏ وتغيبت قضايا العدالة الاجتماعية‏.‏ وفي هذا السياق المتشابك والإرث المتراكم من الأزمات‏,‏ تأتي الانتخابات الرئاسية لتضع أمام الرئيس القادم العديد من الملفات والقضايا الرئيسية التي تمثل تحديا حقيقيا‏.‏
قضايا ملحة أمام الرئاسة
تتمثل فلسفة الثورات في البحث عن واقع أفضل‏,‏ والوصول بتصورات الشارع لمرحلة اليوتوبيا‏,‏ حتي تبدأ المرحلة الانتقالية‏,‏ وتتصادم التصورات بالواقع بشتي معطياته‏.‏ وهذه الصورة كانت واضحة في الحالة المصرية‏,‏ فميدان التحرير عبر عن حالة الرومانسية السياسية‏,‏ وإيجاد واقع جديد يعلي من الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية‏.‏ ولكن عندما راوحت الثورة الميدان‏,‏ اصطدمت بمتغيرات معقدة جعلت المرحلة الانتقالية في مخيلة البعض بمنزلة إجهاض لحلم الثورة‏.‏ فقد كانت المرحلة الانتقالية فترة حاضنة لنمو القضايا الشائكة‏,‏ مما جعل هذه القضايا في انتظار إيجاد حلول تأتي من خلال المؤسسات المنتخبة‏,‏ حتي بدا أن البرلمان عاجز عن تسوية قضايا المجتمع‏,‏ ومن ثم باتت مؤسسة الرئاسة مطالبة بالتعامل مع خمس قضايا‏.‏
‏1-‏ الملف الأمني‏,‏ يعد إحدي القضايا المطروحة علي أجندة الرئيس القادم‏,‏ لاسيما أنها تتضمن تعقيدات كثيرة‏,‏ فهي مرتبطة بفلسفة النظام السابق‏.‏ إذ إن النظم الاستبدادية عادة ما تغيب فكرة المؤسسة‏,‏ وتصبح القرارات مرهونة برغبات النظام المستبد‏,‏ وهي الفكرة التي انسحبت علي المؤسسة الأمنية في مصر‏.‏ فوزارة الداخلية كانت مجرد أداة للدفاع عن مصالح النظام‏.‏ وقد انعكست هذه الفكرة علي العقل الجمعي المصري خلال السنوات الأخيرة‏,‏ واستقر في وجدانه أن الجهاز الأمني نتاج لنظام مستبد يقمع الحريات‏,(‏ ولا يحترم أدني مقومات حقوق الإنسان‏).‏
‏2-‏ الحركة الاحتجاجية‏,‏ الثورة بطبيعتها تعبير عن رفض للممارسات والمؤسسات القائمة‏,‏ وهذا الخط التصاعدي للاحتجاجات الشعبية بدأ في مصر منذ سنوات مع تزايد الشروخ في بنية الاستبداد‏.‏ وبالوصول إلي الحالة الثورية في‏25‏ يناير‏2011,‏ تداخل علي واقع الاحتجاجات الشعبية عنصر آخر تمثل في تزايد الطموحات لدي قطاع عريض من المجتمع بصورة فرضت علي النظام الجديد الاستجابة لمطالب عدة من جهات متباينة‏.‏ وبالتزامن مع غياب قدرة المؤسسات القائمة علي التفاعل مع واقع الاحتجاجات‏,‏ أصبحت الاعتصامات والمطالب الفئوية تتصدر المشهد السياسي في مصر خلال الشهور المنقضية‏,‏ وتبحث عن حلول في شخص الرئيس القادم‏.‏ ويتعامل مرشحو الرئاسة مع هذا الملف عبر ثلاثة مستويات‏,‏ يمثل المستوي الأول الاستجابة للحركات الاحتجاجية‏,‏ وتبني موقف مبدئي يتضح من خلال التصريحات المعلنة يؤكد احترام حق التظاهر والاعتصام‏.‏ المستوي الثاني يعبر عن الرؤية المؤسساتية وتأكيد دور المؤسسات في تلبية الاحتياجات المجتمعية‏,‏ وهنا تبدو الاختلافات الأيديولوجية أكثر وضوحا‏,‏ فالخلفية اليسارية والحقوقية للمرشحين المحسوبين علي التيار الثوري‏,‏ كحمدين صباحي وأبو العز الحريري وخالد علي‏,‏ جعلتهم يعتنقون أفكارا أكثر تأكيدا‏-‏ مقارنة بمرشحي التيارين الآخرين‏-‏ علي حقوق العمال والفلاحين‏,‏ ودعم العمل النقابي‏,‏ وإفراد مساحة أكبر لهذه القضايا في برامجهم الانتخابية‏.‏ فيما ينطوي المستوي الثالث علي منظومة تتفاعل من خلالها ديناميات الحركات الاحتجاجية مع قضية العدالة الاجتماعية والسياسات الاقتصادية‏,‏ فالمرشحون يطرحون آلية التعامل مع الحركات الاحتجاجية كجزء من ملف العدالة الاجتماعية‏.‏ ومن ثم فإن السياسات الاقتصادية المطروحة من جانبهم تجمع بين أفكار رأسمالية واشتراكية‏-‏ أو بما يحقق التنمية البشرية‏,‏ ويراعي‏-‏ ما يمكن أن نطلق عليه أفكار الطريق الثالث احتياجات طبقات وفئات مجتمعية تم تهميشها خلال السنوات الأخيرة‏,‏ والهدف النهائي لذلك تحقيق العدالة الاجتماعية‏,‏ وهو ما سيكون له مردود إيجابي علي إرساء دعائم شرعية المؤسسات كانعكاس لتزايد الرضاء العام‏,‏ بما يفضي في نهاية المطاف إلي التخفيف من حدة الاحتجاجات‏.‏
‏3-‏ تيار الإسلام السياسي‏,‏ من أهم التغيرات التي طرأت علي الساحة المصرية بعد الثورة انبعاث تيار الإسلام السياسي‏,‏ وحصوله علي أغلبية مقاعد البرلمان بمجلسيه‏,‏ في سياق اتسم بالتأزم بين قوي الإسلام السياسي والقوي الأخري‏,‏ وهذا الصعود للقوي الإسلامية أسفر عن عدد من القضايا الشائكة‏,‏ يتعين علي الرئيس القادم التعامل معها‏.‏ فهناك تساؤل حول كيفية التعامل مع التيار الإسلامي بتنوعات أفكاره واتجاهاته‏,‏ ناهيك عن التصور حول حدود الحريات في الدولة‏,‏ فضلا عن الوضع المتعلق بتطبيق الشريعة‏.‏ وباستثناء التوافق حول المادة الثانية من الدستور‏,‏ يكشف هذا الملف عن وجود مساحة أكبر من الاختلاف بين المرشحين‏,‏ الأمر يتجلي عبر المؤشرين التاليين‏:‏
إن المرجعية الفكرية تمثل محورا أساسيا في تعامل الرئيس القادم مع هذا الملف‏,‏ لاسيما أن هناك تيارا إسلاميا يخوض الانتخابات‏,‏ ويمتلك مرشحوه حظوظا وافرة في المنافسة‏,‏ وبالتالي فإن وصول أحد ممثليه لكرسي الرئاسة سيؤدي إلي تراجع أولوية هذا الملف‏,‏ نظرا لأن التجانس الفكري في شكل مؤسسات الدولة المنتخبة سيكون هو العنصر الحاكم حينها‏,‏ وهذا بخلاف وصول مرشح من التيارين الآخرين‏.‏ فآنذاك‏,‏ سيصبح التعامل مع هذا الملف أكثر تعقيدا‏,‏ وسيتطلب عدة مواءمات سياسية‏,‏ وتنازلات‏,‏ والدخول في صفقات‏,‏ مع احتمالية الدخول في مصادمات‏.‏
الترابط بين بزوغ التيار الإسلامي وقضايا أخري‏,‏ مثل سقف الحريات وأوضاع‏-‏ الأقليات‏,‏ أوجد حالة من الاستقطاب بين مرشحي الرئاسة‏,‏ بحيث بدا أن ثمة توحدا بين تيار الثورة وتيار الحرس القديم في مواجهة المرشحين الإسلاميين‏.‏ فالمعسكر الأول أضحي يركز في دعايته علي دعمه للحريات وحقوق المواطنة‏,‏ كوسيله منه للضغط علي المرشحين الإسلاميين‏,‏ علي اعتبار أن هذه القضايا تحظي باهتمام العديدين‏,‏ وطرحها قد يمثل خصما من حظوظ المرشحين الإسلاميين‏.‏
وفي المقابل‏,‏ سعي ممثلو التيار الإسلامي كعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي ومحمد سليم العوا‏,‏ إلي تقديم رؤية للشريعة الإسلامية‏,‏ تتخذ من مبادئ ومقاصد الشريعة ركيزة‏,‏ وتفترض عدم وجود تعارض بين الشريعة والحريات وحقوق المواطنة‏.‏
‏4-‏ المؤسسة العسكرية‏,‏ فرض مسار الثورة المصرية علي معادلات القوي السياسية دخول لاعب رئيسي للسياق العام‏,‏ لاسيما أن الأيام الأولي للثورة كشفت عن أن المجتمع يفقد الثقة في كل مؤسسات الدولة القائمة باستثناء المؤسسة العسكرية‏,‏ وترسخت هذه القناعة عندما تبين أن المؤسسة العسكرية تقف إلي جانب المطالب الثورية‏.‏ ولكن أثناء الفترة الانتقالية‏,‏ أصبحت هذه العلاقة تنطوي علي العديد من التعقيدات‏,‏ إذ إن سوء إدارة الفترة الانتقالية أعطي مؤشرات سلبية‏,‏ يضاف إلي ذلك أحداث المرحلة‏,‏ كأحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية‏,‏ واكتملت هذه المنظومة مع الجدل حول وضع الجيش في الدستور وميزانيته‏.‏
وفي هذا السياق‏,‏ توافقت رؤي المرشحين علي أهمية دور الجيش المحوري في الدفاع عن حدود الدولة وتأمينها‏,‏ كما تضمنت البرامج الانتخابية تأكيد ضرورة تسليح الجيش وتقويته‏.‏ ومع التعرض للقضايا الشائكة المرتبطة بميزانية الجيش والمشروعات الاقتصادية تمارس المؤسسة العسكرية الأنشطة الاقتصادية منذ ثمانينيات القرن الماضي تبدو مساحة الاختلاف أكبر‏,‏ وإن كان هذا الاختلاف في أدني حدوده‏.‏ فرؤية المرشحين‏(‏ خاصة مرشحي التيار الإسلامي وتيار الحرس القديم‏)‏ اتسمت بقدر كبير من الواقعية‏,‏ والابتعاد عن المواقف الراديكالية بتأكيد استمرارية وضع ميزانية الجيش‏,‏ والحفاظ علي سرية بنودها في نطاق ضيق يجمع بين مسئولين من السلطة التنفيذية والتشريعية‏.‏ فيما يطرح بعض مرشحي التيار الثوري رؤي يمكن أن تحدث تصادما مع المؤسسة العسكرية‏,‏ حيث يتبني المرشح خالد علي في برنامجه الانتخابي موقفا رافضا للأنشطة الاقتصادية للجيش‏,‏ ويطالب بنقل تبعيتها للقطاع المدني بالدولة‏,‏ بما يدفع نحو توتر مع المؤسسة‏.‏
‏5-‏ السياسة الخارجية‏,‏ تمثل ملفات السياسة الخارجية قضايا متشابكة أمام الرئيس القادم‏,‏ فالدولة المصرية‏,‏ خلال الفترة التي أعقبت الثورة‏,‏ مرت بأزمات مع العالم الخارجي‏,‏ تجلت ملامحها في التوتر مع إسرائيل‏,‏ علي خلفية أحداث السفارة الإسرائيلية بالقاهرة‏,‏ وتصدير الغاز المصري لإسرائيل‏.‏ وامتدت هذه التوترات إلي العلاقات المصرية‏-‏ الأمريكية‏,‏ عقب تفجير قضية منظمات المجتمع المدني والتمويل الأجنبي‏,‏ يضاف إلي هذا ملف دول حوض النيل‏,‏ وكيفية التعامل مع النظم الملكية في الخليج العربي‏,‏ وتخوف هذه النظم من تجربة الثورة‏,‏ وإمكانية انتقالها لمجتمعاتها‏.‏
وإزاء هذه القضايا‏,‏ فإن تحليل توجهات المرشحين يعبر عن بعدين
البعد الأول يتضح من خلاله الاتفاق حول إعطاء أولويات جديدة في السياسة الخارجية‏(‏ كملف العلاقات الإفريقية‏,‏ وبالأخص دول حوض النيل‏),‏ والبحث عن صيغة جديدة للعلاقة مع الولايات المتحدة‏,‏ وإنهاء حالة التبعية التي وصف بها النظام السابق‏.‏
شروط لمواجهة تحديات الرئاسة
اختلاف المرجعية واتفاق البرامج السمة الرئيسية لمرشحي الرئاسة‏,‏ فهم يعبرون عن مختلف ألوان الطيف السياسي‏,‏ فيما تتشابه برامجهم تجاه القضايا الخمس المطروحة‏.‏ وعطفا علي هذا‏,‏ ثمة عوامل سيكون لها مردودها علي سياسات الرئيس القادم‏:‏
أولا‏)‏ الدور مرتبط بالصلاحيات‏,‏ ومن ثم فإن الصلاحيات التي ستمنح للرئيس وشكل النظام السياسي الذي سينتهي إليه الدستور الجديد سيرسمان حدود دور الرئيس القادم‏.‏ في هذا الصدد تبني النظام البرلماني برئيس ويعد السيناريو الأسوأ والمستبعد أيضا ذي صلاحيات محدودة‏.‏ أما الخيار الأرجح‏,‏ فهو تبني النظام المختلط لتكون هناك صلاحيات واضحة لمؤسسة الرئاسة‏,‏ تتيح لها التفاعل مع قضايا السياسة الداخلية والخارجية‏.‏ يضاف إلي هذا أن وصول رئيس يحظي بتوافق أكبر نسبة من الناخبين سيؤدي إلي مساحة أكبر للتحرك في مواجهة القضايا الملحة‏.‏
ثانيا‏)‏ العلاقة بين البرلمان ومؤسسة الرئاسة مرهونة بنتائج الانتخابات وذلك بافتراض أن البرلمان الحالي سيستمر‏,‏ ولن يتم الحكم بحله فوصول رئيس من تيار الثورة سيؤدي إلي تفعيل آليات الرقابة والتوازن بين السلطتين بصورة تنعكس إيجابيا علي الحياة السياسية‏,‏ ولكنه في الوقت ذاته قد يفضي إلي أزمات‏,‏ في حال وصول الخلافات بين الطرفين إلي نقطة التفجر السياسي‏.‏ بينما يطرح وصول رئيس من التيار الإسلامي سيناريو آخر‏,‏ مفاده إضعاف آليات الرقابة‏,‏ فيما تقل درجة الخلافات الفكرية‏.‏ أما في حال وصول رئيس من تيار الحرس القديم‏,‏ فستغلب علي العلاقة بين الطرفين الصراعات السياسية‏,‏ فيحدث عجز في كلتا المؤسستين عن التعامل مع املفات المطروحة‏.‏
ثالثا‏:‏ إدراك الأولويات والتعامل مع قضية الأمن سيشكل عنصرا داعما لرئيس القادم فالمؤسسة الامنية علي مدي السنوات الأخيرة تمكنت من تكوين فلسفتها الخاصة فضلا عن قيادات امنية ترفض أي سياسات يمكن ان تنال من وضعها وهو ما قد يفرض علي الرئيس القادم التعامل مع المؤسسة عبر تاقضاتها الداخلية بحيث يدخل في تحالفات مع الائتلافات ذات التوجهات الاصلاحية داخل المؤسسة مع الاستجابة للمطالب الخاصة بزيادة الرواتب وذلك بالتوازن مع الاهتمام بخريجي كلية الشرطة‏.‏
رابعا‏:‏ الافكار التي يطرحها المرشحون اثناء حملاتهم الانتخابية قد تتصادم مع الواقع السياسي مع الوصول الي سدة الحكم الامر الذي سيفرض عليهم تقديم عدة تنازلات وعلي وجه الخصوص عند التعامل مع ملفات المؤسسة العسكرية حينئذ ستكون المواءمات السياسية هي السيناريو الاقرب والارجح اذ ان العلاقة بين الرئيس القادم والمؤسسة العسكرية لن تكون معادلة صفرية وفي هذا الصدد يبدي بعض المرشحين مثل محمد مرسي وعبدالمنعم ابوالفتوح وعمرو موسي مقاربات اكثر واقعية في التعاطي المع المؤسسة العسكرية من حيث ضرورة التشاور مع المؤسسة فيما يتعلق بشئونها ومناقشة ميزانية الجيش في اضي حدود‏.‏
‏6‏ ناهيك عن طرح فكرة اخروج الآن لمصر كبديل لفكرة الخروج الآمن لمجلس العسكري والتي تحتمل عدة دلالات منها الدخول في مواءمات مع المؤسسة العسكرية وتقديم تنازلات لها‏.‏
وأخيرا تطرح ثنائية الدولة والمجتمع اشكالية حقيقية خال الفترة القادمة فمصركانت ابان حكم النظام السابق اشبه ما تكون بدولة رخوة يستشري فيها الفساد ولا يطبق فيها القانون بما اوجد مصالح لدي فئة مجتمعية معينة تسعي للحفاظ عليها وتكييف القوانين واوضاع الدوة وفقا لهذه المصالح ولكن بعد الثورة اختلفت الصورة فالمجتمع اصبح هو العنصر الفاعل بما يطرح تساؤلا عي الرئيس القادم عن كيفية استعادة قوة الدولة وليس استبدادها مع الحفاظ علي حيوية المجتمع كقوة تحقق التوازن في دولة ما بعد الثورة‏.‏


إضافة تعليق

البيانات مطلوبة

اسمك
*


بريد الالكترونى *
البريد الالكتروني غير صحيح

عنوان التعليق *


تعليق
*


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.