بعض الناس يمتهنون مهنا تخالف طبيعتهم وسلوكهم الشخصي.. وهذا من المفارقات المضحكة احيانا اذا كانت هذه المهنة والسلوك لا تنعكس علي الاخرين بالضرر.. ولكنها تكون مبكية ومثيرة للاشمئزاز اذا أضرت بالاخرين. وهذا ما يتحقق في قصة طبيبنا الذي تخصص في طب العيون وهو تخصص يعلم الانسان الدقة.. والرقة.. لطبيعة العضو المتعامل معه.. هذا علي الخصوص.. ناهيك عما تضفيه مهنة الطب علي الشخص السوي من مباديء وقيم وأخلاق.. يكتسبها مما يراه في قدرة الله عز وجل.. ودقه خلقه.. وعظمة تكوينه. مع الأخذ في الاعتبار أيضا شرف علم الطب والذي يأتي في المرتبة الثانية بعد علم الدين. نعود لطبيبنا الذي شاء حظه العاثر ان ينشأ في بيت قام علي الظلم والقتل.. والنهب.. لا حرمة عند والده للدماء.. ولا للأعراض.. كل ما يهمه سلطته وجبروته.. لا يتورع عن فعل أي وكل شيء في سبيل استمرارها.. حتي لو قتل أهله.. رجالهم ونساءهم وأطفالهم. ولو دك بيوتهم علي رؤوسهم.. ولو باع الأرض التي هو مؤتمن عليها بثمن بخس لعدوه نظير مساعدته في قهر أهله.. حتي إذا هلك هذا الأب.. تنادي أتباعه وخدمه وسدنته بألاتخرج القيادة والزعامة عن هذا البيت.. ولابد أن يكون أحد أولاده القائد الجديد.. فلم يجدوا إلا طبيبنا بعد أن مات أخوه الأكبر في حادث سير.. لكنهم اصطدموا بسنه الصغيرة34 عاما وفي قانونهم لا تصلح هذا السن لتلك الوظيفة.. فكان الحل المأساوي من ترزية القوانين.. ومزوري إرادة البشر.. ان يتغير القانون.. وفي نصف دقيقة.. صار الرجل قائدا مكان أبيه.. برتبه( رئيس جمهورية!!) واستبشر الناس خيرا.. فالقائد الجديد.. شاب.. متعلم.. مثقف.. طبيب.. عاش في الغرب ورأي كيف يعيش الناس في حرية.. وكيف تحترم الدولة مواطنيها.. وتهييء لهم سبل الحياة الكريمة.. وكيف يحاسب الناس حكامهم باعتبار أنهم خدم للشعوب وليسوا آلهة أو أنصاف آلهة.. وكيف؟.. وكيف؟.. وغرق الناس في أحلامهم.. حتي أفاقوا علي الحقيقة المرة أن( هذا البشار من ذاك الأسد).. فبمجرد ان بدأ الناس يدركون ان لهم حقوقا مسلوبة.. وكرامة منتهكة.. وأموالا مغصوبة من نفس العصابة السابقة.. وان الحرية تنادي لهذا الشعب أن هبوا كما هب أقرانكم في تونس.. ومصر.. وليبيا.. واليمن.. فاستجابوا لنداء الضمير.. ونفضوا عن أنفسهم رداء الخوف وخرجوا يطالبون بحريتهم.. حتي أظهر الرجل وجهه القبيح.. والذي كان يخفيه بابتسامة بلهاء لا ينخدع بها إلا السذج.. وبين انه لم يستنفد شيئا من علمه أو دراسته ولم يقرأ حتي التجارب والأحداث التي تجري حوله. لقد حكم العابدين في تونس بالحديد والنار ثم ظهر أن هذا كله خواء.. أمام استفاقة الشعوب.. فآثر السلامة وفر مذعورا.. ومبارك ظل30 عاما في وابل من الأكاذيب والترهات والخداع والمكر والقهر.. مستعينا بآلة أمنية وإعلامية ضخمة.. لكنه لم يستطع مقاومة إرادة الشعب التي استمدت العون من الله.. فخرج من الحكم بعد18 يوما.. ويقبع الآن في سجنه ويحاكم عن جرائمه.. والقذافي الذي حكم شعبه بأبشع صنوف القهر وأغرب القوانين البشرية المضحكة المبكية.. وتصور نفسه إلها جديدا للكون.. ووصف شعبه باحساسه المتعالي الطاغوتي المريض( بالجرذان).. وضرب شعبه بالقنابل والصواريخ.. فيطارده شعبه حتي يخرجه من ماسوره مياه( كالجرذ) ويقبض عليه ويقتله بعد سيل من الإهانات.. فيكون الجزاء بنفس القول( جرذ بجرذان!).. وعلي صالح الذي استنفد كل الاساليب الشيطانيه للبقاء في السلطة.. وعدم المحاكمه خرج في النهاية ذليلا.. كل هذه النماذج والأمثله لم يستوعبها بشار.. فصار يستخدم كل أساليبهم فتارة يتهم الشعب.. بالتمويل الخارجي.. وبجماعات منشقة.. وأجندات دولية.. ومؤامرات لإسقاط سوريا وجبهة الصمود والتصدي ضد اسرائيل( باعتبار انه في حرب ضروس؟! مع اسرائيل والشاهد ان الجولان محتلة منذ45 عاما لم يطلق هو أو أبوه طلقة واحده لتحريرها).. يسير بشار علي طريق من سبقوه وكأن الدماء التي تلطخت بها يداه بقتل الأبرياء.. بدلا من تلطخها في غرفة العمليات وهي تعالجهم وتداوي جراحهم قد أعمت بصره.. والذي هو رأسماله في معالجة أبصار الناس.. بعد ان أعمت بصيرته.. فاليد الأولي.. بدمائها ملعونة.. تستحق القطع.. موزورة.. واليد الثانية بدمائها.. تستحق التكريم مأجورة.. هذا معلوم للجميع.. والمجهول هو هل ستكون نهايته كمن سبقه.. أم تكون بطريقه جديدة.. فريدة مبتكرة.. تضيف إلي آيات الله آية جديدة في كيفيه القضاء علي الطغاة والظالمين.. ويصبح طبيب العيون الأعمي اسما علي مسمي!