قبل أن ينقضي الشهر الأول من عام2011 كان هذا الجزء من العالم يشهد تغيرات متلاحقة هي بالصدمات أشبه. كثرة الأحداث الكبري وتتابعها جعلت أغلبنا ينسي أننا في عام جديد مازالت زينات الاحتفال بقدومه معلقة في واجهات المحال والفنادق, فبدأ العام الجديد في شيخوخته مع أنه مازال طفلا يلهو الدقائق الأولي من العام شهدت الهجوم الإرهابي علي كنيسة القديسين في الإسكندرية, هذا الهجوم هو الأخطر والأول من نوعه, فكان الإحساس الكبير بالصدمة والخوف علي الوطن. هجوم الإسكندرية وضع ملفات الوحدة الوطنية والمواطنة المتشابكة علي قمة جدول الأعمال, وأظنه سيظل يحتل هذه المكانة لفترة طويلة قادمة. أهل جنوب السودان ذهبوا في التاسع من يناير لمراكز الاقتراع للاختيار بين استقلال الجنوب أو الإبقاء علي السودان موحدا, رغم أن نتيجة الاستفتاء معروفة سلفا إلا أن العيون تعلقت بالسودان وكأنها تتمني للمؤكد ألا يحدث, أو كأنها تملأ عينها للمرة الأخيرة من مشهد السودان موحدا بعد أن تأكدت من أنها لن تراه كذلك ثانية. قبل أن ينتهي الجنوبيون من الإدلاء بأصواتهم كانت الأبصار تتجه نحو لبنان. الخلاف بين اللبنانيين حول المحكمة الدولية استحكم وتعذر حله, فقرر وزراء حزب الله الانسحاب من الحكومة, وبالتالي إسقاطها. يستطيع لبنان الحياة بدون حكومة لفترة قد تطول, لكنه لا يستطيع مواصلة الحياة بكل هذا التوتر والانقسام بين أهله. الصراع الراهن في لبنان هو في بعده الأساسي صراعا سنيا شيعيا بين فريقين لكل منهما نصيره ومعسكره الإقليمي, الأمر الذي ينذر بوضع إقليمي شديد الخطورة إذا حدث وانفجر لا قدر الله. كاد الناس ينسون كل ما سبق بسبب الزلزال الكبير الذي هز تونس, فشد الأبصار من جميع الأحداث التي سبقته. انتفاضة الشعب أجبرت زين العابدين بن علي علي الرحيل, لكن الوضع في تونس مازال مفتوحا علي كل الاحتمالات. حرارة الحريق التونسي شعر بها الجميع في المنطقة, وإن كان الجميع مازالوا في مرحلة التكيف مع آثارها. مرة أخري أذكركم بأن كل هذه التطورات الكبري جرت عندنا ومن حولنا خلال الأسابيع الثلاثة الأولي من العام الجديد. مازال العام طويلا, ومازال أمام أهل المنطقة وحكوماتها فرصة لتحويل العام الجديد إلي فرصة رائعة وليس إلي فرصة ضائعة, فهل يفعلون.