رائحة كريهة تحملها بعض التحليلات والآراء الساعية دوما للاعلان عن نفسها بأنها صاحبة الحق الحصري للحديث عن ثورة مصر التي قام بها الملايين من أبناء هذا الشعب, ليس في القاهرة وحدها وإنما في جميع المحافظات ابتداء من السويس ومدن القناة ومرورا بالإسكندرية وميادين الدلتا والصعيد. هناك من ينتقد علنا اختيارات الشعب في الانتخابات البرلمانية علي الرغم من الاعتراف في الداخل والخارج بأنها كانت انتخابات حرة ونزيهة استطاعت أن تنال احترام العالم وتقديره. والخطأ الفادح الذي يقع فيه هؤلاء هو ذلك الربط بل والشرط إن جاز التعبير في ضرورة وجود وجوه معينة داخل البرلمان حتي يمكن الاقرار بنجاح الانتخابات, وهذه الشخصنة تتنافي مع السلوك الديمقراطي الذي يرتضي بالصندوق حكما طالما جاء معبرا بالفعل عن الإرادة الشعبية. ولسنا في حاجة للتذكير بأن التيار الإسلامي كان الأول في مراجعة المناهج الحاكمة لسلوكه واستطاع الانتقال بالقول والفعل من الحالة المحظورة والخطاب الناقم الساخط إلي مرحلة جديدة تماما في لغة الخطاب والعمل المسئول إلي درجة يجري اتهامه بأنه لا يأخذ المواقف الحاسمة ويتجه للتوافق حول القضايا المثارة, هذه المراجعة لم تقم بها بقية القوي والتيارات السياسية بالشكل الأمثل, وبالتالي جاءت النتائج لتواكب حكم الشعب بشأن القوي الأكثر تعبيرا عن الشارع خاصة إذا أضفنا العامل الحاسم في السيرة الذاتية وعدم وجود شبهات الفساد من أي نوع. وبدلا من الهجوم علي الشعب واختياراته خاصة ونحن علي أبواب الانتخابات الرئاسية, يظل من الأفضل لمن يجتهد في تحديد القوي المؤشرة والفاعلة علي المشهد السياسي, والتي يراها البعض في القائمين علي إدارة المرحلة الانتقالية للبلاد, والأحزاب الكبري المؤثرة ونفوذ خارجي يحاول الضغط علي مسار التجربة المصرية. بدلا من ذلك كله, فإن الأجدي والأصح أن يكون الرهان الصحيح والدائم علي هذا الشعب الذي استطاع وقت الثورة أن يحمي البلاد ويسهر علي تأمين الممتلكات العامة والخاصة باللجان الشعبية, ثم يخوض باقتدار تجربة الانتخابات البرلمانية, وها هو يسارع في دعم الاقتصاد بالمبادرات الشجاعة, هذا الشعب الذي يعرف طريقه جيدا لن يسمح لأحد مهما يكن أن يتدخل في اختيار الرئيس القادم. علينا أن نتعلم من الشعب والاقتداء بالملايين التي تسعي للبناء وليس لجمع الغنائم!