مرة اخري يثبت الشارع المصري انه يسبق الجميع في تمسكه بروح وأهداف ثورة يناير وقد تحدثنا أمس عن التزام الملايين التي خرجت للتحرير وبقية الميادين بسلمية الثورة وصورتها الحضارية الجديرة باحترام العالم وتقديره.. وكنا نتمني ان ترتفع القوي السياسية والأحزاب فوق خلافاتها خلال الحدث الأهم الذي يجمع بين المصريين ولسنا في حاجة للقول ان السبب الاساسي والأول في نجاح الثورة انها أزالت الفواصل بين كل شرائح المجتمع وجعلت منهم سلاحا بشريا هائلا لا يمكن تجاوزه أو التصدي له.. السبب في هذا الحديث هو ماصدر عن بعض القوي والاحزاب من توجهات وتصريحات وآراء عبرت عن نفسها من خلال التغطية المباشرة للمسيرات والمظاهرات الضخمة التي انطلقت في كل مكان بعفوية وتلقائية لامكان فيها للمسمي الحزبي ايا كان ولكن التغطية في بعض الصحف والفضائيات المنتمية لتيارات وأحزاب معينة جاءت بهدف واحد وواضح هو تصفية الحسابات الانتخابية والتركيز علي مهاجمة فريق بعينه وتحميله اية تجاوزات واخطاء لاتقتصر علي مايجري في الميدان فحسب بل ويمتد الأمر الي الساحة السياسية بكاملها.. والمشكلة الكبري التي تواجه هذا النوع من الممارسة السياسية والاعلامية انها تخالف الحقيقة الثابتة التي تؤكد ان الوعي الشعبي لم يعد كما كان في السنوات الماضية قابلا لمجرد الصمت تجاه اية محاولات للتضليل والتلوين.. وهذا الوعي هو الذي اختار نوابه في مجلس الشعب ويستفزه كثيرا من يتحدث عن تلميحات وشكوك من شأنها تشويه التجربة الديمقراطية التي نالت إشادة وإعجاب العالم اجمع.. وبصورة اوضح نقول ان تركيز بعض الاحزاب والقوي السياسية علي مهاجمة الآخرين لن يعود بالفائدة عليها والاجدي ان تبادر قبل غيرها الي احترام عقل المواطن واختياراته وطرح البدائل بصورة عاقلة ومحترمة حتي تنال دعمه وتأييده.. انني لا أدافع عن فصيل معين ولا أنتمي لأي حزب ولكن مناسبة بمثل هذا الحدث التاريخي والحضور الجماهيري الحاشد كانت تستدعي استدعاء روح التوحيد والقيم والمعاني النبيلة التي جمعت بين المصريين في ثورة يناير خاصة وان المطلب الاساسي الآن هو استكمال تحقيق اهداف الثورة غير منقوصة حتي يبدأ الانطلاق نحو المستقبل..