محطة جديدة للتجربة الديمقراطية ينبغي أن تأتي علي نفس المنوال والمستوي الجماهيري الذي حظيت به انتخابات مجلس الشعب. وبصرف النظر عن الجدل المثار حول الإبقاء علي مجلس الشوري من عدمه, فإن الانتخابات غدا تمثل اختبارا مهما علي طريق استكمال المؤسسات الدستورية والانتهاء من المرحلة الانتقالية, تمهيدا لوضع الدستور وإجراء الانتخابات الرئاسية. والمعني الأهم الذي يجب التعامل معه بأقصي درجات الانتباه واليقظة, أن الإقبال الجماهيري الكبير علي صناديق الاقتراع في كل استحقاق انتخابي, يؤكد أن الشعب وحده هو صاحب القرار, وأن الزمن الذي كانت المراهنة فيه علي استغلال حالة الإحباط وعدم الذهاب للمشاركة قد انتهي للأبد. أما مصير مجلس الشوري عقب انتخابه فذلك متروك لقرار مستقبلي يجري التوافق حوله حسبما تقرر القوي السياسية, وفي ضوء الشكل النهائي للنظام السياسي الجديد, كما سينص عليه الدستورالقادم. لذلك تبقي الدعوة قائمة بضرورة المشاركة الجماهيرية وسط اهتمام إعلامي لا يقل بحال من الأحوال عما كان عليه في انتخابات مجلس الشعب. والأمر المؤكد أن نسبة تمثيل الأحزاب في مجلس الشوري سوف تحسم وإلي حد بعيد الخريطة الساسية للسنوات المقبلة, وكذلك سوف تضع النقاط فوق الحروف بالنسبة للتساؤلات المثارة حول الأغلبية الحالية للتيار الإسلامي في مجلس الشعب.. وهل يتكرر ذلك في الشوري أم أن هناك تغييرا نتيجة تعرض الأحزاب الإسلامية لهجوم منظم ومتواصل من بقية التيارات الباحثة عن مكان لها في الشارع المصري. ولعلنا لا نبالغ في التعبير عن الخشية من تعمد تلك التيارات الضعيفة التعتيم علي هذه الانتخابات بهدف صرف انتباه الجماهير عنها حتي تزداد فرصتها إن جاءت نسبة التصويت أقل مما حدث في الانتخابات السابقة. هذا التنافس الحزبي ووسائله المشروعة وغير المشروعة تستدعي من الرأي العام التعامل مع انتخابات الشوري بما تستحقه من أهمية قصوي.. وحتي نثبت للداخل والخارج أن الشعب قد تغير بالفعل, وأن الانتخابات أيا كانت ستظل مرهونة نتائجها بالشريحة الأكبر من المواطنين, وحتي تظل معبرة عن الإرادة الشعبية.