أسباب متعددة تدعونا للانتباه للمرحلة الثالثة من الانتخابات البرلمانية والتي تجري هذا الأسبوع, السبب الأول هو ضرورة أن تكون هذه المرحلة مسك الختام لأول انتخابات بعد الثورة, وبكل ما شهدته خلال المرحلتين الأولي والثانية من إقبال جماهيري غير مسبوق يضاهي ما يحدث في أعرق المجتمعات الديمقراطية, وأيضا في الأجواء الإيجابية التي جرت فيها ونالت إشادة دولية علي مختلف الأصعدة. السبب الثاني الذي يدعونا للانتباه هو تزامن تلك المرحلة مع عودة المحاكمات وأهمها بالطبع محاكمة مبارك التي تجذب اهتمام الرأي العام في الداخل والخارج, وسوف تستأنف جلساتها الاثنين وقبل يوم واحد من انتخابات المرحلة الثالثة. والمطلوب من وسائل الإعلام والنخبة, التركيز علي الدعوة للمشاركة الشعبية في الانتخابات وعدم تجاهل الحدث الديمقراطي الأهم لحاضر الوطن ومستقبله. أما السبب الثالث, فهو الخشية من إحساس زائف بضمان النتائج في ضوء ما حدث في الجولتين السابقتين, وهذا الإحساس قد يدفع الأحزاب الفائزة إلي التراخي, في حين يتسرب اليأس والإحباط إلي الأحزاب الخاسرة والصغيرة. ولعلنا نضيف سببا رابعا له صلة, حيث نعاني عادة عقدة مصرية تجعلنا لا نكمل اللمسة الأخيرة بنفس القوة والحيوية, التي نبدأ بها. وهذه العقدة تبدو واضحة وجلية في الكثير من جوانب حياتنا, ولكننا نتطلع إلي التخلص منها, وأن تمثل الانتخابات البرلمانية بكل ما تحمله من أهمية ورمزية تاريخية بداية جديدة وحقيقية للسلوك الإيجابي والمشاركة الفاعلة في البناء والنهضة المنشودة. علينا بالفعل أن نجعل من المرحلة الثالثة مناسبة تتوج فيها تجربة ديمقراطية سوف يسجلها التاريخ وتفخر بها الأجيال, لأنها ترسي قواعد الدولة المدنية القائمة علي التعددية والتداول السلمي للسلطة من خلال الانتخابات وصناديق الاقتراع, وهي كما نقول دائما الطريق الشرعي الوحيد لتحقيق الإرادة الشعبية.