الساحة مفتوحة أمام مختلف الآراء والاجتهادات مهما تبلغ من غرابة تدعو للحيرة والدهشة, وهذه حقيقة نعترف بها ونتعامل معها يوميا لفرز البضائع السياسية التي تنتجها القوي والأحزاب من أقصي اليمين لاقصي اليسار. ولكن الحال يختلف بالنسبة لبعض الدعابات الثقيلة المرفوضة ليس لانها تتناول تيارا سياسيا معينا, وإنما لإساءتها المباشرة للشعب بأكمله.. هكذا مرة واحدة! خرج إلينا عبر واحدة من البرامج الفضائية من يطرح فكرة جديدة من نوعها تماما, قال: إن الشعب قرر توريط التيار الاسلامي فأعطاه صوته حتي يتحمل مرارة المسئولية في المرحلة القادمة! والذي حدث في انتخابات مجلس الشعب بمراحلها الثلاث من وجهة نظره هو انتقام من الرأي العام تجاه هذه الأحزاب والقوي الاسلامية حتي تأتي إلي السلطة, ومن ثم تخرج المظاهرات والمليونيات المطالبة بمحاسبتها وإبعادها. وبطبيعة الحال نحن لاندافع عن هذه الأحزاب والتيارات لأنها تملك ذلك وحدها, ولكننا نتحدث عن رؤية بالغة الغرابة تجعل من الشعب متآمرا علي من يصوت لصالحه في الانتخابات. أنها أشبه بنكتة سياسية تسيء لصاحبها فضلا عما تحمله من إهانة واستهانة بتجربة ديمقراطية يجب أن نعتز ونفتخر بها بصرف النظر عن من فازو من خسر. ولن تحاول الاستفاضة في شرح الأسباب التي تجعلنا نأخذ هذا الكلام علي أنه نكتة فاشلة لن تضحك أحدا فهل من المعقول أن يتفق أكثر من ثلاثين مليونا الذين شاركوا في العملية الانتخابية علي مثل هذه المؤامرة التي يتحدث عنها صاحب النكتة؟ لماذا يصر البعض علي أن يظل أسيرا لهذا النوع من التحليل الذي ساد حياتنا لعقود من الزمان ويجعل من الشعب نكتة, ومن المؤامرات الإطار النهائي الذي تدور حوله كل الأحداث. كان الأجدي أن يحاول صاحب النكتة دراسة الأسباب الحقيقية التي أدت لنجاح التيار الإسلامي, وفشل الحزب الذي ينتمي إليه, علي الرغم من فرصة نادرة اتيحت لهذه الحزب كي يكون أحد البدائل القوية المطروحة أمام الناخبين. مراجعة الذات, وتصويب المسار, والاعتراف بالخطأ كلها عناصر العلاج والتقدم, والشعب يحكم ولكنه لايتآمر علي أحد!! [email protected]