يطرح الفوز الكبير الذي حققه حزب الحرية والعدالة الذي يطلق عليه الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين, ولا أعرف كيف تسامح الإخوان مع انتشار هذا التعريف كونه يشير إلي وجود ذراع أخري غير سياسية. طرح هذا الفوز الكثير من التساؤلات والمخاوف في الساحة السياسية المصرية التي تبدأ أولي خطواتها باتجاه الديمقراطية. ولعل أهم الأسئلة التي تشغل الساحة السياسية حاليا: ماذا سيفعل الإخوان المسلمين بتلك الأغلبية الكبيرة في مجلس الشعب؟ هل سيتعاملون علي نحو يماثل ما كان يفعله الحزب الوطني السابق, أم ينجح الإخوان في تقديم أمر آخر يبعث برسائل طمأنة للقوي السياسية والمصريين عموما؟ هل سيتحالف في المجلس مع قوي ليبرالية أو مدنية أم يتحالف مع حزب النور السلفي؟. فالتحالف مع حزب النور سيعني بشكل أو بآخر أن الإخوان عازمون علي المضي قدما في التأسيس لدولة إسلامية بصرف النظر عما يثيره ذلك من مخاوف داخلية أو خارجية. وبعيدا عن المخاوف الداخلية من فوز الإسلاميين, فان هناك مخاوف كثيرة يبديها الخارج ازاء ما ستئول إليه التجربة الديمقراطية الوليدة في مصر. وما يهمنا من الخارج بالأساس هو موقف الولاياتالمتحدة. فتجربة الولاياتالمتحدة مع فوز حماس في الأراضي المحتلةالفلسطينية بالانتخابات مازالت ماثلة في الأذهان, فكيف يمكن تصور تعامل الولاياتالمتحدة مع فوز الإخوان في مصر؟ لقد سارعت الولاياتالمتحدة بالتواصل مع الإخوان, وخرجت الكثير من التسريبات أو الأخبار التي تشير إلي أن محاولة الولاياتالمتحدة التواصل مع الإخوان لن تكون بالأمر الصعب, إذ سبق للطرفين أن تواصلا حتي في ظل النظام السابق, لاسيما أثناء وجودهم الأكبر في مجلس الشعب المصري في عام2005, بل هناك من يؤكد أن الرئيس باراك أوباما قد طلب ضرورة حضور أعضاء من الإخوان لخطابه الذي ألقاه في جامعة القاهرة, ورفض الرئيس مبارك ذلك ولكنه استجاب تحت ضغط الإدارة الأمريكية. وفي هذا السياق صرح مسئول أمريكي في نهاية يونيو الماضي بأن الولاياتالمتحدة قررت استئناف الاتصالات مع جماعة الإخوان المسلمين ليس علي مستوي القيادات فقط بل علي مستوي الكوادر الأقل أهمية, كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز قبل أيام أن الإدارة الأمريكية بدأت في مراجعة موقفها المتمثل في عدم الثقة والعداء تجاه الإخوان المسلمين والذي ظل الملمح الأساسي للسياسة الأمريكية تجاه الإخوان طيلة الأعوام الماضية, والتي ربما كانت سببا في قبول واشنطن فكرة الفزاعة الإسلامية التي طالما احتمي بها النظام السابق, ورأت الصحيفة أن السياسة الجديدة التي جاءت في إطارها اللقاءات الأمريكية في القاهرة مع المرشد العام للإخوان تعد تحولا تاريخيا في السياسة الأمريكية, وأن ذلك يعد اعترافا صريحا من الولاياتالمتحدة بالواقع السياسي الذي يتغير علي الأرض في مصر بفوز الإسلاميين. وفيما يعد استجابة لتلك الخطوة أعلن المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان الدكتور محمود غزلان أن مبدأ الحوار مع الجميع مبدأ ثابت من مبادئ الإخوان وأن الإخوان مستعدون للحوار مع الإدارة الأمريكية في إطار من الاحترام المتبادل, معتبرا أن رغبة الولاياتالمتحدة في التواصل مع الإخوان هي أحد مكتسبات ثورة يناير. وعلي الرغم من أهمية رغبة الطرفين في اتمام التواصل بينهما, فإن موقف طرف ثلث سيكون أساسيا في تحديد الشكل الذي سيأخذه هذا التواصل والمدي الذي يمكن أن يصل إليه, إذ سيظل علي الولاياتالمتحدة أن تتعامل مع القلق الإسرائيلي من التواصل الأمريكي الإخواني. فإسرائيل ظلت دوما عنصرا دائما في معادلة العلاقات الأمريكية العربية بما جعل منها علاقة ثلاثية الأبعاد فإسرائيل قلقة الآن من أن يعني الاعتراف الامريكي بالإخوان في مصر اعترافا أيضا بحركة حماس أو علي الأقل احداث نوع من التقارب معها قد يكون علي حساب المصالح الإسرائيلية بشكل أو بآخر. خاصة وأن العلاقة بين إخوان مصر وإخوان فلسطين( حماس) علاقة قوية ولا يمكن توقع أن يتخلي الإخوان في مصر عن تلك العلاقة وعن سعيهم للتأثير في ملف التسوية الفلسطينية الإسرائيلية عبر ذراعها الفلسطينية( حماس). [email protected]