هناك من يتعامل مع نتائج المرحلة الأولي علي أنها تحسم تشكيل البرلمان المقبل بصورة نهائية, وهذا خطأ فادح قد تقع فيه الاحزاب التي احرزت تقدما فتدفع الثمن غاليا في المرحلتين الثانية والثالثة. علينا اعتبار النتائج علي انها مؤشرات مهمة لاتجاهات الناخب المصري مع ضرورة الأخذ في الاعتبار اختلاف طبيعة وثقافة المحافظات التي تختلف عن القاهرة والإسكندرية والأقصر وبقية مناطق المرحلة الأولي. ويمكننا أيضا أن نضيف أن الشارع يرصد بكثير من الوعي واليقظة ردود الأفعال عند كل القوي السياسية المتنافسة ولا نحتاج للتأكيد أن الجماهير ترفض ما صدر من تصريحات تمتزج بحالة من الغرور المرفوض والاستهانة بالمنافسين والنظر إلي الفوز علي أنه كان مضمونا ومتوقعا. تسع محافظات لا تلغي النسبة الأكبر المقبلة. وفي كل الاحوال فإن الفوز الكبير يعود في المقام الأول للملايين التي صنعت وتصنع المشهد الانتخابي الرائع ولولاها لما سارت الأمور علي ما هي عليه ولما انتزعت اعجاب العالم واشادته, والأهم من ذلك كله ان هذه الملايين والنسبة غير المسبوقة من المشاركة الشعبية هي التي تضفي الشرعية علي البرلمان ونوابه. والمعني الذي يجب ألا يغيب عن الاذهان أن ما نحن فيه ليست أبدا انتخابات تشريعية عادية تنتهي كالعادة بفوز البعض وهزيمة البعض الآخر, لكنها أول انتخابات بعد ثورة شعبية اطاحت بالنظام السابق, وتضع حجر الاساس لبناء جديد ينبغي أن يقوم علي رؤية مختلفة لا مكان فيها للممارسات القديمة التي كانت تعتمد علي الاحتكار والثقة الزائدة والغرور القاتل. وبدلا من التسرع في تصريحات ومواقف يساء فهمها فإن المسئولية الأكبر ستكون علي الاحزاب الفائزة لترسخ القيم الديمقراطية والقدوة الحسنة في اظهار روح التعاون مع كل القوي السياسية من أجل تحقيق الاحلام المشروعة للوطن والنهوض به حاضرا ومستقبلا. وبدون التقليل من حجم الفوز ودلالاته وابعاده في الداخل والخارج بالنظر إلي طبيعة مؤشرات المرحلة الأولي إلا أن الحالة المصرية الراهنة تستدعي من الجميع اعطاء الاولوية المطلقة للتغلب علي العقبات والتحديات التي تواجه مصر في مرحلتها الانتقالية حتي استكمال الانتخابات البرلمانية ومن بعدها الرئاسية ليكون الوقت قد حان للانطلاق في خطط البناء والتعمير وتعويض ما فات. إياكم والغرور فإن فيه سم قاتل والمعركة لا تزال علي أشدها ومصر في النهاية هي الفائزة من اجواء الحرية والديمقراطية.