في مثل هذا اليوم قبل أسبوع فقط كان حديث العالم حول الانتخابات المصرية ونسبة الاقبال الكبير من المواطنين, ولكن الصورة تغيرت تماما في جولة الإعادة وغابت المشاهد واللقطات التي تصدرت الصحف ونشرات الأخبار قبل أيام قليلة. البعض يري فيما يحدث مسألة طبيعية واعتيادية تصاحب جولات الإعادة, إلا أن الأجواء الاستثنائية التي تحيط بأول انتخابات برلمانية تجري بعد الثورة والمؤشرات المهمة التي أسفرت عنها نتائج المرحلة الأولي والتفوق الواضح للتيار الإسلامي يجعل من عدم الاقبال أمس اشارة سلبية ينبغي الانتباه لها والتعامل مع آثارها علي المرحلتين الثانية والثالثة. الخوف كل الخوف أن يحدث ما تحدثنا عنه أمس من احساس عام زائف بأن هذه الانتخابات باتت محسومة وأن الصوت الواحد لن يغير من الفائزين, والأغلبية القادمة كما تتحدث عنهم وسائل الإعلام وسط حالة من الجدل والصخب الشديدين.. وبصراحة أكبر نقول: ان النقاش الساخن والحديث المبكر عن اكتساح التيار الاسلامي للانتخابات أسهم وإلي حد كبير في ردود فعل سلبية لدي الناخبين والرأي العام, والتركيز لم يعد علي العملية الانتخابية والمنافسة بين الأحزاب والبرامج المطروحة, وإنما تحول لما هو بعد الانتخابات وكيف سيأتي أداء البرلمان الجديد؟ وهل سيعبر عن أحلام وتطلعات الشعب وهمومه؟ أم سيكون الواجهة للتيارات الفائزة والتي تختلف فيما بينها إلي درجة تثير الشكوك في القدرة علي الانجاز وتحقيق المهام الصعبة التي تنتظر نواب الشعب؟ القفز إلي النتائج وعدم انتظار بقية المحافظات كان متعمدا من الأطراف المتنافسة وان اختلفت الأهداف والمقاصد, فهو من ناحية التيار الاسلامي يبث الثقة في نفوس المؤيدين, وان كان من ناحية أخري يخلق استنفارا لدي المعارضين لهذا التيار إما بالاحجام عن المشاركة حتي لايكون الفوز بالأغلبية الكاسحة من المصريين أو بعمليات الحشد التي تتخذ ذات المنطلق الديني لتأييد الطرف الآخر. والانذار هنا من الابتعاد عن المشاركة الشعبية الواسعة, فتظل النتيجة القادمة مرتبطة بحجم الحشد الذي تستطيعه الاحزاب والائتلافات, في حين تفضل الغالبية التصويت السلبي, أو عدم المشاركة احتجاجا علي المشهد الانتخابي, واستجابة للفزاعات التي تبثها وسائل الإعلام وتخرج بالانتخابات عن طريقها الصحيح! [email protected]