مشاعر الحزن والقلق التي تسيطر علي الشعب المصري بسبب أحداث ماسبيرو الدامية لا يمكن أن تخفي حقيقة الهزيمة الجديدة للمتربصين بمسيرة هذا الوطن, لأن المخطط الأسود كان يستهدف إشعال الحرب الأهلية.. ولا أقل من ذلك!! نعم ليست مبالغة علي الإطلاق في أن تسعي القوي الغاضبة والرافضة للتوجه المصري الجاد نحو إرساء الدولة الديمقراطية الحديثة لإجهاض وعرقلة المرحلة الانتقالية الحاسمة ليس فقط رفضا لثورة أصبحت نموذجا للشعوب الأخري, وإنما لأن مصر القوية سياسيا واقتصاديا ستغير الكثير من موازين القوي في المنطقة والعالم, استنادا الي العوامل والقدرات التي تعطي للدور المصري مكانة فاعلة ومؤثرة في دائرة صناعة القرار العالمي وهي الدائرة التي تشهد في الأخري متغيرات جذرية تعيد رسم وصياغة العالم الجديد وفق رؤية الشعوب الباحثة عن حريتها وكرامتها بعيدا عن الفساد السياسي والمالي لأنظمة تتهاوي عروشها تباعا. مصر القادمة تخيف الكثير من القوي الاقليمية والدولية وهو ما يفسر تلك الحملات الشرسة ومحاولات الاختراق المتواصلة سعيا لأحداث الفتنة والفوضي, بحيث تلحق مصر بالدول التي اصبحت ساحات مفتوحة للصراعات والخلافات بين ابنائها وعلي خلفية عرقية وطائفية تحرق الأخضر واليابس, وتطمس هوية شعوبها. ولكننا نقول دائما: إن مصر لن تكون أبدا مثل تلك التجارب وهي ليست أحاسيس وأمنيات ولكنها حقائق التاريخ القديم والحديث حينما فشلت عمليات الغزو المباشر والحروب العدوانية في أن يتخلي هذا الشعب عن وطنيته الفريدة وخصائص وحدته الوطنية.. وبدون التقليل من الأخطار القائمة والتي قد تحملها الأيام المقبلة عندما تبدأ الانتخابات البرلمانية, فإننا نقول بكل الثقة إن ما حدث في ماسبيرو يعطينا الطمأنينة بوعي الشعب وصلابته وسلامة بنيانه الداخلي, لأن ساعات الخطر وما صاحبتها من عمليات تحريض جاء بعضها بغير قصد من بعض وسائل الإعلام, إلا أن الشارع المصري ظل متماسكا ورافضا للانجراف نحو الفتنة والفوضي. ولعلها بكل تأكيد أكبر هزيمة تلحق بالمتربصين منذ قيام الثورة وستكون سببا إضافيا ودافعا قويا للإسراع في إتمام مرحلة التحول الديمقراطي, ولتكن الانتخابات المقبلة درسا يبهر العالم ويظهر صورة مصر الحقيقية. muradezzelarab@hotmailcom