علي غرار المناورات العسكرية التي تعلن طهران من خلالها عن أسحلتها الجديدة.. جاءت المناورة السياسية هذه المرة في دمشق, حيث تعمد أحمدي نجاد الالتقاء مع بشار الأسد وحسن نصر الله في مباحثات معلنة استمرت لأكثر من ثلاث ساعات ونصف الساعة, كما التقي الرئيس الإيراني بقادة الفصائل الفلسطينية التي تتخذ من دمشق مقرا لها وفي مقدمتها بطبيعة الحال حركة حماس. هذا الاستعراض للقوة السياسية والمدي الذي وصل إليه النفوذ الإيراني له أهدافه المباشرة لا تقتصر فقط علي كلمات السخرية التي طالت وزيرة الخارجية الأمريكية بسبب تصريحات سابقة لها حينما طالبت دمشق بالابتعاد عن طهران, وانما تصل هذه الأهداف إلي محاولة رسم خريطة سياسية جديدة للمنطقة, وفقا للرؤية الإيرانية التي عبر عنها نجاد أكثر من مرة, بدعوة أمريكا إلي الرحيل حتي تبسط إيران نفوذها علي منطقة الخليج, بالإضافة إلي سوريا ولبنان. وهذا لا يهدف بالطبع إلي بقاء القوات الأمريكية في العراق.. ولكن الاختلاف فقط علي الإسراع في الانسحاب دون أن تتعافي بلاد الرافدين وتكون قادرة علي مواجهة النفوذ الإيراني. والملاحظة الجديرة بالرصد.. تلك الوتيرة المتسارعة التي يحاول من خلالها أحمدي نجاد إعلان تشدده وإظهار نفوذه الخارجي, وهو في ذلك يرسل رسالتين واضحتين.. الأولي للداخل لتوجيه الضربة القاضية ضد معارضيه, باعتبار أنه يحمل أحلام وطموحات الإيرانيين, والقادر علي التصدي لقوي الاستكبار حسب تعبيره والرسالة الثانية إلي واشنطن التي تجري بدورها مراجعة نهائية لطبيعة التعامل مع الملف النووي والنفوذ المتصاعد لإيران. ويبدو جليا أن الرسالة الثانية قد وصلت بالفعل حين سارعت هيلاري كلينتون التي تعرضت للسخرية إلي تأكيد الخيار السلمي والدبلوماسي في التعامل مع الملف الإيراني. وهكذا يكون أحمدي نجاد قد حقق أهدافه كاملة من زيارة دمشق.. وبات علي أوباما البحث عن أفضل وسيلة إعلامية حتي يعلن فشله مع إيران كما حدث مع القضية الفلسطينية. [email protected]