تكملة لحديثنا الأسبوع الفائت عن رواية جن الحافي التي نقلها إلي العربية الأستاذ ماهر الشربيني, ونشرتها سنابل للكتاب, بالتعاون مع مؤسسة اليابان الثقافية التي تبنت بعيد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية وتحطم قوتها العسكرية, نشر فكرة السلام واحترام الآخر, فلم تعد الأفكار الاستعمارية والتعالي علي أبناء الدول القريبة في شرق آسيا تسيطر علي رءوس اليابانيين وهم في ذلك تخلوا عن وهم الاعتقاد أن السماء ترعي وتبارك حروبهم تلك, قطع الرءوس, والاتجار بالبشر, وإجبارهم علي الانضمام للصفوف المحاربة الأولي. إن الرواية تقدم ذلك في صورة عمل ثقافي مباشر في لغته وحواره, لكنها تتماس مع ما يحدث الآن في منطقتنا العربية, فداعش وكل الفصائل التي تحارب ضد كيان الشعب العربي في العراقوسوريا, ثم اليمن ثم ليبيا, وحتي داخل دول الخليج, تنهج النهج نفسه في نهب الموارد, وبيع البشر واستغلالهم في وحشية ليس لها مثيل أو مبرر أخلاقي أو ديني إلا الادعاء بأن رب السماء يبارك هذه الأفعال, وأن سرقة موارد هذه الشعوب, وبحماية مباشرة من ذراع حلف الناتو العسكري, ممثلا في تركيا( الإسلامية), وبيعها بأبخس الأثمان لتمويل شراء السلاح والقتل, وسيارات الدفع الرباعي( ماركة تويوتا اليابانية), ما هو إلا تكرار فج ومريع لكل صور الحرب التي خاضتها اليابان وخرجت منها مهزومة ومخربة ومضروبة بكل سلاح ونار ودمار وعار, ذلك لأن ممارستها اللاإنسانية واللاأخلاقية لا يمكن أن تتحالف معها السماء أو أي دين أو أي بشر لنصرتها, فقتل الشعب العربي البريء في سورياوالعراق, والتهجير القسري, وجذب عدد من المرتزقة من أوروبا, وحرق الأرض حتي لا تستطيع هذه الدول والأماكن القيام من عثرتها ولو بعد عشرين عاما, مثلما فعلت اليابان الحديثة. الموت يطل بأبطاله وبشاعته, والحريق يطول حتي المعارض لتلك الوحشية, والذي سلبته السلطة القدرة علي إتيان أي فعل ايجابي أو مقاومة الطوفان فحتي ابنه الكبير ينضم لصفوف الجيش الياباني المحارب في الجزر قبل ميعاد تجنيده الاجباري بعامين حتي يتجنب وصف عائلته وأبيه بالخائن, لاحظ عبارة الولاء المطلق لقادتهم وهو نفس طريقة عمل التنظيمات الإرهابية التي تسمي نفسها النصرة أو داعش والحر وكلها تقاتل بهدف واحد محو الهوية العربية للأرض والسكان بقتل أبناء جلدتهم وتخريب الأرض حتي لا تصلح لشيء وحتي تفجير الآثار والتاريخ محوهما من الذاكرة؟! الرواية ولاشك عمل له قيمته ويتجاوز محنة اليابان الحضارية مع ماحولها من العالم إلي نقل التجربة الفاجعة المميتة وبتغيير العقلية التي تحكم علي الأمور, تغير الجلد ونوع الثقافة السائد وتنقيته من بذور العنف والطاعة بالولاء المطلق وبلا نقاش أو حوار منطقي فمازال عدد كبير من الناس لايناقشون فكر الحركات الإرهابية التي تعمل ضد أممهم وتقتل شعوبهم وتدمر مدنهم لمجرد أن هؤلاء يدعون أنهم اسلاميون. ولقد اختار الكاتب ناكازاوا كيجي أن يصل بالرواية لموت ابطالها في الحرب والدمار والنووي الذي لم ينج منه أحد, ان صفحة الحاضر التهمتها النيران وفات أو ان الحكمة وصار لابد من ابادة هؤلاء؟!, ماذا تفعل للثقافة, الرواية لدي امة متحضرة مثل اليابان الآن, انها تكشف زيف التستر بإرادة القدر والتوجيه الديني أو الإلهي, فالشر والحرق والدمار من نفس ذات الإنسان, وكما خرجت الأمم العظيمة من رحم الحروب مولودا جديدا اقوي, طهرته الآلام وانتفض كطائر الفينق والعنقاء من رماد الحريق, تبعث الروح مجددا في شرايين العربية مع أملي ان تكون الأسطورة فيها من التصدق اشياء ويكون هولاء الارهابيون نار وحطب جهنم التي أشعلوها فأكلتهم والنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.