بدأ الاستفتاء بالأمس في جنوب السودان علي حق تقرير المصير, إما أن يظل السودان دولة واحدة أو يصبح سودانين, وهو الحدث المفصلي والمصيري في تاريخ السودان وتاريخ الأمة العربية وإفريقيا, يستمر الاستفتاء لأسبوع, وينتظر العالم النتيجة المحسومة و المعروفة مسبقا, فالسودان يتجه إلي أن يصبح سودانين شمالا وجنوبا, سودان يتكلم العربية, والآخر يتخذ الانجليزية لغة رسمية له. توقعت هذا من فترة طويلة, عندما ذهبت إلي جوبا لإجراء حوار مع السيد سيلفا كير, وكان اتفاقي معه أن يتحدث بالعربية لأنه يتحدث إلي شعب مصر, ولكن ما إن بدأت الأسئلة باللغة العربية, حتي وجدته يجيب باللغة الإنجليزية, وهكذا استمر الحوار, أسأل بالعربية التي يجيدها جيدا ويجيب باللغة الإنجليزية, التي يري أنها اللغة الرسمية للجنوب, وقال لي: عندما آتي إلي مصر سوف أجري معك حوارا باللغة العربية, وبدا لي وقتها أن الانفصال قادم لا ريب. بعد55 عاما من العيش المشترك مع شمال السودان ينهي9,3 مليون ناخب جنوبي ابتداء من صباح أمس في ثلاثة آلاف مركز اقتراع هذا التاريخ, بطاقات التصويت صممت باللغتين العربية والانجليزية, ترمز اليد المفتوحة إلي الانفصال في حين ترمز اليدان المتشابكتان إلي الوحدة, لكن يبدو أن أهل الجنوب سيختارون اليد الواحدة المفتوحة. أيا كانت نتيجة الاستفتاء الرسمية فمصر والمصريون مع السودان والسودانيين, سواء كان بلدا واحدا أو بلدين, سواء اختاروا الانفصال أو الوحدة, وعلاقة مصر بأهل الجنوب علاقة تاريخية وقديمة منذ أيام عبد الناصر, وهي العلاقة التي استمرت مع الوقت ونمت وأصبحت هناك استثمارات مصرية ومدارس ومستشفيات, ستظل مصر مع أهل الجنوب وأهل الشمال, مع أهل السودان سواء كان دولة واحدة أو دولتين.