أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤخراً أن معدل التضخم في مصر بلغ 12.2% سنوياً. والتضخم مرض عضال يصيب جسد الاقتصاد الوطني ويجهض جهود التنمية الاقتصادية ويأتي علي ثمار النمو الاقتصادي. فما هي دلالات هذا الرقم للتضخم وما هي تداعياته علي الأداء الاقتصادي وما هي آثاره علي حياة الناس ومعيشتهم. عندما يعلن المسئولون أنه تم تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي وكان هذا النمو يقل عن معدل التضخم بالأسعار الجارية فمع هذا المعدل من التضخم يكون هناك انخفاضا حقيقيا في الناتج المحلي الإجمالي أي أن النمو الاقتصادي سالب فإن الاقتصاد الوطني ينكمش بهذه النسبة، وإذا ما صرحوا بأنهم يهدفون إلي تحقيق معدل نمو اقتصادي وكان هذا المعدل يقل عن معدل التضخم فإن ذلك يعني انخفاض في النمو الاقتصادي. وتصبح تصريحات المسئولين مضللة للرأي العام. ويترتب علي ذلك أيضاً انخفاض وإنكماش في متوسط دخل الفرد وقوته الشرائية وانخفاضاً في مستوي معيشته. وفي الحقيقة أنه في ظل هذا المعدل من التضخم فإن هناك أربعة فئات في المجتمع تكون أكثر الفئات تعاسة بسبب التخضم حيث تنخفض دخولهم الحقيقية وقوتها الشرائية ومستوي معيشتهم. وهذه الفئات هي أصحاب الأجور وأصحاب المعاشات وأصحاب الإيجارات الثابتة والمستثمرين في البورصة من حملة السندات. وكذلك سوف يضار أصحاب الودائع في البنوك إذا كان معدل التضخم أكبر من معدل الفائدة علي الودائع حيث تنخفض القيمة الحقيقية لهذه الودائع وقوتها الشرائية بفعل التضخم. وكذلك سوف تتأثر البنوك سلباً بفعل التضخم إذا كان معدل التضخم أكبر من معدل الفائدة علي القروض. وفي مجال التجارة الخارجية سوف يجعل التضخم الصادرات أعلي سعراً من نظائرها في السوق الخارجية ويجعل الواردات أقل سعراً من بدائلها في السوق المحلي مما يؤثر سلباً علي ميزان المدفوعات. كما يؤثر التضخم سلباً علي سعر صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية فتنخفض قيمتها أمام تلك العملات والذي يخلق بدوره حلقة جهنمية من ارتفاعات الأسعار. ولا يظن حملة الأسهم في البورصة أنهم بمنأي عن هذه التداعيات فسوف يؤدي التضخم إلي انخفاض الأرباح الحقيقية الموزعة علي هذه الأسهم وكذلك انخفاض القيمة الحقيقية للمكاسب الرأسمالية من بيع وشراء الأسهم. إذا كان معدل التضخم أكبر من معدل الأرباح والمكاسب. لذلك وفي ضوء العرض السابق فإنه يجب علي المسئولين مراعاة هذه الحقائق في تصريحاتهم بالنسبة للأداء الاقتصادي حتي لا تأتي هذه التصريحات مضللة للرأي العام. كذلك يجب عل المواطنين قراءة هذه التصريحات جيداً في ضوء معدلات التضخم المعلنة حتي يكونوا علي بينة بالأداء الاقتصادي الحقيقي وليس المعلن أو الظاهري حيث يؤثر هذا الأداء بتفاعله مع التضخم علي حياة الناس ومعيشتهم ومستقبلهم. وفي الخاتمة أود أن أشير إلي أن معدل التضخم البالغ 12.2% يفوق أعلي معدلات النمو الاقتصادي في العالم ويذهب بجهود التنمية الاقتصادية ومحاولات الإصلاح الاقتصادي لذلك تعمل كل دول العالم علي مكافحة هذا المرض اللعين وكبح جماحه حتي تجني الشعوب ثمار النمو الاقتصادي وتتذوق طعم الرفاهية الاقتصادية.