هذا المفهوم بدأ في الاستقرار, فحتي لو كانت أزمة تشكيل الحكومة في العراق قد استمرت3 سنوات كاملة, لم تكن العملية لتصل في النهاية إلي ما وصلت إليه, ليس لأن هناك حتمية من نوع ما كما كان الماركسيون القدامي يقولون أو أن هناك قدرا أحمق الخطي, كما كان عبدالحليم حافظ يقرر, لكن لأن حالة العراق لا تحتمل إلا أن يتم اتباع تلك الطريقة في التعامل مع فكرة السلطة فيها, وهي بالمناسبة الطريقة المتبعة في لبنان, علي الرغم من أن هناك من لايزالون يرون أن هناك فارقا بين الحالتين. ان التعبير الرسمي عما جري في العراق هو أن صيغة مشاركة أو شراكة في السلطة قد تمت, أما التعبيرات غير الرسمية التي تحاول أن تصف ما جري, فإنها كثيرة, أهمها أن ما تم هو نوع من تقاسم السلطة, أو ربما المحاصصة السياسية بين أطراف مختلفة, يحكمها توازن الضعف, فلم يحصل أي منها علي أغلبية كاسحة تتيح له تولي مقاليد العراق وحده, ولم يكن ليتمكن من ذلك في ظل تركيبة العراق الجديد, ولا يمكن لأي من تلك الأطراف أيضا أن يدعي بأي صورة, أنه يمثل كل العراقيين, وبالتالي كان علي الجميع أن يكونوا عمليين. هل يتذكر أحد صيغة الحكم في لبنان؟.. فرئيس الجمهورية مسيحي ماروني, ورئيس مجلس النواب مسلم شيعي, ورئيس الوزراء مسلم سني, وحتي لا يعتقد الدكتور سليم العوا أن نظريته عن المجتمع المصري صحيحة, فإن تلك الصيغة تعبر عن طوائف وليس عن ديانات أو مذاهب, فكل هؤلاء لبنانيون لديهم مرجعية أقرب إلي القبيلة منها إلي الدين أو المذهب, وهو ما توضحه حالة العراق, فرئيس الجمهورية ظل كرديا( بصرف النظر عن كونه مسلما), ورئيس الوزراء ظل شيعيا, أما إياد علاوي, وهو ممثل نسبي للطائفة السنية, رغم أنه شيعي مدني, فإنه حصل علي مسئولية مجلس يتمتع بصلاحيات خاصة, تقول كتلته إنها يجب أن تقنن. المفهوم الذي يحل المشكلة في المجتمعات المنقسمة إذن هو تقاسم السلطة أو المحاصصة السياسية, والمثير أن الرئيس الأمريكي أوباما, وعددا كبيرا من الزعماء الأوروبيين الذين يعملون في نظم سياسية ليبرالية, لا تعرف الطوائف أو المذاهب, ولا تخلط الدين بالسياسة قد رحبوا بذلك, معتبرين أن ما حدث في العراق خطوة مهمة, وهي بالفعل مهمة, لكن علينا أن نبدأ البحث في مفاهيم جديدة للسياسة غير التي تعلمناها, أو التي نصفها بأنها تنتمي للديمقراطية الغربية, للتعامل مع الحالات الخاصة تحديدا. [email protected]