كشفت وثائق سرية لتنظيم الإخوان, حصل عليها المركز العربي للدراسات, عن أن التنظيم المحظور قانونا كان قد اتخذ قرارا في البداية بمقاطعة الانتخابات البرلمانية المقبلة, إلا أنه عاد ليقرر خوض الانتخابات بعد أن اكتشف قدر خسارته من المقاطعة, فضلا عن ارتباط التنظيم المحظور بأجندة خارجية, وبمصالح مع بعض الأطراف الإقليمية. وقال عبد الرحيم علي مدير المركز العربي للدراسات في حواره مع الأهرام المسائي إن الإخوان توهموا أنهم يمكنهم تدويل قضية الانتخابات المصرية بإثارة المشاكل حولها, كما أنهم يسعون لعرقلة تقدم أحزاب المعارضة المصرية في الحياة السياسية. وأكد عبد الرحيم أن تحركات الإخوان الأخيرة تكشف عن أن التنظيم لا يستهدف خوض الانتخابات في حد ذاتها, والسعي علي المنافسة علي المقاعد, بل إنه يستهدف إحداث بلبلة وفوضي عامة في مصر, ووصف ما يقوم به الإخوان استعدادا للانتخابات ب الخدمة مدفوعة الأجر, مشيرا إلي تلقي التنظيم مبلغا يزيد علي800 مليون جنيه من الخارج لتمويل الانتخابات.. فإلي نص الحوار: * تتحدث عن أجندة خارجية فرضت علي الإخوان خوض الانتخابات.. فما هي حدود هذه الأجندة؟ ** هناك تعاون وثيق الآن وقوي بين الإخوان وإيران, بدليل أن الإخوان تجاهلوا تماما إعدام أربعة من كوادرهم في إيران بعد موجة الاعتراضات التي قادتها المعارضة احتجاجا علي التلاعب في نتائج الانتخابات لصالح أحمدي نجاد, ولم يقم الإخوان بأي رد فعل علي ما حدث, رغم أنهم يملأون الدنيا ضجيجا إذا ما تم القبض علي أحد عناصرهم في أي مكان آخر, ولكن الإخوان صمتوا علي إعدام هؤلاء من أجل الحفاظ علي المصالح الخاصة التي تجمعهم مع نظام طهران. * ولكن ما المكاسب التي يمكن للإخوان الحصول عليها من هذا التقارب؟ ** لدينا وثيقة سرية للجنة السياسية للتنظيم المحظور, تنتمي لعام2009 وتكشف الوثيقة بوضوح عن أهداف تنظيم الإخوان في التقرب من إيران, وجاء في الوثيقة أنهم يفكرون في استغلال التخوف العالمي من التنامي الإيراني في المنطقة, وجاء في الوثيقة ما يوضح السياسة النفعية التي يتبعها الإخوان, واستغلال التخوف من أن يحدث تحالف بين الجماعات الإسلامية في الدول العربية, كما حدث بين طهران وحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين, وتوضح الوثيقة الإخوانية الصادرة عن القسم السياسي فيها عن أن الإخوان يمكن أن يلعبوا بتلك الورقة, ويعطوا اشارات بأنهم يمكن أن يتحالفوا مع إيران, ليفتحوا حوارا مع الغرب وأمريكا حتي يتم ابعادهم من التحالف مع إيران, ويهدف الإخوان من هذا الحوار مع الغرب إلي دفع الدول الغربية وأمريكا للضغط علي النظام في مصر من أجل مصالحة الإخوان واعطائهم فرصة للعمل السياسي مقابل ابعادهم عن إيران. * بدأ الإخوان الاستعداد للانتخابات بإعلان المقاطعة قبل أن يتراجعوا عنها.. فما تفسيرك؟ ** الإخوان رأوا إمكانية التلاعب مع الحكومة في مصر بالترويج بأنهم سيقاطعون الانتخابات ظنا منهم أن المقاطعة يمكن أن تحرج شرعية النظام. كما أعربوا بنص الوثيقة أن الحكومة يمكن أن تستفيد من بقائهم واستخدامهم كفزاعة. * هل معني ذلك أن الإخوان كانوا ينوون المقاطعة بالفعل؟ ** الإخوان كان لديهم تصور مبني علي مقاطعتهم الانتخابات, وما قامت به جبهة الإصلاح التي دعت لمقاطعة الانتخابات, بقيادة خالد داود, وإبراهيم الزعفراني, وهيثم أبو خليل, كان نتيجة الرأي الذي روجه الإخوان في البداية بالدعوة لمقاطعة الانتخابات, ولذلك كان طبيعيا أن يخرجوا ليعلنوا أنهم يقاطعون الانتخابات. * وما تفسيرك للتراجع عن المقاطعة وإعلان قيادات مكتب الإرشاد خوض الانتخابات؟ في البداية كان غرض الإخوان الرئيسي من المقاطعة الضغط علي النظام من أجل التفاوض معهم, ولكنهم وجدوا الطريق مسدودا بعد عدة محاولات, سواء في التقرب من البرادعي, أو دعم جمعية التغيير, اعتقادا أن الحكومة ستسعي للحوار معهم, ولكن لم تفلح هذه المحاولات, وظهر تخوف لدي الإخوان أن الحكومة لن تعيرهم أي اهتمام إذا قاطعوا الانتخابات, ومن هنا غيروا تفكيرهم, وفكروا في خوض الانتخابات. * برأيك كيف يحقق الإخوان أهدافهم من المشاركة في الانتخابات؟ الإخوان يخوضون الانتخابات ليس بغرض الحصول علي مقاعد في البرلمان. لأنهم يدركون أن شعبيتهم انخفضت بشكل كبير, والكل أخذ موقفا منهم, خاصة بعد أداء نوابهم السييء في البرلمان الحالي, ومن هنا فالغرض من مشاركتهم التخريب فقط, ويدرك الإخوان أنه ربما تحصل الأحزاب السياسية علي نصيب من المقاعد في البرلمان إذا ابتعدوا هم عن المنافسة, وتركوا الانتخابات تتم في جو وطني, وأري أن تنظيم الإخوان قرر المشاركة بدلا من المقاطعة اعتقادا في أن خوضهم الانتخابات سيحجب الفرصة عن أحزاب المعارضة من خوض الانتخابات بقوة, فضلا عن أنهم يدركون أنهم بعدم خوض الانتخابات سوف يساعدون النظام علي حل العديد من المشاكل, علي الأقل لن تكون هناك أزمة الدعاية الدينية, ولن يكون هناك تخط للحدود القصوي في الصرف علي الانتخابات, ولن يكون هناك حرج لدي الحزب الوطني في إعطاء الفرصة للمنافسة من قبل أحزاب المعارضة الشرعية, أي أن الإخوان وجدوا أن تقوية الأحزاب خطر شديد عليهم, لأنها سوف تسحب البساط من تحت أقدامهم, ولذلك قرروا المشاركة لأهداف في حقيقتها أنها ضد مصلحة مصر وشعبها, وللأسف كان غرضهم الرئيسي اللعب ضد مصلحة الوطن مع أطراف خارجية. * ما هو دليلك علي لعب الإخوان لمصلحة أطراف خارجية؟ ** تنظيم الإخوان حصل من الخارج علي800 مليون جنيه من أطراف خارجية, وهناك المزيد من الأموال التي ستتدفق في الفترة المقبلة من أجل التخطيط للانتخابات, واعتقد أن من يرغب في دفع هذه الأموال سيكون غرضه الرئيسي إحداث بلبلة في مصر, وأشير تحديدا إلي النظام الإيراني, لأني اعتقد أن النظام الإيراني لديه مشكلة حقيقية مع مصر, تتمثل في أنه يري أن الشغب والأزمات التي حدثت بعد الانتخابات الرئاسية كانت مدفوعة من الخارج, ولذلك أعتقد أنه يفكر في التعامل مع المنافسين له بنفس الطريقة. * وما هي مشكلة النظام الإيراني مع مصر؟ ** إيران لديها مشكلة مع مصر لأنها تري أن مصر هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تقف ضد مطامعها في المنطقة, وهي التي تتصدي للنفوذ الإيراني والشيعي, لهذا تسعي بكل السبل لوقف تقدم مصر. * هل تري أن استخدام الإخوان للعنف سوف يكون مطروحا خلال الانتخابات؟ ** الإخوان سوف يستخدمون أي وسيلة لإحداث بلبلة, ولن يهمهم شيء طالما تتدفق الملايين من الخارج. * ألا تري أن الإخوان لديهم تصور لخطورة ما يفعلون؟ ** التنظيم الآن يسعي لتحقيق أهدافه بأي شكل من الأشكال, خاصة أنه ينظر إلي الانتخابات كوسيلة لحل مشاكله الداخلية في التنظيم فهناك اعتراضات داخل الإخوان لطريقة إدارة الجماعة, ويخشي الإخوان خروج هذه الأزمات خارج حدودها خوفا من حدوث انشطار في التنظيم المحكوم بالحديد والنار. لأنه إذا فتحت ملفات الخلافات في التنظيم فسوف تظهر فضائح لا يعلم أحد عنها شيئا. وهناك انتقادات يومية تصل لمكتب الإرشاد, وعشرات الوقائع بالفساد المالي والأخلاقي داخل التنظيم. وخصوصا وأن الأمر لا يقتصر علي كوادر صغيرة داخل الجماعة, بل يصل الأمر إلي قيادات مهمة. وقد حصلنا علي وثيقة صادرة عن أحد رؤساء المكاتب الإدارية في محافظة القاهرة, وبها عدة انتقادات لأداء الإخوان, وفيها ما يشير إلي أنها تخسر كل يوم بعضا من طوائف المجتمع بعد أن اصبحت منبوذة, وأصبحت جسما غريبا عن الجميع.