بنفس القوة والإصرار الذى بدا على مواقف الأحزاب السياسية المصرية.. أغلبية ومعارضة والتى رفضت بوضوح أى تدخل أجنبى فى الشأن السياسى المصرى بحجة مراقبة الانتخابات البرلمانية فيها ينبغى أيضاً أن تعلن كل الأحزاب موقفها الواضح ضد انتهاك القانون والالتفاف على الشرعية وتجاوز قرارات اللجنة العليا للانتخابات وخصوصاً فيما يتعلق باستخدام الشعارات الدينية فى الدعاية السياسية فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة. إن التهاون أو السكوت على هذا الأمر سيفتح الباب أمام تجاوزات أخرى وسيغرى عناصر الجماعات المحظورة على مواصلة إصدار تصريحاتهم والتهديد بأفعال وجرائم وصلت إلى حد الدعوة إلى إرهاب المواطنين باستخدام السلاح وإشاعة مناخ من العنف أثناء العملية الانتخابية مما يهدد أمن المواطنين ويمنعهم من الذهاب إلى الصناديق للادلاء بأصواتهم وهو أمر يقتضى منا جميعاً كمصريين التصدى له إذا ما أردنا بالفعل أن تجرى انتخابات تشريعية هادئة ونظيفة ونزيهة تعبر عن إرادة الناخبين. لقد كشفت جماعة الإخوان المحظورة عن وجهها الحقيقى عندما أصرت على مخالفة الدستور والقانون وأعلنت فى تحد يثير الاستغراب أنها ماضية فى استخدام شعاراتها الدينية فى الانتخابات البرلمانية القادمة ولم تكتف عناصر الجماعة بذلك بل دعت إلى انتخاب الشريعة، وزاد الأمر عندما دعا مرشدهم إلى حملة جهادية وكأننا نخوض معركة حربية ولسنا فى منافسة انتخابية. لقد بدأت الجماعة المحظورة دعايتها الانتخابية بشعارها الطائفى «الإسلام هو الحل»، فى محاولة لنسب الإسلام كدين إليهم، وإليهم وحدهم فقط، وادّعوا أنهم يمثلون الشريعة والدين وأن انتخابهم هو انتخاب للدين والشريعة، وفى مواقعهم الإلكترونية واصلوا نهجهم نفسه رافضين الالتزام بنصوص القانون والقواعد التى تصدرها اللجنة العليا للانتخابات، وفى كل هذا مخالفة واضحة لنصوص الدستور والقانون فالخلط بين الدين والسياسة جرم واضح واستخدام الشعارات الدينية فى الدعاية الانتخابية جريمة يعاقب عليها القانون فضلاً عن أن بدء الدعاية قبل الموعد الذى تحدده اللجنة مخالفة صريحة لنصوص القانون. ويجب ألا يقتصر الأمر عند إعلان المواقف بالتصريحات ورفض هذه الجرائم، والبدء فوراً بتفعيل صلاحيات اللجنة العليا للانتخابات التى لا يجب أن تكتفى بالتهديد بشطب أى مرشح يستخدم شعارات دينية فى الدعاية الانتخابية.. لقد بدأ على أرض الواقع استخدام هذه الشعارات ويجب اتخاذ الإجراءات القانونية ضد كل من يستخدمها أيا كان انتماء هذا المرشح، ولكن قبل كل هذا هل يجوز أصلاً قبول مرشحى الجماعة فى الانتخابات وهم ينتمون لتنظيم غير قانونى ومحظور بحكم القانون وإذا تجاوزنا محاولات الالتفاف التى نجح فيها عناصر الإخوان عبر استخدام كلمة مستقل فإننا لا نستطيع أن نتجاوز عن شعاراتهم ولافتاتهم التى تملأ الشوارع.. فالقانون هنا واضح والقواعد التى أرساها للدعاية الانتخابية تؤكد على عدم التعرض لحرمة الحياة الخاصة والالتزام بالمحافظة على الوحدة الوطنية والامتناع عن استخدام شعارات أو رموز أو القيام بأنشطة الدعاية الانتخابية لها مرجعية أو ذات طابع دينى أو على أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل مع حظر استخدام المبانى والمنشآت ووسائل النقل والانتقال المملوكة للدولة فى الدعاية وحظر تلقى أموال من الخارج والامتناع عن استخدام العنف أو التهديد باستخدامه. هذا جزء من القواعد المنظمة للدعاية الانتخابية والتى اخترقتها عناصر الإخوان أمام أعين الجميع ولم نسمع أن هناك إجراءً قانونياً واحداً قد اتخذ ضد كل من ارتكب هذه الجرائم وأمامنا جريمتان واضحتان لعناصر الجماعة المحظورة فضلاً عن الجريمة الكبرى وهى وجود تنظيم يعمل ويتحرك ويجتمع ويوزع منشوراته ويحرك عناصره وهو تنظيم غير قانونى والجريمة الأولى هى استخدام الشعارات الدينية وهى جريمة انتخابية تقتضى تحرك اللجنة العليا للانتخابات وإصدار قراراتها بشطب أى مرشح يستخدم مثل هذه الدعاية، أما الثانية فهى جريمة تتعلق بالدعوة لاستخدام العنف والتهديدات وهى جريمة بحكم القانون يعاقب مرتكبوها بالحبس. إن القانون واضح ومن المهم، بل ومن الضرورى الالتزام به وتنفيذه فى حال الإخلال بقواعده وهو أمر يجب أن ينطبق على جميع المرشحين مهما كانت انتماءاتهم الحزبية. إننا أمام مرحلة جديدة فى عمر مصر والمصريين فنحن مقبلون على انتخابات برلمانية نريدها أن تأتى معبرة عن إرادة الناخب واختياراته.. انتخابات ستكون معبراً مهما لمرحلة أخرى فى حياة ومسيرة بلادنا، ولا شىء يستطيع أن يحمى مسيرتنا نحو تحقيق مستقبل تترسخ فيه الديمقراطية وقيم المواطنة الحقة إلا التزامنا الصارم بنصوص الدستور والقانون وبغير ذلك سنسهم فى تحقيق أهداف هؤلاء الذين يدفعوننا للفوضى والإرهاب، فالقانون يجب أن يكون سندنا الوحيد والأخير فى الانتخابات وفى غيرها.