بتواجد دونجا وشلبي.. لاعبو الزمالك يحتفلون بالتأهل إلى نهائي السوبر (صور)    بالصور .. تدريبات بدنية مكثفة للاعبي "المصري" بمعسكره بالمغرب    مجدي البدوي مشيدا بتصريحات الرئيس السيسي: كاشفة بالأرقام لتحديات واجهت الدولة المصرية    استعدادا لرحلات السياح إلى أسوان.. رئيس هيئة السكة الحديد يتفقد محطة بشتيل    بعد تقرير mbc الذي وصف قادة المقاومة بالإرهابيين.. تورط "بن سلمان" وإدانة من حماس    ملك الأردن: وقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان ضرورة    وزير الصحة يدير جلسة «التنمية البشرية في أوقات الأزمات» ضمن فعاليات افتتاح المؤتمر العالمي PHDC24    اهتمام إعلامي دولي بحوار «المصري اليوم» مع وزير الخارجية الإيراني    الأردن داعيا لحظر تسليحها: مذبحة إسرائيل في شمال غزة يتوجب التعامل معها بحسم    وزير العمل: ندرس إنشاء صندوق لشركات لا تعين معاقين لعمل مشروعات لهم    رئيس الوزراء يستكمل مناقشات مشروع القانون المقترح لمناطق المال والأعمال    إصابة 3 أشخاص إثر حادث مروري بالمنوفية    أسماء مصابي حادث حي الزيتون بمدينة السادات في المنوفية    مي فاروق نجمة ختام مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية 32    سائح فرنسي بعد زيارة محطة قطارات بشتيل: «إحنا متأخرين عنكم» (فيديو)    مقطع تشويقي لأغنية فيلم «دراكو رع» بصوت عبدالباسط حمودة    عاجل - تفاصيل مشروع وفاء عامر لدعم الأرامل والمطلقات    خالد داغر مدير مهرجان «الموسيقى العربية»: اعتذار النجوم عن حفلاتهم أربكت حساباتنا    الانشغال بالعبادة والسعي للزيادة.. أمين الفتوى يوضح أهم علامات قبول الطاعة    زوجى يرفض علاجى وإطعامي .. أمين الفتوى: يحاسب أمام الله    رمضان عبد المعز: الإسلام دين رحمة وليس صدام وانغلاق    توقيع الكشف على 241 حالة خلال قافلة طبية بمركز ملوي    استشاري: الدولة وفرت أدوية بالمجان وبأسعار زهيدة لمواجهة فيروس سي    للوقاية من أمراض القلب وتصلب الشرايين.. 6 نصائح عليك اتباعها    التربية والتعليم توضح الفئات المسموح لها دخول امتحانات الثانوية العامة بنظاميها القديم والجديد    تموين الإسكندرية تكثف حملاتها الرقابية على محطات تموين السيارات    أستاذ تفسير: الفقراء حسابهم يوم القيامة أسرع من الأغنياء    نقيب المعلمين يفتتح الدورة التدريبية 105 لمعلمى كفر الشيخ    ريفالدو يُقيم أداء برشلونة مع فليك وفرص الفوز بلقب الدوري الإسباني    وزير التموين يعقد اجتماعاً مع بعثة البنك الدولى لتعزيز التعاون فى الحماية الاجتماعية    الرئيس السيسي بالمؤتمر العالمى للصحة والسكان: مصر لديها تجربة ناجحة فى تحويل المحنة لمنحة.. والقضاء على فيروس سي أصبح تاريخ نتيجة تحرك الدولة بشكل فعال والبطالة انخفضت ل6.5% وواجهنا تحدى النمو السكانى بشكل جيد    عقد مجلس شؤون خدمة المجتمع وتنمية البيئة رقم 201 بجامعة الفيوم    مباشر السوبر المصري - الزمالك (1)-(1) بيراميدز.. ضغط متواصل    فريق القسطرة القلبية بمستشفى الزقازيق ينجح في إنقاذ حياة 3 مرضى بعد توقف عضلة القلب    القبض على عاطل هارب من إعدام وآخر مطلوب للتنفيذ عليه في 8 أحكام تزوير بالدقهلية    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم ميكروباص بالمواطنين بشبين القناطر    الرئيس يوجه والحكومة تنفذ لخدمة الأكثر احتياجا.. جميع استثمارات العام المالي المقبل موجهة لاستكمال مشروعات "حياة كريمة"    المجلس الوطنى الفلسطينى:انتهاكات المستوطنين باقتحام الأقصى إرهاب منظم    عبد الغفار: مصر حققت نجاحات في قطاع الصحة بشهادة المؤسسات الدولية    رئيس البرلمان الإيراني: خامنئي هو الركيزة الأساسية للبنانيين    نتنياهو وحلم إسرائيل الكبرى كتاب جديد لمصطفى بكري    وكيل أوقاف الدقهلية ورئيس جامعة المنصورة يفتتحان معرض الكتاب بالمكتبة المركزية    ندب الدكتور حداد سعيد لوظيفة رئيس جهاز التفتيش الفني على أعمال البناء    رد الجنسية المصرية ل24 شخصًا.. قرارات جديدة لوزارة الداخلية    جامعة الزقازيق تعقد ورشة عمل حول كيفية التقدم لبرنامج «رواد وعلماء مصر»    «شبح الإكس يطاردهم».. 3 أبراج تعتقد أن شريكها السابق أفضل    87 شهيدا ومفقودا وأكثر من 40 مصابا جراء مجزرة الاحتلال فى بيت لاهيا شمال غزة    هاتريك ميسي يقود إنتر ميامي لرقم قياسي في الدوري الأمريكي    رئيس نادي الزمالة السوداني: الاسم أسوة بالزمالك.. ونتمنى ضم شيكابالا مهما كان عُمره    جثة شاب ملقاة بجرجا وآثار طعنات غامضة تثير الرعب.. البحث جارٍ عن القاتل    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 50 مليار جنيه    ماذا يحدث فى الكنيسة القبطية؟    استشاري: السيدات أكثر عرضة للإصابة بهشاشة العظام «المرض الصامت»    هل يجوز ذكر اسم الشخص في الدعاء أثناء الصلاة؟.. دار الإفتاء تجيب    اليوم.. نظر قضية ميار الببلاوي والشيخ محمد أبوبكر    حسام المندوه يطلق تصريحات قوية قبل السوبر المصري    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رقصة موت جولدا

إذا شعرت لوهلة أنك هزمت أثناء قتال محتدم مع عدو شرس فقد هزمت‏!‏ أومأ النقيب معتز بعد عودته متعجلا من مؤتمر طاريء إلي الرقيب أول ليعلن عن اجتماع فوري‏
غصت قاعة المؤتمرات بأسرة السرية ونودي انتباه فوقف الحضور وأشار القائد بيده فجلسوا وكلهم آذان صاغية‏.‏
اليوم الخميس‏5‏ أكتوبر صدرت لي الأوامر بعبور س‏1‏ ليلا لاحتلال خط دفاعي بقطاع اللواء المظلي ماعت لتجهيز كمائن لصيد بابات العدو عند تحركها من مهجع التجمع لاحتلال مواقع دفاعها الحصينة حول النقطة القوية س واختيارنا لهذه المهمة فخر لنا جميعا ولسريتنا بتاريخها العريق ولتفوقها الدائم وتميزها علي مستوي كل وحدات مقذوقات المدفعية‏,‏ والتي سينقش اسماء رماتها في أشرف صفحات تاريخ حرب تحرير سيناء‏,‏ فالمؤكد أن طبولها أوشكت أن تقرع‏.‏
خطة عمليات س‏1:‏
أولا‏/‏ احتلال الجماعة الأولي بقيادة رقيب عزت شوشة تبة الأحدب المعروفة بالجعران كنقطة ارتكاز وانتخاب أنسب نقطة لموقع نيران رئيسي وإنهاء أعمال الحفر والتجهيز الهندسي والتخندق قبل أول ضوء‏.‏
ثانيا‏/‏ تحرك باقي الجماعات لاحتلال مواقعها المحددة بخرائط العمليات وتنفيذ جميع المهام بدقة واستكمالها قبل أول ضوء‏,‏ أوامر‏:‏ المسافة إلي الهدف‏6‏ كم من نقطة التحرك إلي محيط تبة الأحدب‏,‏ كما هو مدون بخرائط عمليات الجماعات‏,‏ ضبط الساعات وتحرك الجماعات سعت‏1900‏ ليلا علي الطريق المتعرج المحدد ب تعليمات العبور وملحق وسائل التأمين والملاحة البرية وخريطة أماكن الألغام والشراك الخداعية وبيانات الطقس والعوامل الجوية‏,‏ وكل التعليمات الخاصة بسلامة الوصول إلي تبة الجعران نقطة تفرق الجماعات مرفقة بالخرائط‏,‏ الوصول سعت‏100‏ صباح اليوم التالي واعطاء تمام الحضور قبل أول ضوء‏,‏ تم إبلاغ الأوامر لكل المستويات‏,‏ وعلي الضباط متابعة التنفيذ‏.‏
انفض الاجتماع فتحولت السرية إلي خلية نحل لا تهدأ ولأدع الرقيب شوشة يكمل القصة كرواية أصدق انباء لأحداثها وأدق سردا لتفاصيل واقعها فهو لاغرو بطلها الهمام‏.‏
عبرنا القناة بليل وتسللنا سيرا يسبقنا ملاح بارع بلغنا علي هدية بعد سير حثيث لساعات هدفنا المنشود تبة الجعران وبعد استطلاع محيطها وتأمينها تمكنا من احتلالها وركبناها كموقع استراتيجي يشرف علي واد رملي يعد أرض قتل رائعة لاصطياد دبابات العدو وآلياته‏.‏
همس الجندي الشوبكي جادا بلهجته الجنوبية‏:‏
يا فندم‏...‏ نحن لاشك نحتاج إلي عدة مواقع تبادلية خلفية لكي نناور باحتلالها إذا اكتشف استطلاع العدو موقعنا الرئيسي أثناء اشتباكنا مع قواته وأشار بسبابته نحو وادي الرمال كما سميناه قد التمعت في عينيه نظرة متسائلة تلتها ابتسامة من يعرف أين تؤكل الكتف‏!..‏ تكاتف رجال شوشة وانهمكوا في حفر الموقع الرئيسي وبقية المواقع التبادلية المنتخبة يسابقون عقارب الساعة لاستكمال أعمال التجهيز الهندسي والكاموفلاج والتخندق قبل أول ضوء‏,‏ لم يتبرموا ضيقا من اختناق الهواء وثقله‏,‏ ولم يقنطوا رهبة من صحراء سيناء ليلا بصمتها المخيف الذي يجعلك تشعر كأن الكون قد انتهي إلي عدم‏.‏
ناولني الجندي إحسان قدح شاي أتي في موعد رائع ولمح بعين فاهمة مابيدي فتركني أقرأ سطورها بلذة وشغف فقد كانت آخر رسالة من خطيبتي الحبيبة التي لم تتبرم قط‏,‏ ولم تسخط غاضبة كبنات جلدتها حين قررت تأجيل عقد قراني إلي ما بعد إزالة آثار عدوان بني صهيون ومازادها حلاوة ودفئا ما تضمنته من دعوات الحاجة عزيزة لي ولرفاقي بالسلامة والعودة سالمين غانمين إلي ديارنا ووصاياها بالانتصار علي عدو خسيس لئيم آن الأوان لهزيمته وردعه‏.‏
آه يا أمي‏...‏ وحشني فطيرك المشلتت وقشطة المترد الطازجة وعسلك الشهي مانح الحيوية والقوة‏,‏ أعدك يا عزيزة قلبي أن أنظم لك عقدا من هويات أعدائي الأوغاد رمزا للهزيمة والانكسار وأنقش اسمي‏,‏ وكل أسماء رفاقي الأبطال علي جدران دباباتهم المحترقة رمزا للغلبة والانتصار‏.‏
رفعت يمناي أحجب بها عن عيني ضوء شمس يوم جديد متفرسا في ذلك الوادي المتسع متخيلا ماسيدور علي رماله‏!‏ ابتسم إحسان باقتضاب ولوح باصبعه قائلا‏:‏
باليه رقصة الموت تأجل عرضه سبع سنين وآن لرماة المولوتيكا أن يعرضوا فصوله فقد أتقنوا أداءها ولم يبق إلا أن تري النور‏.‏
المعركة وشيكة والهجوم المضاد لاشك آت بعدما تندفع جحافل المصريين تغزو سيناء كاعصار غاضب فتفاجيء جند بني صهيون وتقتحم قلاع بارليف وتدمرها وتأسرهم كالنعاج‏,‏ وهم مختبئون بين أطلالها‏,‏ ودبابات العدو قادمة وصواريخ عزت شوشة ابن مشتول السوق شرقية جاهزة لاصطيادها وحرقها بنار تصهر أشلاء جندها فتختلط دامية مع فولاذها‏,‏ هؤلاء الأغبياء لم يجربوا صاروخي الراقص الرشيق موديل شوشة‏1‏ الذي يشبه حية الجبل الرقطاء التي ترقب عدوها وترصده‏,‏ وفي لحظة وجيزة تحدد أحداثي جسده ثم تقفز نحوه فتلدغه وتقتله‏!‏
مرقت ست نفاثات فوق رؤوسنا مخترقة حاجز الصوت كادت تصيبنا بالصمم‏,‏ وقد خلناها لأول وهلة معادية لكنا تعرفنا علي قاذفات السوخوي الرهيبة‏,‏ وبعد دقائق سمعنا انفجارات متتالية أعقبها هدير موجة أخري أكثر عددا ألقت أحمالها فزلزلت الأرض زلزالها‏,‏ لم تكد أسراب السوخوي تستدير عائدة إلي قواعدها‏,‏ ولم تكد رؤوسنا ترتفع بعد تواريها حتي أرعدت السماء وأمطرت آلاف دانات المدفعية التي انهالت علي كل المواقع الصهيونية كحجارة من سجيل‏.‏
لقد بدأت حرب التحرير‏...‏ فعلها الداهية أخيرا‏!!‏
أبلغ الجندي شوكت سطع عن رتل دبابات معاد قادم بسرعة قصوي في اتجاه تبة الجعران قد اتخذ طريق وادي الرمال متعجلا ليصد هجوما مصريا ساحقا باغت النقطة القوية س ويوشك أن يلتهمها ويأسر أفرادها‏.‏
أعددت صاروخي الراقص المستعد دائما للاشتباك وأطلقته موجها أياه بدقة نحو دبابة المقدمة فاصطدم بأضعف نقطة بين البرج وبدنها فانفجرت محترقة وطار البرج عاليا‏,‏ وهوي من حالق‏,‏ واطلقت الثاني نحو دبابة فرت مذعورة كبقرة رأت سكين الجزار فجنت وطاش صوابها وسمع انفجارها رهيبا‏.‏
لم يستغرق الشوبكي سوي ثوان لاعداد الثالث وانطلق مزغردا يشق الهواء في انسيابية رائعة فأصاب دبابة المؤخرة في مقتل فاحترقت في لحظة وجيزة ولحقت بمن سبقها‏,‏ استمر اعداد صواريخي الراقصة يجري في تسلسل سهل يسير‏,‏ ولم أتوقف عن اطلاقها كأني محموم أصابه بغضه لبني صهيون بمس أفعمه انتقام هيستري فاق حده‏,‏ ولم استفق إلا حين سمعت الشوبكي واحسان والجندي شوكت سطع يصرخون بلسان رجل واحد‏:‏
يا أفندم عشرة‏...‏ عشرة يا أفندم‏.‏
فر ما تبقي من القطيع إلي سلسلة كثبان رملية لم تخفه جيدا ورصدت آلية معاونة تسرع لتتواري وراء أكمنة منعزلة فسددت نحوها صاروخي الحادي عشر وأطلقته في التو فاصطدم بها وشبت نار الجحيم في هيكلها وانفجرت مدوية‏.‏
جنت الدبابات التي تبقت كأن مسا أصابها فتوالت تقصف التبة وما حولها بنيران عشوائية لعلها تصيب ذلك العفريت المخيف الذي قتل جندها بين جنباتها حرقا ودمر الباتون م‏48‏ أ واقتنص قلاع ال إم‏60‏ فخر الجيش لأمريكي التي يروج لها دائما بأنها لا تقهر ولا يمكن لبهلوان أن يتسلقها ولو برع كما أشيع أن من يتجاسر ويعترض طريقها‏,‏ فليس ما يتوقع له سوي الموت هرسا تحت جنزيرها‏!‏
بدأنا علي الفور انتقالا تكتيكيا إلي الموقع الخلفي وبادرنا بالتسلل زحفا دون جلبة إلي أن ابتعدنا عن محيط التبة فاستوينا علي أقدامنا وأكملنا سيرنا حتي بلغناه ونصبت اللونشر علي مصطبته المموهة جيدا ثم اختفينا في خندقه مترقبين أسوأ ما يمكن أن يحدث‏!‏ وحدث ما توقعته فقد أغارت طائرات العدو فجأة علي تبة الجعران وقصفتها بكل أعيرة الدانات المدمرة ثم أحرقتها بالنابالم الفسفوري الذي يزيده الهواء اشتعالا ولا تطفئه أمطار استوائية غزيرة لا تنقطع‏!‏
وليس ما حدث بمستغرب فالمعروف عن هؤلاء الأوغاد منذ قدم خلقهم أنهم قساة غلاظ الرقاب قلوبهم باردة كملمس وثن العجل ذي الخوار الذي صيغ خفية من ذهب سرقوه من أهل مصر قبل رحيلهم إلي أرض الميعاد‏,‏ وأن لعنتهم أبدية لاخلاص منها وليس غير أحبارهم من سألوا الله غير مصدقين أن يروه‏!‏
رقيب شوشة‏...‏ لم يبق لدينا سوي خمسة صواريخ أحدها أعرج كسرت زعنفته‏.‏
لا بأس‏...‏ فالامداد اللوجستي مفترض أن يتم في موعده المحدد مع موجة الهجوم البري الاول للفرقة وأثناء تمركز وحدات لوائنا المظلي في مواقعها القتالية لكن يبدو أنه قد جابه هجوما مضادا شرسا بعد انزاله مباشرة‏,‏ كما علمنا بالنبأ لاسلكيا وثمة معركة محتدمة يخوضها رجاله الآن‏.‏
فلنختبيء إذا كالثعالب ونتجنب الاشتباك ونترقب فوز رجالنا بعد دحرهم ذلك الهجوم المضاد وتغلبهم علي مدرعات العدو وتدميرها أو ننتظر مشاة الفرقة فمجيئهم حتمي في غضون ساعات‏,‏ واليوم وغدا وما يليه من أيام بعده ليست أسعد أيام أولاد يهوا‏,‏ بل أسوأ فصول لعنتهم الأبدية قد بدأ لتوه‏,‏ ولن تتوقف تداعياته المؤلمة حتي تتحقق هزيمة آلة حربهم وتنتهي كذبة تفوق عرقهم التي يصدقها بعض أغبياء هذا العالم‏!.‏
غمرتنا فرحة عارمة حين رأينا رجال مشاة الفرقة أخيرا يتوافدون كسيل عرم وبادروا بحفر خنادقهم بسواعدهم الفتية يسابقون الزمن وهم يغنون في مرح‏.‏
لم يذعن العدو مستسلما لما أصابه فقد شوهدت تحركاته وسمع صرير جنازير آلياته مما أكد لاستطلاعنا تحضيره لشن هجوم مضاد لضرب قواتنا المتكاثرة التي تشبثت مستميتة بأرض مقدسة استعيدت ولن تهجرها أبدا‏,‏ ورامي المولوتيكا لديه قدرة رصد أهداف لمسافات بعيدة‏,‏ فلا يمكن اكتشاف مصدر اطلاقه‏,‏ كما يصعب بعد إطلاقه رؤيته واكتشاف مساره لصغره ولون دهانه الأرقط فيفاجأ به طاقم الآلية يطرق جدارها ثم يخترقه إلي داخلها يحمل اليهم نار جحيم موقدة‏!‏ لم يتأخر الهجوم المضاد طويلا فقد رصد تشكيل مدرع يتقدم متعجلا إلي قطاع اللواء تطلق دباباته نيراتها الرشاشة دون توقف مكتسحة كل ما يعترض طريقها وتقصف بداناتها كل ما تتوهمه هدفا قد كمن متواريا خلف كثيب أو مختفيا في خندق أو حفرة رميلية تخشي أن يوقف تقدمها ويبدأ في اقتناصها دبابة تلو الأخري‏,‏ وكأن أوغاد بني صهيون كانوا يقرأون أفكار مقاتلي مشاة الفرقة الذين اختبأوا في خنادق أحسن اخفاؤها وتربصوا في جوفها كأبناء أوي مترقبين ما يأتيهم من صيد ثمين‏,‏ وهنا في صحراء جدباء تدور حرب عاتية بين عالمين مختلفين لكل تاريخه وماضيه تربط بينهما أواصر دم وعمومة لكن شرور وأحقاد أجداد قدامي خلقها غرور فكر عقائدي أصولي ورثت لأجيال بني إسرائيل علي مر مراحل وجودهم جعلت كره البشرية لجنسهم برمته قدرا لعينا صنعوه بسوء طباعهم وحقارة غرورهم العرقي الذي فرض علي جنسهم بعد انتهاء عصر أنبياء بني إسرائيل‏,‏ ولن يرفع عنهم إلا أن شاء الله فيتوب عليهم ويرحمهم‏.‏
استفقت من سرحان أبعدني عن واقع لا مهرب منه حدثت أثناءه معركة دبابات يسار قطاع الفرقة بعيدا عن موقعنا التبادلي‏,‏ لم نر سوي أعمدة الدخان الأسود ترتفع عاليا ويمكنك أن تحصي عدد الدبابات المحترقة لكل خصم بوضوح فعمود الدخان المتصاعد يعني دبابة خاسرة قد دمرت واحترقت‏,‏ ولقد أحصيت لبني صهيون في جانبهم الخاسر ثماني عشرة دبابة احترقت كل منها ككومة قش أضرمت فيها نار تتلظي وتحولت إلي حطام ينفث دخانا أسود يتلوي مرتفعا إلي فضاء غائم وخسرنا أربعا وآلية معاونة لم تنج من إصابة مباشرة‏,‏ وكعادة بني صهيون عندما يفشلون أثناء قتالهم في اختراق خطوط خصمهم يلجأون دوما إلي تكتيك عرف عنهم إجادته‏,‏ كما تأكد أيضا عدم جدواه مع جيش مصر بغد غفلة عام‏67‏ فالالتفاف حول موقع حصين يصعب اختراقه‏,‏ ربما ينجح وقد يكون غلطة غبية فيها هلاك براقش‏!...‏ ورصدت فورا خمس دبابات تحاول الالتفاف يسار تبة الجعران بعيدا عن تحصينات مشاة الفرقة ولسوء طالعها لم تكتشف موقعي البديل‏,‏ فقد شاء لها قدرها المكتوب أن تحترق ويختلط فولاذها المنصهر مع أشلاء ضحايا أحلام قديمة كاذبة لأساطين الصهيونية المؤسسين لحركتها وعتاة صقورها الأوائل وحاخاماتها الأصوليين المتشحين بسواد كئيب ليلا ونهارا‏.‏
واطلقت صواريخي الأربعة كل نحو هدفه المقبل إلي حتفه بغروره الفوقي ولأن ربي العظيم يعضد أنصار دينه الحنيف فقد كانت يده سبحانه تضغط علي الزناد فتصيب أهل الكفر وتقتلهم في قلاعهم وما يشيدون‏.‏
فرت الخامسة ال إم‏60‏ كفيل أبرهة فرا مدبرا من فزع رهيب أرغمه‏.‏
‏15‏ دبابة وآلية قيادة حصاد رائع‏...‏ سيكتب اسمك بأحرف بارزة في سجل أبطال مصر المغاوير‏.‏
لكزني الشوبكي بمرفقه مترنما شوشة شاويشنا يا أبها ايدك حلوة مافيش زيها وشاركه إحسان وشوكت فرحته بما أنجز ورقص كل منهم رقصة أهل موطنه لكن المؤكد أن الشمال والجنوب توحدا كما توحدت القلوب والأرواح منذ قرون سحيقة‏.‏
والأفراح قد لا تأتي أيضا كالمصائب فرادي فقد بلغتنا تلك الرسالة التي ترقبناها طويلا علي أحر من الجمر فأثلجت صدورنا وأنزاح لها كابوس ثقيل جثم علي أكتافنا فقد تمكنت وحدات اللواء بعد قتال شرس مرير أن تشق لها ثغرة عبرتها علي عجل لتحتل قطاعها المحدد ولتقوم بأعباء واجبها الهجومي الذي تأخر قليلا‏,‏ وبالطبع تعذر نقل الذخيرة بعربة الامداد فالمعركة حامية الوطيس‏,‏ ولم يكن ثمة وسيلة غير الجند يحملونها علي ظهورهم ويتسللون بها زحفا الينا وليتهم يسرعون فالوقت قد أزف ولا ندري ما قد يحدث بعد لحظة‏.‏
فجأة ظهر تشكيل قتال مدرع عند الأفق القريب قادما نحو قطاع اللواء بسرعة قصوي يكاد تخفيه عن الأنظار غلالة دخان كثيقة‏,‏ انحرفت احدي دباباته وأضخمها ال إم‏60‏ يسارا عن مسار التشكيل المهاجم وتقدمت نحو موقعي فكأن طاقمها قد انتابه جنون مباغت فأنتوي أن يغير علي أرض قتل شوشة دون أن يدري حمق فعلته أو كأنه قد ركبه اليأس فآثر أن يخاطر لعله يقضي علي شوشه وجنده البواسل أو يقتل في ساحة المعركة فيعد شهيدا مآله ملاذ صهيون في جحيم أبدي‏.‏
تخطت ال إم‏60‏ خط الاشتباك التكتيكي وبدا أنها قادمة بالفعل من أجلي‏...‏ هقهقهق اقتربت أكثر وازداد هيكلها القبيح وضوحا‏...‏ هي لاشك عين الدبابة الخامسة التي فرت كالبقرة أخافها سقوط البقرات الإربع صرعي مولوتيكا شوشه‏!...‏ إنها تتحداني وتدخل مضماري بجرأة لم تعرف عن يهود فهم برعة في طعن الظهور جبناء عند منازلة الأنداد‏..‏ فلعلها إذن جرأة اليهودي الذي أيقن أنه لاريب مهزوم فآثر أن يقتل نفسه منتحرا لئلايقع في أسر الأمميين ويذل عند أقدامهم‏.‏
يا فندم‏...200‏ متر وتصل الذخيرة إلي الموقع‏.‏
شوبكي‏...‏ هات الصاروخ الأعرج وأرصد مسافة الغولة جولدا فورا فقد آن لها أن تتقاعد وتتحول إلي خردة‏!‏
المسافة‏900‏ وتقترب بسرعة‏800‏ متر وتطلق رشاشاتها بلا توقف وأكاد أري نجمة داوود نقشت علي برجها اللعين‏...‏ صرير جنزيرها يمكن سماعه‏..‏ إنها حقا تشبه جولدا بأنفها الضخم البشع وملامحها القبيحة الصارمة‏.‏
دعها تقترب أكثر فاصطيادها أسهل كلما اقتربت‏..‏ لو شعرت لوهلة أنك هزمت أثناء قتال محتدم مع عدو شرس فقد هزمت‏!..‏ أطلقت صاروخي موجها إياه بكل براعة ودقة نحو غولة بني صهيون فرقصة موت جولدا حان أداؤها ولتكن وداعا رائعا جديرا بها‏!...‏ حرصت كل الحرص ألا ينحرف عن مساره فليس ثمة غيره يوقف هجومها ويفتك بها أو تقتحم موقعنا وتهرسنا بجنزيرها‏..‏ ومحال أدع حفنة يهود يغتالون مقاتلا مصريا له جذور أصيلة رسخت منذ قدم في دلتا منف مهد الفراعنة العظام‏.‏
وحانت لحظة الصدام فرأيت ذلك الوميض الذي أترقبه دائما يسبق الانفجار الوشيك‏,‏ وانفجرت جولدا مترنحة قد أضرمت النار فيها وتناثرت أحشاؤها حولها وبالطبع لم ينج طاقمها الأرعن‏!‏
محمد رفعت علي عيد
ضابط من قدامي المحاربين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.