خلال حفل إفطار في مدينة طنطا في وسط الدلتا قبل يومين قال محمد بديع, المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين:' إننا مصرون علي تطهير النظام باعتبارنا نحمل ماء السماء الطهور'. وأضاف حسب ما نشرته صحيفة' الشروق' في عددها الصادر الأحد إن' الإخوان يسعون بكل قوة لإزالة المجتمع والحكومة المصرية رغم أنهم ليسوا طرفا فيها أو تسببوا في جزء منها مما يعرضنا للعنت والمضايقات'..موضحا أن الجماعة ستظل متمسكة بشعار الإسلام هو الحل' بعد أن فشلت الحكومة في تقديم البديل وقادت البلاد إلي الفساد والخراب وجربت جميع الأنظمة من اشتراكية إلي رأسمالية والآن تمارس النظام الفوضوي بلا رؤية محددة أو واضحة وأن النظام المصري يحتاج إلي من يفيقه حتي لا يغرق الجميع'. هذا بعض ما قاله الأستاذ محمد بديع, وهو ليس مستغربا, في جماعة تطلق علي نفسها' الإخوان المسلمون', باعتبارهم أصحاب التوكيل الحصري للدين الإسلامي, لا يمنحونه لغيرهم, وبالتالي فغير الجماعة لا هم إخوان, ولا هم مسلمون.. وهذا يبدو أمرا ثابتا في منهج الجماعة, حتي وإن طرحت الجماعة في بعض الأوقات تحالفات أو أشكال مختلفة من التعاون, تظل دائما تحالفات مرحلية, تنطلق من حالة ضعف لحين الوصول إلي لحظة التمكين الأثيرة في فقه الإسلام السياسي, وعندها ينقلبون علي حلفاء الماضي. لكن المثير حقا هو قول بديع' إننا مصرون علي تطهير النظام باعتبارنا نحمل ماء السماء الطهور', ومثل هذه المقولة تكشف عن النظرة الفوقية التي ينظر بها الإخوان إلي الآخرين, وقبل نحو خمس سنوات قال المرشد السابق محمد مهدي عاكف, إنه لا يمانع من أن يحكم ماليزي مصر, لأن الأصل عنده هو الأمة الإسلامية, وليس الوطن لذلك' طظ' في مصر كما قال. الإخوان كما نفهم من كلام مرشدهم, جماعة فوق البشر, يحملون ماء السماء الطهور, وهو موقف يكاد يقرب فكر الجماعة من نظام ولاية الفقيه في إيران, حيث الولي الفقيه هو نائب الإمام المنتظر, وبالتالي يحكم نيابة عن السماء حتي يعود الإمام الغائب فيقيم العدل في الأرض. وبهذا الفكر يقدم بديع الإخوان باعتبارهم فوق المجتمع والناس, ويحملون ماء طهورا من السماء, لإصلاح ما في الأرض من فساد, ولا بد أن ينظر من يتحالفون مع هذه الجماعة إلي مثل هذه الأقوال بجدية, وليس باعتبارها فلتات لسان, بعض فلتات لسان قادة الإخوان تكشف عن أفكارهم المشوهة, وكيف أنهم يتحركون من مرجعية إلهية ويطرحون أنفسهم باعتبارهم فوق البشر وليس منهم. الأخطر أيضا أن مرشد الجماعة, وهو أستاذ جامعي مرموق, وليس مدرس تربية رياضية أو ملاكم مثل المرشد السابق, يقول دون غضاضة إن' الإخوان يسعون بكل قوة لإزالة المجتمع والحكومة المصرية'.. مما يعني أن عداء الإخوان ليس موجها للحكومة فقط, وإنما إلي المجتمع أيضا, لدرجة أنهم يسعون إلي إزالة هذا المجتمع, لكن الأستاذ المرشد لم يقل لنا ما هي آليات إزالة هذا المجتمع, هل عبر حرب تكفيرية, بمنطق من ليس معنا فهو ضدنا وبالتالي يستحق الإزالة. هذا الكلام الصادر عن مرشد الإخوان, ونقلته صحيفة' الشروق' لا يجب أن يمر مرور الكرام, لأنه يكشف ما في داخل الصدور, ويبين بوضوح استراتيجية الإخوان الرئيسية والدائمة, فهذه الجماعة ليست منا بل هي علينا, وكانت تعيش في مرحلة كمون, حتي تعيد بناء نفسها, لكن هذه التصريحات الخطيرة, ربما تشير إلي أن الإخوان يشعرون أنهم وصلوا إلي أقصي مراحل قوتهم, لذلك لم يجد مرشدهم محمد بديع أي غضاضة في الإعلان صراحة عن رغبتهم ليس فقط في إزالة الحكومة وإنما المجتمع أيضا.. وهنا يجب علي كل المواطنين أن يقولوا كلمتهم واضحة لا لبس فيها: لا لهذا التنظيم الإرهابي.