أكد ديفيد أرون ميللر المحلل السياسي بمركز وودرو ويلسون الدولي في مقاله بمجلة فورين بوليسي الأمريكية إن توجهات واشنطن تجاه الشرق الأوسط آخذة في التغير ويمكن أن تكون في طريقها لتبني أساليب جديدة للتدخل في شئون الشرق الأوسط السنوات المقبلة. وأشار ميللر إلي أن واشنطن لم تعد تخشي بعبع حرب باردة جديدة وبعبارة أخري فإن الروس والأمريكيين لن يكونوا حلفاء, خاصة فيما يتعلق بالشرق الأوسط لكنهم ليسوا أعداء تماما. ومن جهة أخري فإن الحرب علي الإرهاب التي تتزعمها الولاياتالمتحدة منذ سبتمبر2001 تغيرت بعد الاضطرابات التي اجتاحت الشرق الأوسط وأدت إلي إضعافه بعد الربيع العربي وانهاك قواه في حروب أهلية, كما هو حادث في سوريا والعراق ولبنان مؤكدا أنها لم تعد بحاجة لاستخدام أساليبها التقليدية بعد أن زادت قدرتها علي التدخل عن طريق الطائرات بدون طيار والتجسس بدون أدني مساءلة أو عقاب واستشهد ميللر باختطاف أبو أنس الليبي عن طريق عملية عسكرية بسيطة وغرق العراق في بئر السيارات المفخخة التي تقتل العشرات يوميا بالإضافة إلي ترنح حزب الله عدوها وعدو ابنتها المدللة إسرائيل. وأضاف ميللر أن حتي شهوة واشنطن تجاه موارد الطاقة والبترول في المنطقة الغنية آخذة في التضاءل فهي قاب قوسين أو أدني من إنتاج معدلات كبيرة من البترول والغاز الطبيعي من شأنها بمرور الوقت أن تقلل الاعتماد علي البترول العربي وبعض العلماء يتنبأ أنه في غضون عشر سنوات أمريكا سوف تصبح أكبر منتج في العالم للبترول والغاز الطبيعي حيث تنتج السعودية حاليا10 ملايين برميل من البترول يوميا في حين تنتج الولاياتالمتحدة ستة ملايين برميل وبحلول عام2020 فإن إنتاج الولاياتالمتحدة سيصل لأكثر من10 ملايين برميل يوميا. وربما ستلجأ واشنطن لتغيير أساليبها بعد أن قامت بتنفير حلفاءها العرب بسبب ممارساتها الأخيرة في تغيير الأنظمة والتي هددتها بخسارة مصالحها وإضعاف نفوذها بالمنطقة خاصة بعد دعمها للإخوان المسلمين وتعليقها للمساعدات العسكرية لمصر وقامت بتنفير كل الأطياف السياسية المصرية من الجيش إلي الإسلاميين إلي الليبراليين لمجتمع الأعمال وللمرة الأولي منذ نصف قرن فإن واشنطن تفتقر إلي شريك عربي يتبع خطاها في الوقت الراهن. وربما يقوم أوباما بإعادة ضبط سياسته جزئيا بدافع القلق والتحدي الذي يواجهه علي المستوي الداخلي فالكونجرس والمواطن الأمريكي بدأوا يسأمون ممارساته الخاطئة التي كلفتهم هيبة دولتهم حيث رأت صحيفة هافنجتون بوست الأمريكية أن الاتفاقات الدبلوماسية التي بدأت تلوح في الأفق في المجتمع الدولي في الفترة الأخيرة ومن بينها المشروع النووي الإيراني والصراع الاسرائيلي الفلسطيني متزامنة مع تناقص مصداقية أمريكا ربما تدفع أوباما في فترة ولايته الثانية إلي تغيير سياسته الخاطئة تجاه المنطقة فهو لم يعترف بالأخطاء الكبيرة في سياسة الأمن القومي في فترة ولايته الأولي وربما يدرك الآن أن أمريكا علي مفترق طرق سواء داخليا أو خارجيا. حيث اتسمت استراتيجيته لتحقيق أهدافة بالمنطقة بالغموض وفقا للصحيفة مما أدي إلي حالة من التنافر بينه وبين المسئوليين والمواطنين العاديين والذين شعروا بسياسات مشوشة علي طول مسار أوباما في المكتب البيضاوي وكل هذه العوامل ربما تغير في طريقة اللعب الأمريكي في الفترة القادمة