كنت قد تحدثت عن الغلاف الجوي المحيط بالأرض من كل جوانبها يحميها من الكون الخارجي ويحافظ علي درجة حرارتها ويحفظ التوازن البيئي داخلها من أجل بقاء واستمرار الحياة عليها وحتي يتمكن الانسان من مباشرة مهام الخلافة التي كلفه الله سبحانه وتعالي عندما تحدث إلي الملائكة فقال تعالي:( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) البقرة30 فكان هذا الجعل تكليفا منه سبحانه وتعالي بخلق الخليفة من عدم وإمداده من عدم إيذانا ببداية خلافة سيدنا آدم عليه السلام في الأرض يعيش فيها فترة محددة من الزمن طالت أو قصرت ثم يخلفه ابنه بعدها في سلسلة متصلة الحلقات من أجل عمارة الأرض بالخير وإشاعة العدل بين الناس والحرص كل الحرص في الحفاظ علي أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وعقلهم ودينهم إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها تكليفا من الله يمتد إلي ذرية آدم. وبالرغم من الفوائد العظيمة والجمة التي يقدمها الغلاف الجوي طواعية وعن رضا وإصرار في الاستمرار في تقديم هذه الخدمات لكل الكائنات الحية ومن بينها الانسان في الحفاظ علي حياتها ومنعها من الضمور والانقراض فإن الغلاف المائي الذي يمنح الكرة الأرضية كل هذه البهجة وكل هذه الحياة له دور محوري وأصيل في الحفاظ علي الحياة واستمرارها بهذا الشكل المعجز الذي يبرز عظمة الخالق سبحانه وتعالي في خلق وإيجاد الماء من عدم قال تعالي:( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) الأنبياء30 فتعلق السموات والأرض والتصاق كل واحدة منهما بالأخري فلا غني للسموات عن الأرض ولا غني للأرض عن السموات فهما جزء واحد لا يتجزأ خلقهما الله بقدرته وجعلهما سببا أساسيا في بقاء خلقه وحمايتها من الفناء. وكان الماء هو العنصر الثالث المؤثر الذي ربطه الله بالسموات والأرض بالرغم من عظمة خلقهما وذلك لأهميته وعظم خلقه في بقاء الحياة بعد أن ربطه بخلق السموات والأرض حيث أن وجودهما مرهون ببقاء الماء علي ظهر الأرض وبالتالي فإن أهمية الماء بالنسبة لسائر المخلوقات تعني الحياة مما يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الماء يساوي الحياة لكل شيء حي لا غني له عنها فبه يستبقي حياته ومن غيره لا حياة له. ومن هنا نجد مدي الارتباط وثيق بين مخلوقات الله سبحانه وتعالي في خلق السموات والأرض وتعلق كل منهما بالآخر وتعلقهما بالماء مما يدل دلالة قطعية علي أن وحدة المخلوق وتكامله بالرغم من اختلافه دلالة قطعية علي وحدة الخالق سبحانه وتعالي. ولذلك نجد مدي الارتباط الوثيق بين خلق السموات والأرض وخلق الماء وجعله في متناول جميع خلقه من أجل الحفاظ علي حياتهم جميعا في البداية وفي النهاية ففي البداية قال تعالي:( وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه علي الماء....) هود7 مما يعني أن الكون كله خلق من ذرة الهيدروجين المكون الأساسي للماء وفي النهاية كان ارتباط الماء الأول الذي كان عليه عرش الرحمن بالماء الثاني الذي جعله منه حياة البشر وسائر المخلوقات مما يعني أن هناك ارتباطا وثيق بين وحدة المخلوق الذي يؤكد علي وحدة الخالق وصدق الله حيث قال:( وجعلنا من الماء كل شيء حي أفلا يؤمنون) الأنبياء30.