قرر سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني، إنهاء خلافاته مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، بتقديم استقالته من منصبه، راميا الكرة في ملعب أبو مازن وحركة فتح، التي طالما كانت تناصبه العداء خلال فترة توليه رئاسة الوزراء، التي استمرت نحو 6 سنوات. وأكدت مصادر مطلعة، لصحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية في عددها الصادر اليوم الجمعة، أن فياض كان يفكر في الاستقالة من منصبه منذ فترة طويلة، لكن أبو مازن كان يطلب منه دائما الانتظار، إلا أنه بعد الخلاف الأخير، حول استقالة وزير المالية، نبيل قسيس، قرر ترك منصبه، ونقلت عن فياض قوله لمقربين منه: "أنا ذاهب". وحتى وقت متأخر أمس، لم يكن فياض قدم استقالته، وهي متوقعه في أي لحظة يلتقي فيها الرئيس الفلسطيني الذي عاد أمس، متأخرا من عمان. وبحسب المصادر، فقد مل فياض حرب فتح المستمرة ضده، وتحريكها الشارع في أكثر من مرة ضد سياساته، ما ألحق ضررا فادحا بالعمل المؤسساتي في الضفة الغربية، وكان يستشعر دوما بطعنات من فتح ومنظمة التحرير، تأتيه من الخلف. وأضافت المصادر، "الانسجام أصبح مفقودا بين مكونات النظام السياسي، بل تجاوز ذلك إلى التخريب على فياض". واختلف فياض مع عباس غير مرة، في قضايا مختلفة، غير أن استقالة وزير المالية الشهر الماضي، كانت القشة التي قسمت ظهر البعير. وكانت تفجرت أزمة علنية بين عباس وفياض بشأن قسيس، بعدما قبل فياض استقالته فورا بعد ساعات من إعلان مكتب الرئاسة رفض الرئيس الاستقالة، وهو ما أغضب أبو مازن ومستشاريه الذين اعتبروا ذلك تحديا علنيا وواضحا غير مقبول. وقالت مصادر مقربة من فياض، إنه قبل الاستقالة بعدما بذل جهدا في إقناع قسيس بالعودة عنها، لكن الأخير ظل مصمما عليها فقبلها، غير أن مكتب الرئيس عباس وحركة فتح، يقولان: إنه ليس من شأن فياض قبول استقالة أي وزير بحسب القانون، وإن عليه احترام رغبة الرئيس ببقاء قسيس والعودة إليه والتنسيق معه. وكان قسيس عين وزيرا للمالية في منتصف مايو الماضي، بتدخل من أبو مازن الذي طلب من فياض ذلك، بعدما ظل فياض محتفظا بهذا المنصب (المالية) ل6 أعوام تسلم فيها رئاسة الحكومة كذلك، منذ سيطرة حماس على القطاع عام 2007. واستقالة قسيس كانت مرتبطة مباشرة بموازنة 2013 إذ لم يوافق فياض على مقترحاته. وقد أثارت حركة فتح المسألة في اجتماع المجلس الثوري قبل أيام، حين طالب أعضاؤه بعودة قسيس أو إقالة فياض. ونقل عن الرئيس قوله، إنه مصمم على إعادة قسيس إلى منصبه وأنه لا خيار آخر أمام فياض. وتناهت إلى مسامع فياض اتهامات شتى، بمحاولته تشكيل شريك سياسي للرئيس وفتح، وتجاوزه الحدود وتدخله فيما لا يعنيه، إضافة إلى اتهامات له بالفشل في سياساته الاقتصادية. وذهب المجلس الثوري بعيدا في انتقاد فياض علانية، في خطوة غير مسبوقة عبر بيانه الختامي، وقال: "إن سياسات الحكومة الفلسطينية الحالية مرتجلة ومرتبكة في الكثير من القضايا المالية والاقتصادية".