كشف الكاتب الصحفي محمد شعير والذي صدر له أخيرًا كتاب "كتابات نوبات الحراسة.. رسائل عبد الحكيم قاسم" عن دار ميريت، عن نية ابنة الروائي الراحل عبد الحكيم قاسم "إيزيس" في نشرها الجزء الخاص برسائل أبيها لأمها، والتي سبق أن رفضت نشرها لاعتبارات شخصية. قال خلال الندوة التي أقامتها الورشة الإبداعية التابعة لحزب التجمع: "لم تمدني إيزيس في البدء، بكل الرسائل التي في حوزتها، لأنها رأت أن رسائله لأمها تعتبر شخصية ولا يجب لآخرين الاطلاع عليها. أما بالنسبة للرسائل التي بعثت إلى عبد الحكيم قاسم من أصدقائه إليه أثناء فترة بقائه في ألمانيا، فلم تحتفظ منها بغير الرسائل التي بعثها له الروائي محمد روميش، لكن بعد نشر الكتاب غيّرت إيزيس وجهة نظرها بشأن رسائل أمها كما اكتشفت أن هناك رسائل أخرى لدى عدد من أصدقاء الأديب، وأعتقد أنه إذا صدرت طبعة ثانية للكتاب فسأضمنها رسائل لخمس شخصيات أخرى". أعرب الشاعر والناقد شعبان يوسف، عن إعجابه بالكتاب خاصة:" تلك المقدمة الضافية التي صدر شعير بها الكتاب، والتي لخصت قصة عبد الحكيم قاسم ومواقفه السياسية وموقفه من الغرب الذي ظل ملتبسًا حتى يومنا هذا. فالكتاب حسب وصف إبراهيم أصلان، هو أفضل ما صدر خلال عام 2010، وتلك الرسائل التي يحتوى عليها هي أجمل ما كتبه عبد الحكيم قاسم". يضم الكتاب عددًا من الرسائل التي كان يرسلها عبد الحكيم قاسم لأصدقائه في مصر أثناء إعداده لرسالة الدكتوراه في ألمانيا، ويقول عنه "يوسف" :" يعتبر عبد الحكيم قاسم علامة فارقة، ومهمة جدًا في جيل الستينيات، وأشكر شعير على هذا الجهد الكبير الذي بذله ليخرج الكتاب بهذا الشكل، لأني أعلم أن تجميع الأشياء مزعج للغاية، ويحتاج لعناء وجهد، وعندي من الأشياء التي أريد جمعها في كتاب الكثير لكني لا أستطيع أن أقوم بذلك". اتفقت الناقدة عبلة الرويني مع "شعبان" على أهمية الكتاب وجودته، لكنها اختلفت مع "شعير" في رؤيته التي ضمنها مقدمة الكتاب، وهي وصفه لرسائل "قاسم" بأنها استثناء في الأدب العربي، قائلة:"لا أتفق مع شعير في اعتباره الرسائل استثناءً في الأدب العربي من حيث كونها أدب اعتراف، فمثلها في ذلك رسائل محمود درويش، ورسائل غسان كنفاني لغادة السمان". أضافت "الرويني":"كما أني أرى أن عبد الحكيم قاسم كتب رسائله بقصدية أدبية، لأنها رسائل عامة في مجملها، مكتوبة بأسلوب أدبي رفيع، تعكس "قاسم" وقدراته التأملية، والدليل في ذلك أنه قام بحفظ كل الرسائل التي أرسلها لأصدقائه، إذن فهي أيضًا ليست أدب اعتراف وإنما هي استكمال لمشروعه الأدبي". واستكملت قائلة: "ملمح آخر أراه من خلال الرسائل، وهو إحساس قاسم بالغربة، خصوصا أن سؤال "لماذا سافرت إلى ألمانيا" كان الأصعب في حياته، هو نفسه لم يعرف له إجابة، لكنه ومع ذلك فضل العيش هناك، لكن ألمانيا لم تظهر في رسائله سواء هي أو الثقافة والفكر الألمانيين". كان عبد الحكيم قاسم قد عاش في المنفى ببرلين من عام 1974 إلى عام 1985 . وقرر أن يقوم بإعداد رسالة الدكتوراه، الأمر الذي جعله يبحث عن عمل إضافي ليمكنه من إعالة أسرته، ما دعاه إلى التنقل كثيرًا بين الوظائف الليلية، حتى استقر في وظيفة حارس أمن لأحد المتاحف، وساعده وقت فراغه أثناء نوبات حراساته الليلية علي الكتابة، وكان كثيرًا ما يكتب الرسائل لأصدقائه في مصر خلال هذه الفترة. وهي التسمية التي وضعها "شعير" كعنوان لكتابه "كتابات نوبات الحراسة". عن تلك الرسائل قال الروائي يوسف القعيد:"رسائل غاية في الأهمية، لأن عبد الحكيم يشرح فيها عناء الكتابة، وأتفق مع عبلة في أن قاسم كان يكتبها بقصدية نشرها بعد ذلك". لكنه عاب على الكتاب أن :" مقدمته رغم أنها أعجبتني فإنني كنت أنتظر أن أرى فيها علاقة شعير بقاسم الذي لم يلتقه في حياته وعرفه من خلال أوراقه".