قال الفقيه الدستوري أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة الدكتور جابر نصار: إن قرار المجلس الأعلى للقضاء بندب القضاة للإشراف على الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في مصر، المقرر له منتصف الشهر الحالي، قرار روتيني وغير ملزم للقضاة. وقال نصار في حوار ل "صحيفة الشرق الأوسط اليوم الأربعاء إن مشروع الدستور، الذي أنهته جمعية تأسيسية يسيطر عليها إسلاميون، وسط انسحاب عدد من القوى المدنية منها، به كثير من الملاحظات السلبية، وإن كثيرًا من مواده تقيد الحقوق والحريات الأساسية للمصريين سواء السياسية أو العامة. وقال نصار، الذي انسحب من جمعية وضع الدستور، إن هذا المشروع، الذي تم الانتهاء منه قبل شهرين من موعده وعرضه الرئيس محمد مرسي للاستفتاء أول الشهر الحالي، يعطي للرئيس صلاحيات غير مسبوقة في كل الدساتير المصرية السابقة.. وفيما يلي أهم ما جاء في الحوار. وأضاف أن عددًا من مواد مشروع الدستور المصري أثار جدلا واسعا داخل الأوساط الشعبية والقانونية في البلاد، وأغلب مواد الدستور هي مواد فضفاضة كانت تهدف إلى توسيع أطر السلطة، وهذا المشروع ليس به أي اختصاصات للحكومة، ولكنه أعطى كل الاختصاصات للرئيس، خاصة المادة 158، التي جعلت من الحكومة مجرد سكرتارية للدولة؛ من إعداد تقارير ومقترحات، دون أن يكون لها أي سلطة مباشرة على الإطلاق. وقال على الرغم من عدم تغيير نص المادة الثانية، التي تنص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية، من مشروع الدستور المقترح، فإنه تمت إضافة مادة أخرى (المادة 219) لتفسير المادة الثانية، والمادة 219 جاءت لتفسر المادة الثانية ولم يحدث في تاريخ الدساتير على مستوى العالم أن وضعت في دستور مادة تفسيرية لمادة أخرى. وأوضح أن أن هذه المادة سوف تؤدي إلى أزمات شديدة للغاية، لأن النظام القانوني المصري كان يأخذ بنظم قانونية متعددة، وكان يفتح آفاقا على مذاهب إسلامية كثيرة، لأن الإسلام لا يتبنى مذهبا معينا؛ فكان القانون المصري على سبيل المثال يقنن في مسألة الوصية الواجبة من المذهب الجعفري، وبإقرار هذا الدستور سيتم إلغاء الوصية الواجبة، وكان الدستور المصري أيضا يقنن الخلع استنادًا لآراء فقهية غير مذهبية، ولكن هذا النص سيؤدي إلى إلغاء هذا القانون. وتابع هناك مسألة خطيرة أخرى؛ فمثلا بالنسبة لحرية الصحافة فوجئنا بأن النص الذي كان في المسودات السابقة تم التراجع عنه، في مقابل إقرار نصوص تقييد حرية الصحافة تحت مسميات مقتضيات الأمن القومي والالتزام باتجاهات الرأي العام وتنمية القيم الوطنية، وكل هذه عبارات فضفاضة ستؤدي إلى تقييد حريات الصحافة تقييدًا لم تعهده مصر منذ دستور عام 1923، وهذا أمر عبثي، ولا يمكن قبوله.