أكد محمد كامل عمرو وزير الخارجية أن محاربة الإرهاب عن طريق التدابير الأمنية والعسكرية بمفردها لن تفضى إلى النتائج المرجوة، وشدد على ضرورة تفادى ازدواجية المعايير عند مكافحة الإرهاب، فضلاً عن محورية تبنى المجتمع الدولى سياسات من شأنها القضاء على جذور الإرهاب بما يضمن الحد من انتشار هذه الظاهرة، مع عدم السماح بخلق رابطة ذهنية بين الإرهاب وأى جنس أو ثقافة أو ديانة. جاء ذلك خلال مشاركة الوزير فى الاجتماع الدولى رفيع المستوي الذى نظمه السكرتير العام للأمم المتحدة فى نيويورك اليوم حول سبل مكافحة الإرهاب الدولى، والذى شارك فيه وزير الخارجية المصرى كمتحدث رئيسى. وصرح المستشار عمرو رشدى، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية، بأن وزير الخارجية قد أكد في كلمته كذلك على أن أفضل الطرق لمعالجة جذور الإرهاب هى القضاء على الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية المؤدية إلى انتشاره، والقيام بذلك يكمن فى إنهاء كافة أشكال الاحتلال الأجنبى، والاعتراف بالحق الشرعى للشعوب فى تحديد مصيرها، كما شدد وزير الخارجية على إدانة مصر بشدة لأية محاولة لخلق رابطة بين الإرهاب وأى جنس أو ثقافة أو ديانة، مؤكدا أن أية تصريحات غير مسئولة تحاول الربط بين الجريمة الإرهابية وأي دين هى فى حد ذاتها تحريض واضح على الإرهاب. وفيما يلي نص كلمة وزير الخارجية محمد كامل عمرو فى الاجتماع رفيع المستوى الذى نظمه السكرتير العام للأمم المتحدة حول التعاون الدولى لمكافحة الإرهاب : إنه لمن دواعى سرورى أن أشارك فى هذا الإجتماع الهام الذى يهدف إلى تمهيد الطريق لحقبة جديدة فى التعاون لمكافحة الإرهاب، بداية أود أن أنتهز هذه الفرصة لأعبر عن شكرى للسكرتير العام لدعوته لعقد هذا الإجتماع الذى يمثل إستمرارا للإنجازات السابقة للأمم المتحدة نحو تعزيز التعاون الدولى لمكافحة الإرهاب. تحتم علينا الطبيعة الدولية لتهديد الإرهاب التعاون الفعال على المستوى الدولى بما يمكننا من القضاء على هذه الظاهرة، كما يتزامن إجتماعنا اليوم مع الذكرى العاشرة لأحداث الحادى عشر من سبتمبر التى تعد عملا إجراميا يعكس مايشكله الإرهاب من تهديد على السلم والأمن الدوليين، وفى هذا الإطار نعيد التأكيد على تضامنا مع ضحايا العمليات الإرهابية وأسرهم. إن إحياء ذكرى ضحايا العمليات الإرهابية الأليمة تعد أيضا فرصة لتقييم مدى فعالية الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب على مدار العقد المنصرم وإعادة ضبط مسار هذه الجهود، وتقودنا الأحداث الإجرامية التى وقعت فى الحادى عشر من سبتمبر والهجوم الذى وقع على مقر الأممالمتحدة فى أبوجا فى شهر أغسطس الماضى، والهجوم الذى شهدته النرويج فى يوليو الماضى إلى النتائج التالية: أولا : إن استمرار مايمثله الإرهاب من تهديد يوضح أنه لايزال يعد خيارا جاذبا للمجموعات المهمشة، وأنه علينا جميعا بذلك مزيد من الجهود والمساعى المشتركة لمكافحة الإرهاب والقضاء على جذوره. ثانيا : نجاحاتنا وإخفاقاتنا السابقة تؤكد أن محاربة الإرهاب عن طريق التدابير الأمنية والعسكرية بمفردها لن يفضى إلى النتائج المرجوة، وعلينا أن نشدد على أهمية الحوار والتفاهم، وأن نسعى جاهدا لتجنب إزدواج المعايير عند معالجة موضوع مكافحة الإرهاب، فضلا عن أهمية تبنى المجتمع الدولى سياسات من شأنها القضاء على جذور الإرهاب بما يضمن الحد من إنتشار هذه الظاهرة، بالإضافة إلى أهمية عدم السماح بخلق رابطة ذهنية بين الإرهاب وأى جنس أو ثقافة أو ديانة. إن أفضل الطرق لمعالجة جذور الإرهاب هى القضاء على الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية المؤدية إلى انتشاره، القيام بذلك يكمن فى إنهاء كافة أشكال الاحتلال الأجنبى، والاعتراف بالحق الشرعى للشعوب فى تحديد مصيرها، فضلا عن أهمية دور التنمية الاقتصادية والاجتماعية وما يرتبط بها بتوزيع عادل للثروة وتعاون دولى حقيقى فى هذا المجال. لكى نصل إلى النتيجة المرجوة من مكافحة الارهاب بشكل فعال يجب علينا أيضا تناول موضوع مواجهة التطرف، ويمثل التعليم واحدة من الأدوات الحيوية لتحقيق هذا المسعى، حيث تلعب المؤسسات العلمية دورا محوريا فى تعزيز التفاهم بين الأمم والثقافات والمعتقدات. يقودنى هذا الحديث الى إلقاء الضوء على الدور البارز الذى يلعبه الأزهر كأعرق وأقدم مؤسسة اسلامية فى عالمنا، خاصة بالنسبة لمواجهة قضايا التطرف العنيف. يدعو الأزهر الشريف إلى التعاليم الصحيحة للإسلام المبنى على الاعتدال، والسماحة، والسلام، وقبول الآخر بمعتقداته الايدلوجية والعقائدية وتتمثل أدواته الرئيسية فى الحوار، والتعليم، ونشر صحيح الإسلام. من الأهمية بمكان وجود نظام عادل وفعال لتحقيق العدالة الجنائية، حتى نتمكن من ملاحقة المتهمين بارتكاب أعمال إرهابية مع ضمان حصولهم على محاكمة عادلة وفقا للإجراءات القانونية الصحيحة واتساقا مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان. كما يجب أن نسعى الى انشاء المراكز اللازمة لاعادة تأهيل الارهابيين المدانين، والعمل بالتدريج على اعادة دمجهم فى المجتمع، مع ضمان عدم عودتهم للانعزال عن هذه المجتمعات حتى لا يكونوا عرضة للانزلاق مرة أخرى فى الأنشطة الارهابية. ختاما أود أن أوضح المبادئ الحاكمة لمصر-الجديدة فى مجال مكافحة الإرهاب : أولا: وقبل كل شئ فإن مصر - قبل وما بعد الثورة - كانت ولازالت ملتزمة بمكافحة الإرهاب وملتزمة كذلك بالاستمرار فى احترام كافة التزاماتها الدولية. ثانيا: نعتبر الارهاب كأحد التهديدات الخطيرة للسلم والأمن الدوليين وعلى المجتمع الدولى بذل كافة الجهود لمكافحته، إلا أنه فى نفس الوقت لدينا إيمان راسخ بعدم امكانية محاربة الارهاب عن طريق التدابير الأمنية والعسكرية بمفردها، وأهمية معالجة الظروف المؤدية لانتشاره على النحو السالف ذكره عاليه، وهو المبدأ الذى تتضمنه استراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الارهاب التى اعتمدتها الجمعية العامة فى 8 سبتمبر 2006. الارهاب لا يمكن هزمه عن طريق الحرب بمفردها ولكن بالإستعانة بجميع الوسائل المتاحة لنا للقضاء على جذور الارهاب بالاضافة إلى إتخاذ التدابير التشريعية والأمنية اللازمة. ثالثا: تدين الحكومة المصرية بشدة أى محاولة لخلق رابطة بين الارهاب وأى جنس أو ثقافة أو ديانة، وأننا على قناعة بأن أية تصريحات غير مسئولة تحاول الربط بين الجريمة الارهابية وأى دين هى فى حد ذاتها تحريض واضح على الارهاب . وأخيرا: وجوب أن تتم كافة تدابير وممارسات مكافحة الارهاب وفقا لسيادة القانون، وطبقا للمعايير الدولية لحقوق الانسان، لما يمثله ذلك من شروط أساسية لنجاح جهودنا المشتركة لمكافحة الارهاب، نحن نؤمن أن تحقيق العدالة واحترام حقوق الانسان ومعالجة الظروف المؤدية إلى إنتشار الارهاب سيضمن لنا النجاح فى محاربة هذه الظاهرة الخطيرة.