تهريب السلع من الظواهر الخطيرة التى تهدد الاقتصاد القومى للبلاد والضارة بحركة السلع والخدمات، حيث تتوقف خطورتها على حجمها وما تمثله من آثار على الناتج القومى خاصة خلال تلك الظروف الراهنة التى تشير لحالة من الركود التجارى داخل الأسواق. . ولهذه الظاهرة وجهان الأول التهريب السلعى من داخل البلاد لخارجها، والثانى وهو الأشد خطورة وهو تهريبها من الخارج الى الأسواق الداخلية. . التهريب بوجه عام إحدى الوسائل التى يتخذها أهل الفساد السابق واللاحق لتحقيق غايات تختلف باختلاف خطورتها بدءا من تهريب المواد المخدرة والسلاح منتهيا بالتهريب السلعى عبر الحدود السيادية للدولة دون علم السلطات او عبر الحدود الجمركية بعيدا عن رقابة تلك السلطات وفى جميع الاحوال فهو نشاط غير مشروع ينطوى على محاولة إخفاء الواقعة المنشئة لفرض الضرائب الواجبة والرسوم الجمركية المستحقة وهذا يمثل أخطر أنواع الجرائم الاقتصادية التى تهدر أحد أهم موارد الدولة وإيراداتها السيادية فضلا عن الضرر اللاحق بالصناعة الوطنية. . والتهريب السلعى قد ينصب بصفة أساسية على السلع الاستهلاكية المعمرة أو غيرها، حيث يأخذ عدة أشكال أهمها دخول السلع المهربة عبر النقاط الجمركية مخفاة داخل رسائل لسلع أخرى أو قد يعمد بعض المستوردين ممن فقدوا ضمائرهم بتقديم فواتير ومستندات تقل عن القيمة الحقيقية للسلع المستوردة فتقل الرسوم الجمركية والقيم الضريبية المقدرة والمستحق سدادها لخزينة الدولة وهناك التهريب عبر الحدود السيادية للبلاد من خلال أنفاق سرية أو ممرات مجهولة وهى محل اهتمام القوات المسلحة المصرية خلال تلك الفترة الراهنة وظاهرة التهريب السلعى برزت مع بدء تطبيق سياسة الانفتاح الاقتصادى خاصة بعد السماح للقطاع الخاص بممارسة نشاط التجارة الخارجية عام 1976 ثم تعمقت جذور تلك الظاهرة حتى تفشت خلال الثمانينيات والتسعينيات و يمكن القول بأن أهم الحالات التى قد تدعو للتهريب السلعى تتمثل فى الآتى: منع وتجريم الاتجار فى سلع معينة دوليا ومحليا لها طلب بالأسواق حظر استيراد بعض السلع لحماية الصناعة المحلية او لأسباب فنية او صحية او بيئىة وضع قيود على استيراد بعض السلع لتحقيق غايات وأهداف اقتصادية مثل مكافحة الإغراق او تخفيض العجز التجارى هذا لا ينفى المسئولية الأمنية على الأجهزة المعنية بحماية الحدود المصرية. . ومن ثم فإن من الجدير بالذكر الاشارة الى منشأ او مصدر السلع الأجنبية وكذلك المحلية محل التداول بالأسواق الداخلية لتحقيق الجانب الوقائى المانع من تهريب السلع الأجنبية الى البلاد ذلك كان الباعث على وزارة التموين والتجارة الداخلية فى إصدار القرار رقم 113 لسنة 1994 م 1 /10 / 1994بشأن حظر تداول السلع مجهولة المصدر او غير المطابقة للمواصفات وقد أصيب هذا القرار بالكثير من العوار على النحو التالى: خاطبت مادته الثانية التجار والموزعين للسلع المستوردة والسلع المحلية انتاج المصانع المرخص بها من وزارة الصناعة وألزمهم الاحتفاظ بالمستندات الدالة على مصدر حيازتهم لتلك السلع والخلل الذى أصاب بتلك المادة ينصرف الى ان السلع المهربة داخل البلاد ليست مستوردة فكان يتعين ان يأتى النص على كلمة السلع الأجنبية، أوجبت المادة الثالثة من القرار 113 لسنة 1994 المشار اليه حظر عرض او تداول او حيازة بقصد الاتجار للسلع المشار اليها سلفا التى تكون مجهولة المصدر او تكون غير مصحوبة بالمستندات الدالة على مصدرها ويعاب على هذا النص أن السلعة الاجنبية المهربة الى داخل البلاد تكون دائما معلبة او مغلفة بأغلفة تحمل بيانات بمصدر انتاجها او تصنيعها ومن ثم تخرج من تحت طائلة أحكام تلك المادة. . على أثر ذلك فقد افتقد القرار 113 لسنة 1994 القدرة على النفاذ على الوجه الصحيح فضلا عن ذلك فإن صدوره خرج عن اختصاصات وزارة التموين والتجارة الداخلية مما يعد من القرارات الصادرة عن غير ذى صفة بغير أى اختصاص. . والأمر منذ عام 1994 باق يتوارثه الوزراء المختصون بالتجارة الداخلية واحدا بعد الآخر. . والآن نبعث برسالة لوزير التموين والتجارة الداخلية ان ينظر فى انتظام حركة تداول السلع والمنتجات بالاسواق من خلال تشريعات تواجه دخول السلع الأجنبية دون الشرعية وتداول السلع المحلية المنتجة فى غير المنشآت الصناعية المشروعة من خلال: أولا: تنفيذ أحكام قانون قمع التدليس والغش التجارى فيما يتعلق بذاتية السلع وصفاتها الجوهرية وحقيقتها وطبيعتها ونوعها ومنشئها وأصلها ومصدرها ثانيا: تنفيذ أحكام قانون حماية المستهلك فى إلزام البائع تحرير فاتورة وتقديمها للمستهلك متضمنة واقعة التعامل وتاريخ حدوثها وثمن الشىء المبيع ومواصفاته ونوعيته وكميته والمستهلك هو أضعف عنصر فى الرابطة الاجرائية فى التعاقد التجارى ، نود الاشارة فى رسالة لوزير التموين والتجارة والداخلية فى أن جريمة التهريب تقع داخل الدائرة الجمركية إذا ما اكتشفتها السلطات الجمركية عند محاولة إخفاء السلع المهربة وعدم الإعلان عنها فمتى تركت السلعة الدائرة الجمركية ودخلت السوق الداخلية تمتعت بقرينة الإفراج عنها بالطرق الشرعية وبرئت ساحتها من أى التزامات جمركية ذلك فيما يختص بالتهريب السلعى الذى يهدد المصالح العليا للمجتمع المصرى لذا فإن الحال يتطلب رفع أداء الأجهزة المنوط بها حماية الأسواق الداخلية من السلع الأجنبية نحو المستوى الأمثل والمطلوب من خلال حسن الاختيار الذى يفرق بين الليل والنهار. . ؟؟ الكاتب :رئيس مصلحة التسجيل التجارى و عضو مجلس غدارة جهاز المنافسة و منع الأحتكار الأسبق