مع تفاقم أزمات الطاقة لجأت العديد من الدول لغرس ثقافة العزل الحرارى للمنازل بما يقلل الفاقد من الطاقة، حيث يؤدى إلى تقليل الاعتماد على وسائل التدفئة أو التبريد، إلا أن تلك الثقافة لا تزال غائبة فى مصر، فمعظم مشروعات الإسكان الجديدة التى تقوم بها الشركات العقارية تتجاهل العزل الحرارى، والنسبة القليلة من المقاولين الذين ينفذونه لا ينفذونه كاملاً، وبسبب غياب ثقافة العزل الحرارى توجد آلاف الوحدات العقارية فى الأدوار العليا دون سكن بسبب هروب الباحثين عن الشقق عنها لارتفاع درجات الحرارة بها، كما تضطر جميع الشركات الى خفض أسعار الأدوار العليا، رغم وجود مصاعد بنسب تتراوح بين 20 و30% عن الوحدات السفلى، وخلال 6 أشهر فقط من العام الحالي، قامت الشركة السعودية للكهرباء بأكثر من 100 ألف زيارة ميدانية، للتأكد من تطبيق العزل الحرارى لنحو 52 ألف مبنى تحت الإنشاء، فى 24 مدينة بمختلف مناطق المملكة، وذلك لتقليل الفاقد من الطاقة الكهربية رغم أن المملكة أكبر منتج للنفط الخام فى العالم كله، إذ سجلت فى عام 2013 الماضى طاقة إنتاجية وصلت إلى 12.5 مليون برميل يومًيا، ويوفر استخدام ألواح البولسترين فى عزل أسطح المنازل من أسقف وجدران وفرا فى الطاقة تتراوح ما بين 40 و85%، وتشير الدراسات السعودية إلى أن الحرارة التى تنتقل عبر الجدران والأسقف فى الصيف تقدر بنسبة 60 و70% من الحرارة التى يجب تخفيضها باستخدام التكييف، أم البقية فتأتى من النوافذ وفتحات التهوية، ويتطلب ذلك استهلاك طاقة لتبريد المبنى بما يصل ل 66% من طاقته الكهربائية المستهلكة، وفى الأردن كان لمركزها الوطنى لبحوث الطاقة دراسة تفصيلية لترشيد الطاقة فى بعض المصانع أهمها مصنع ورق وكرتون حيث أدت إجراءات العزل التى تم اتخاذها إلى تخفيض الاستهلاك بنسبة 24%، كما أدت الدراسات السعودية الى أنه باستخدام نظام العزل الحرارى بالمبانى السكنية التجارية بنسب تصل ل 40% من استهلاك المكيفات للطاقة الكهربائية، وتنقسم أنواع العوازل الحرارية إلى العوازل الشعرية كالصوف والصوف الصخرى والزجاجى وصوف السيراميك، والعوازل الخلوية ك»البوليريثين» و»البولسترين» و»الفينول» و»الزجاج الغروى» و»العوازل الانعكاسية»، وتعمل على عكس موجات الحرارة الكهرومغناطيسية. أما الإمارات فكان لها تجربة أيضًا مع العوازل الحرارية التى تضاعف الطلب عليها ليصل إلى 997 مليون درهم فى عام 2006 مقابل 421 مليون درهم فى عام 2004، وذلك لرفع مستويات الجودة فى المبانى والإنشاءات وإطالة العمر الزمنى للمبانى وتقليل الطاقة، والمثير للدهشة أن مصر تستورد 65% من احتياجاتها البترولية خلال العام الحالى من شركة بترول أبوظبى الوطنية «أدنوك»، وتشمل تلك المنتجات البنزين والديزل والمازوت وغاز البترول المسال الذى يستخدم فى المنازل. وتحتاج مصر لما بين 12 و15 ألف ميجاوات كهرباء، التى تحتاج إلى أكثر من 15 مليار دولار لكى يتم توفيرها، كما تعانى مشكلة فى الوقود وتحتاج لوقود تتراوح قيمته ما بين 10 و15 مليار دولار، وهنا يقول محمد سعيد مدير إحدى الشركات العاملة فى العزل الحرارى، يقوم بعزل المنزل حراريًا والحفاظ على درجة الحرارة بداخله كما هى دون تغيير، مما يقلل عدد ساعات استخدام التكييف أو المدفأة بفصلى الصيف والشتاء بنسبة كبيرة، الأمر الذى ينعكس على استخدام الكهرباء، وقال: إن شركات المقاولات فى مصر تركز على عزل المنزل ميكانيكيًا بمعنى أنها تعزل التوصيلات الداخلية لكن معظمها لا يهتم كثيرا بالعزل الكامل للجدران والأسطح، مشددًا على أن مواد العزل متوافرة فى السوق المحلية سواء بالاستيراد ام الإنتاج المحلى وتكلفتها ليست كبيرة، حال مقارنتها بإجمالى قيمة الوحدة السكنية، وشدد على ضرورة وجود رقابة على شركات العقارات لإجبارها على استخدام تقنيات العزل التى تدخل ضمن الأمن الصناعى للمساهمة فى حل أزمة الكهرباء فى مصر وانقطاعها خلال الصيف الذى يزيد فيه الاستهلاك بسبب عمل التكييفات بالمنازل والشركات، مشددًا على أن العزل الحرارى لوحدة لا تقل عن 70 مترًا لا تكاد تذكر. واشار مروان رفعت مدير إحدى الشركات المحلية المعروفة لإنتاج العزل الحرارى الى إن الشركات العقارية الكبرى بدأت تهتم بموضوع العزل الحرارى بصورة ملحوظة بداية من عام 2000، وتقوم الشركات الكبرى كأوراسكوم للإنشاء والمقاولون العرب باستخدام منتجات الشركة من العوازل الحرارية بصورة كبيرة، وشدد على ان استخدام العزل الحرارى الكامل يمكن المستهلك من الحفاظ على درجات الحرارة فيكفى تشغيل التكييف مرتين يوميًا فقط وتظل المبنى محتفظًا بدرجة حرارته طوال اليوم، مشيرًا إلى أن مناطق كاملة فى مصر كالتجمعات والبنوك ومبانى الشركات والهايبرات الكبرى تستخدم للحفاظ على استهلاكها من الكهرباء.