خط الرورو الملاحي الذي يربط بين ميناءي الاسكندرونة التركي ودمياط في مصر يعد علامة بارزة في ملف العلاقات التجارية بين مصرو تركيا. ذلك لان هذا الخط اصبح بعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا هو شريان الحياة للصادرات التركية المتوجهة الي اسواق الخليج العربي نظرا لصعوبة مرور الشاحنات التركية عبر الاراضي السورية. لكن في المقابل يري البعض ان هذا الخط لم تستفد منه مصر شيئا باستثناء رسوم العبور التي لم تتجاوز5 ملايين دولار طيلة عام كامل مقابل اهلاك الطرق البرية في مصر. هذا الخط تعرض للتوقف بعد ثورة30 يونيو نظرا لصعوبة تأمين قوافل الشاحنات في تلك الفترة الا انه مرشح للصعود والاستمرار. في هذا الاطار يؤكد عادل اللمعي رئيس الجانب المصري في مجلس الاعمال المصري التركي استئناف العمل عبر خط الرورو لنقل الشاحنات إلي دول الخليج عبر الأراضي المصرية بين ميناءي الاسكندرونة بتركيا ودمياط بمصر وكانت الباخرة' أتليم' قد بدأت أولي رحلاتها لميناء دمياط بداية الأسبوع الماضي تحمل علي متنها173 شاحنة. وتحرك فوج التريلات من دمياط برا إلي ميناء الأدبية في حراسة الأجهزة الأمنية لاستكمال الرحلة الي السعودية من خلال سفينة أخري مخصصة لهذا الغرص لنقلها إلي ميناء ضبا واستكمال رحلتها بريا الي دول الخليج. وفي منتصف الأسبوع وصلت باخرة أخري تحمل العدد نفسه من الشاحنات وهو173 شاحنة من خلال هذا الخط الذي يعمل بمعدل رحلتين اسبوعيا. وحول استفادة مصر من هذا الخط الملاحي ومرور شاحنات علي الطرق المصرية قال مسئول في ميناء دمياط إن السلطات المصرية تحصل علي500 دولار عن كل شاحنة تعبر الأراضي المصرية, بالإضافة إلي14 ألف دولار عن كل رحلة للباخرة التي تدخل ميناء دمياط, علاوة علي الأعمال والأنشطة اللوجستية التي تسهم في توفير فرص العمل للشركات العاملة في الخدمات البحرية. وقال وزير النقل الأسبق جلال السعيد انه من المتوقع أن تحصل خزينة الدولة من هذا الاتفاق علي2 مليار دولار سنويا هي اجمالي رسوم التأمين للشاحنات والرسو في الميناء وغيرها من الخدمات اللوجستية. ونفي أن تتأثر سلبا الطرق المصرية التي تمر عليها تلك الشاحنات في اشارة الي أن الشاحنات لا تحمل اوزانا ثقيلة أكثر مما هو مقرر لها, موضحا ان الطرق تتأثر فقط بالشاحنات المصرية لأنها تحمل أوزانا زائدة تصل الي25% لتعويض قيمة النولون التي تدفع. وتوقع زيادة عدد الرحلات خلال المرحلة المقبلة وخاصة أن هناك استعدادات لتعظيم الاستفادة من هذا الخط لنقل الصادرات المصرية إلي تركيا ومنها إلي الأسواق الأوروبية مباشرة في أقل وقت ممكن بواسطة الشاحنات عبر ما يسمي نقل المنتجات من الباب إلي الباب. وكان د. جلال مصطفي السعيد وزير النقل الأسبق قد وقع علي مذكرة تفاهم لإقامة خطوط تجارية بحرية بين المواني التركية والمصرية, إلي جانب وضع الترتيبات المتعلقة بخدمات النقل والترانزيت بالشاحنات المحملة ببضائع عبر أراضي البلدين لدولة ثالثة. وكانت أنقرة قد أعلنت في نوفمبر من العام قبل الماضي أنها تبحث عن مسارات تجارية بديلة لتفادي العبور من الأراضي السورية المحفوفة بالمخاطر بسبب تردي الوضع الأمني هناك, وهو ما أدي إلي تراجع صادرات أنقرة لدمشق بنحو10% في أواخر العام قبل الماضي. ويساهم الاتفاق المصري التركي في تنشيط حركة التجارة بين مصر وشرق أوروبا ووسط آسيا عبر تقديم تسهيلات لوصول الشاحنات التركية عن طريق السفن بالمواني المصرية بالبحر المتوسط, وعبور الأراضي المصرية إلي مواني البحر الأحمر ومنها إلي دول الخليج العربي, مقابل رسوم تحصلها القاهرة عن كل شاحنة. واتفق الطرفان التركي والمصري علي أنه في حال تموين الشاحنات التركية بالسولار المصري فإن تسعيرة بيع الأخير تتم وفق الأسعار العالمية. واتفق الجانبان علي أن المسارات التي سيتم فيها وصول ومغادرة الشاحنات التركية هي مواني الإسكندريةودمياط وبورسعيد والأدبية وبورتوفيق وسفاجة, فضلا عن استخدام الميناءين البريين في السلوم غربا وقسطل جنوبا في مرحلة لاحقة. ولتعظيم الاستفادة المصرية من هذا الخط الملاحي أرسل اللواء بحري حاتم القاضي رئيس الاتحاد العربي لغرف الملاحة البحرية مذكرة للجهات المعنية في السودان والدول الإفريقية الحبيسة التي ليس لها منفذ بحري للاطمئنان علي الطرق البرية لاستكمال الربط البحري في مرحلته الثانية. وقال القاضي إن نجاح المرحلة الأولي من الربط البحري بين تركيا ومصر ودول الخليج العربي شجعتنا علي بحث المرحلة الثانية والخاصة بربط مصر وتركيا ودول الخليج العربي بالدول الافريقية الحبيسة, بحرا وبرا. وأوضح أن الطريق البري بين مصر والسودان' طريق وادي حلفا' جاهز لافتتاحه, وسيتم استكمال الخطة من خلال الاطمئنان علي الطرق البرية الأخري للتأكد من سلامتها ومواصفاتها الفنية لسير الشاحنات الدولية عليها وتوافر محطات الوقود وغيرها من محطات الخدمة. وقال إن المصدرين المصريين يبحثون عن منافذ توزيع المنتجات المصرية بالسوق الافريقي وبحث جميع المشكلات التي تعوق تنفيذ الربط بين دول المنطقة بحرا وبرا. وقال إن خروجي من مشروع الربط البحري بين مصر وتركيا ودول الخليج العربي في مرحلته الأولي ليس معناه توقف المشروع, حيث إن المشروع يحقق نجاحات علي أرض الواقع ولكن خروجي منه لشخصي لأن المشروع خرج من مساره الذي كنت أعمل من خلاله وهو تنشيط الصادرات المصرية بشكل أساسي ثم الربط البحري. وأوضح القاضي أن المنطقة العربية تقع في منتصف الطريق اللوجستي بين تجارة الشمال والجنوب وهي كمراكز دولية تدعم فكر وهدف السوق العربية المشتركة حيث يمر بها ما يزيد علي26% من تجارة العالم اجمع مما يفرض استغلال منحة الله للعرب لهذا الموقع الفريد ليكون منطقة التجارة الحرة للعالم اجمع. وحول موقف رجال العمال في البلدين مما يحدث سياسيا قال عادل اللمعي إن مجلس الأعمال ناقش الموقف مما يحدث علي الساحة السياسية وأشار رجال الأعمال الأتراك إلي أنهم ماضون في استراتيجية لزيادة الاستثمارات التركية بمصر, التي تستهدف الوصول إلي5 مليارات دولار مع حلول عام2017, بمعدل يتجاوز300%. وطالب رجال الأعمال, بالتعاون مع مجلس الأعمال المصري التركي, وجمعية رجال الأعمال الأتراك المصريين, بضرورة فصل الاقتصاد عن السياسة, خاصة أن المصانع التركية يعيش عليها نحو250 ألف مواطن مصري. وقال المهندس حسين صبور, رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين, إننا كرجال أعمال نعلن رفضنا التام للموقف السياسي الرسمي للحكومة التركية تجاه ثورة30 يونيو, وندين بشدة أي تدخل خارجي في الشأن الداخلي المصري, لكننا لابد أن نسعي لوقف نزيف الخسائر في العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وأوضح أن مصر لم تتدخل علي الاطلاق في الشأن الداخلي التركي, عندما تصاعدت حدة التظاهرات في ميدان تقسيم بمدينة إسطنبول بتركيا. وأشار صبور إلي أن نحو51 ألف أسرة مصرية دخلها الأساسي من المصانع التركية الموجودة علي أرض مصر, وبالتالي فهذه الاستثمارات يعيش عليها في المتوسط نحو ربع مليون مواطن. وأضاف أن الروابط التجارية بين البلدين ثابتة ولابد من البناء عليها, محذرا من الدعوات التي صدرت حول مقاطعة المنتجات والاستثمارات التركية, مشيرا إلي أن هذه البضائع ينتجها مصريون وبالتالي فالخاسر الأكبر هو الاقتصاد المصري, فضلا عن الضرر المباشر للعمالة المصرية, في الوقت الذي نبحث فيه بصعوبة شديدة عن مواجهة خطر البطالة الذي يشوه اقتصاد مصر. وأوضح زكي إكينجي الرئيس الشرفي لجمعية رجال الأعمال الأتراك المصريين, أن العقد الماضي شهد نموا كبيرا في العلاقات بين البلدين وشهدت الساحة طفرة كبيرة في نمو الاستثمارات التركية بمصر, مشيرا إلي أن هدفنا هو التوسع وخلق فرص استثمارية حقيقية بين البدين بعيدا عن الشأن الداخلي. وقال إننا تعاملنا مع أكثر من5 حكومات خلال الفترة الماضية ونسعي لتعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية, بعيدا عن السياسة, مؤكدا علي دعم تركيا للاقتصاد المصري, ففي عام2011 دخلنا الساحة الاستثمارية بقوة علي الرغم من عمليات الانفلات الأمني وتوصيات المؤسسات العالمية بعدم الاستثمار في مصر خلال هذه الفترة إلا أننا فضلنا المخاطرة إيمانا منا بأن مصر عمرها7 آلاف عام ولا ترتبط بأشخاص. وأشار اتيلا اتاشيفين, رئيس الجانب التركي في الجمعية إلي أن تركيا خصصت نحو5 مليارات دولار لتعزيز العلاقات بين البلدين ولم يتم المساس بهذه الاتفاقيات, وبالتالي فإن المستثمرين الأتراك يسعون إلي تنفيذ استراتيجيتهم للتوسع في مصر للوصول بحجم الاستثمارات التركية إلي نحو5 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة. وكشف, تامر صادق, نائب مدير إدارة الائتمان ببنك مصر, عن فتح فرع جديد للبنك في أنقرة قبل نهاية العام الجاري, مما يعزز من التعاون بين البلدين, مشيرا إلي أن الدبلوماسية المصرية عليها دور كبير خلال الفترة الراهنة في احتواء أي معوقات تظهر علي السطح.