يدلي الكولومبيون اليوم الأحد بأصواتهم حول السلام مع القوات المسلحة الثورية في كولومبيا (فارك)، في استفتاء نتيجته حاسمة للبدء بتطبيق هذا الاتفاق غير المسبوق الذي يهدف الى طي صفحة نزاع دام استمر اكثر من نصف قرن.
وقال الرئيس خوان مانويل سانتوس لدى إعلانه أمس السبت عن انطلاق أعمال مهمة المراقبة الانتخابية المؤلفة من حوالى 200 شخص من 25 بلدا، "نواجه من خلال الاستفتاء قرارا تاريخيا، ونأمل في أن يدلي جميع الكولومبيين بأصواتهم".
ويرمي الاتفاق مع القوات المسلحة الثورية إلى إنهاء أقدم نزاع مسلح في الأميركيتين انخرطت فيه على امتداد عقود حركات تمرد يسارية وميليشيات عسكرية من اليمين المتطرف، وأسفر عن أكثر من 260 الف قتيل و45 ألف مفقود و6،9 ملايين مهجر.
وقد أراد سانتوس الاستفتاء غير الملزم لإسباغ "أكبر شرعية" ممكنة على الاتفاق الذي وقعه في 26 منسبتمبر مع قائد القوات المسلحة الثورية (ماركسية) رودريغو لوندونو، المعروف باسمي الحركيين تيموليون خيمينيز او تيموشنكو.
وكرر رئيس الدولة امام المراقبين ومنهم رؤساء سابقون من أميركا اللاتينية، والحائزان جائزة نوبل للسلام، الغواتيمالية ريغوبرتا منشو والأرجنتيني ادولفو بيريز اسكيفيل، القول ان "الشرعية التي يضفيها الشعب الكولومبي على الاتفاق وموافقته على بنوده ضروريان حتى يكون السلام مستقرا ودائما".
وأعلنت وزارة الخارجية أنه قد انتشر 240 ألف شرطي وجندي بالإجمال لتأمين سلامة الاستفتاء، في حوالى 82 ألف قلم اقتراع . وأدلى الكولومبيون المقيمون في الخارج بأصواتهم وخصوصا في آسيا، كما اعلنت وزارة الخارجية.
واذا ما حصل اتفاق السلام على الموافقة، ستتحول "فارك" التي تأسست في 1964 من انتفاضة للفلاحين وما تزال تضم 5765 مقاتلا، إلى حزب سياسي بعد أن تسلم اسلحتها تحت إشراف مهمة للامم المتحدة التي تحققت حتى الآن من ائتلاف فارك السبت 620 كلغ من المتفجرات.
وحتى تفوز "نعم" يتعين ان تحصل على 4،4 ملايين صوت على الأقل (13% من الناخبين)، و"لا" على نتيجة اقل. ويعطي آخر استطلاعات الرأي التي أجريت قبل توقيع الاتفاق "نعم" تقدما كبيرا. ويقول معهد داتيكسكو إن 55% من الأشخاص الذين سئلوا آراءهم يؤكدون استعدادهم للتصويت مع الاتفاق في مقابل 36،3% لمعارضيه. وأعطى استطلاع آخر لمعهد ايبسوس نابوليون فرانكو "نعم" 66% و "لا" 34%.
من جانبه قال ارييل افيلا إن "الاستفتاء لم يكن ضروريا. واعادة انتخاب سانتوس كان استفتاء من أجل السلام". لكن هذا المحلل في مؤسسة السلام والمصالحة يقول إن الرئيس الوسطي يلجأ أيضا الى الاستفتاء "لتوجيه الضربة الأخيرة إلى التيار الأوربي"، وهو تيار الرئيس اليميني السابق والسناتور الحالي الفارو أوربي (2002-2010).
ويقوم رئيس المركز الديموقراطي بحملة شرسة من اجل "لا". وبلغ به الامر حد الالتحاق بسلسلة بشرية ضد اتفاق السلام، يوم توقيعه في قرطاخينا (شمال). وانتقد المعارضون "تساهلا" في العقوبات المتوقعة ضد مرتكبي الجرائم الخطرة، الذين سيحاكمون في محكمة خاصة ويمكن ان يستفيدوا من عقوبات بديلة بالسجن اذا ما قالوا الحقيقة. ويرفضون ايضا مشاركة عناصر فارك المسرحين في الحياة السياسية ويتخوفون من ان تقع البلاد في كارثة "تشافيزية" مستوحاة من النظام الكوبي والفنزويلي. قال يورغي رستريبو مدير مركز الموراد لتحليل النزاعات، إن "كولومبيا تغامر بكل شيء للحصول على كل شيء في هذا الاستفتاء على الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية". وعلى رغم كل شيء، استبعدت الحكومة والقوات المسلحة الثورية احتمال إعادة التفاوض. وفي تصريح لوكالة فرانس برس، حذر سانتوس من أن فوز "لا" سيدفع مقاتلي فارك إلى "العودة الى الأدغال".