سهير عبد الحميد سيدة مصرية خفيفة الظل بنكهة أرمينية، أضفت ملامحها التى اكتسبتها من والدها المصور الشهير جارو ومن والدتها بالقطع، ابتسامة تلازمها منذ تصل مبنى كلية العلوم بجامعة القاهرة، تلقى التحية على كل من تلتقيه وهى فى طريقها إلى قسم الحيوان .. إلى معملها الملىء بالصور الخاصة فى مختلف المناسبات والديدان التى تعشقها وتفننت فى دراستها .. وكان أول ما أرتنى إياه صورة لها مع والدها جارو وصورة أخرى لها وهو يحتضنها... وثالثة لها وهى تتسلم شهادة الماجستير من الدكتور مفيد شهاب . لا تتلاشى ابتسامتها إلا عندما يبدأ أحدهم بالسؤال ما هذا الاسم الغريب؟ ما الذى يعنيه اسم كوهار ؟ وتجد نفسها مضطرة أن تشرح أنه اسم أرمينى الأصل، يعنى الجوهرة وأنها مصرية 100٪ لكن جذور الأجداد جاءت من أرمينيا.. وكان هذا ما دفعها أن تطلق على ابنتيها أسماء لاتينية... لورا ونورما، حتى لاتواجهان الأسئلة نفسها. قالت لى د.كوهار جارو، الأستاذة بكلية العلوم: أنا مصرية عندى انتماء دائم لمصر. وفى الوقت نفسه أعتز بأصولى الأرمينية، ولم أواجه أبدا مشكلة فى ذلك، فقد تخرجت فى الكلية بامتياز مع مرتبة الشرف، وتم تعيينى تلقائيا وحصلت على درجتى الماجستير والدكتوراه، وتدرجت فى الترقيات العلمية، فأشبعت بذلك حبى القديم للعلوم وللتدريس والذى كان يدفعنى أن أجمع عرائسى وأقوم بالتدريس لها، وفى نهاية الشهر أصنف العرائس وأمنحنهن الدرجات . وقد عشقت الطفيليات وأردت التعرف على هذا العالم ومعرفة دورة الحياة والوقاية وكانت رسالة الماجستير عن البلهارسيا والدكتوراه عن الأمراض التى تصيب الأسماك النيلية، وقد حصلت على الماجستير والدكتوراه من هيئة النمرو، واجريت عشرات الأبحاث حتى أصبحت عضوا فى الجمعية المصرية لحماية الطبيعة .. وتعمقت فى مجال البيئة وشاركت فى مشروع الدعم المجتمعى وعملت مع أطفال المدارس لأبث فيهم حب البيئة والحفاظ عليها وكذلك نظمت عدة محاضرات وحملة توعية لأطفال المدارس حول ظاهرة الاحتباس الحرارى. سألت د.كوهار عن ارتباط ابنتيها بالثقافة الأرمينية؟ فأجابت: كنت حريصة بالتأكيد على إلحاقهن بمدرسة كالوسديان للتعرف على اللغة الأرمينية قبل أن يستكملا مراحل التعليم فى إحدى مدارس الراهبات، لكننى امتنعت عن أن أروى لهما قصص المذابح التى كنت أسمعها وأنا صغيرة من جدتى لأنها كانت فظيعة وتثير فى قدرا كبيرا من الشجن والحزن، لكننى حرصت أن أتزوج من أرمينى وأن ألقن ابنتى الثقافة الأرمينية، ونحرص على تناول الطعام الأرمينى فى المناسبات. فالمطبخ الأرمينى شديد الثراء ومنه: المانتو وهو نوع من العجائن المحشوة باللحم المفروم ولحمة جون، وهى لحمة بالعجين تشبه الحواوشى، وكذلك الضلمة ومحشى ورق العنب وفى رأس السنة نعد طبق (التوبيك)، وهو معجون من الحمص والبطاطس المسلوقين يتم حشوهما بالزبيب والبصل والطحينة. وهناك الشوريك ونأكله أيضا فى الكريسماس.. والأنوشبور، وهو قمح حلو بالزبيب والمكسرات واللبن ويشبه البليلة . ونحن نشارك ككل أرمن مصر فى إحياء ذكرى المئوية، حتى إننا وضعنا شعار المئوية، وهو الوردة البنفسجية كصورة للبروفايل على الفيس بوك. وفى نهاية الأمر أنا فخورة أننى مصرية من أصل أرمينى.. وفى المحاضرات أعرف الطلاب بذلك وأروى لهم بإيجاز قصة أرمن مصر، لأن الكثيرين لا يعرفون من هم الأرمن.