"الدولما" الأرمينية سجلت في موسوعة جينز ريكورد للأرقام القياسية ارتباط الأكلات الشعبية بالأعياد والمناسبات أهم ما يميز الشعب الأرمينى حوار : عبد النبي النديم المحافظة علي التراث هدف قومي لكل الشعوب وتوثيقه واجب علي كل مواطن أن يسعي إلي احياءه واسترجاعه، فمن ليس له ماض ليس له حاضر أو مستقبل.. بهذه الكلمات بدأت خبيرة التراث الأرميني استغيك فيربيان المتخصصة في العلوم التراثية والسياسية، والتي تخصصت في توثيق الأكلات الشعبية علي مر العصور باعتبار أن المطبخ الأرميني من أهم مميزات الحضارة الأرمينية خاصة الأكلات الضاربة في جذور التاريخ والتي سجلتها جدران المعابد والآثار المنتشرة في ربوع أرمينيا. تحدثت فيربيان عن تأثر التراث الأرميني بالحروب والظروف الصعبة التي مرت بها علي مر العصور وبعد الاستقلال عن الاتحاد السوفيتي كان لابد من توثيق أهم الأكلات الشعبية التي ارتبطت بالمناسبات الأرمينية والأعياد والتي انتشرت في بعض الدول نقلاً عن أرمينيا. وكان "للمسائية" الحوار التالي مع أستغيك فيربيان عن التراث الأرميني وأهم الموروثات من الأكلات الشعبية. ما أهم سمات التراث الأرمينية؟ - التراث الأرميني في جميع المجالات سجل تاريخي يسرد الحقائق علي مر آلاف السنين الماضية، وتثبت أن الأرض للأرمينيين وخلال القرن الماضي انقسم الأرمن إلي جزئين جزء مقيم بأرمينيا وجزء يعيش في المهجر فالجزء الأول متمسك بتقاليده وتاريخه وأعرافه المستمدة من جذور التاريخ أما الجزء الثاني فهم أرمن المهجر الذين فروا من المجازر التركية عام 1915 إلي الدول المجاورة خاصة مصر وسوريا ولبنان فكان لابد من التواصل معهم علي مر الأجيال خلال المائة عام الماضية حتي لا يفقدوا هوايتهم ولغتهم الأرمينية. أن القضية الأرمينية لم يغيرها الزمان علي الرغم من أن فترة الحكم السوفيتي كانت تمنع التحدث في القضايا العامة، ولكننا كشعب أرميني غير معظم الشعوب لأن الشعب الأرميني يعرف قضيته جيداً ولكنه لم يستطع أن يعبر عن آرائه من قبل، وهناك مقومات أساسية عند الحديث عن التراث الأرميني فإننا كشعوب صغيرة لابد أن نستمد قوتنا من الماضي وأننا في القرن 21 لابد أن نتذكر الماضي جيداً فمن ليس له ماض ليس له حاضر أو مستقبل، والمحافظة علي التراث عمل أساسي للأجيال الجديدة الأمر الذي يؤدي إلي المحافظة علي قوميتنا وهويتنا وكلما عرف الشعب الأرميني نفسه كان الواقع لنا أفضل ومستقبل دولتنا مشرق. وما علاقة الأكلات الشعبية الأرمينية بالتراث الأرمينى؟ - أهم معالم التراث الأرميني هو الأكلات الشعبية الذي سجلته جدران المعابد في أرمينيا علي مر التاريخ فالمطبخ الأرميني التراثي له سمات ميزته عن باقي مطابخ الدول التاريخية رغم التأثير المتبادل بين الحضارات إلا أن الأكلات الأرمينية احتفظت بهويتنا ولذلك انشاءنا جمعية الطباخين الأرمن هدفها الأساسي هو احياء التراث وتوثيق الأكلات الأرمينية التاريخية ارتبطت بالمناسبات والأعياد الأرمينية والتنسيق بين جميع الهيئات والمؤسسات المختلفة بالاضافة إلي قيام أعضاء الجمعية بزيارة الريف الأرميني والبحث عن السيدات كبار السن المحتفظين بالأكلات الأرمينية سواء في أرمينيا أو في إقليم ناجرنوكارباخ وتوثيق طريقة عمل هذه الأكلات ثم تقوم جمعية الطباخين بعمل مهرجانات ومعارض لأشهر الوجبات الغذائية الأرمينية فكل مدينة أو إقليم له عاداته وتقاليده في الطبخ أكدتها النقوش والكنابات علي الآثار التاريخية الأرمينية. وما أهم الآثار التي تثبت أن الأكلات الأرمينية موروثة من الأجداد؟ - كما قلت النقوش علي المعابد والآثار وأكثر الآثار الموجودة التي تثبت ذلك أدوات المطبخ الموجودة بالمتاحف مثل طاحونة لطحن القمح (الحنطة) حيث أن القمح كان عنصر أساسي في كل الأكلات الشعبية الموروثة بالاضافة إلي أدوات عصر العنب وتصنيع النبيذ حيث اشتهر الأرمن منذ قديم الأزل بزراعة 12 نوعاً من العنب وانتشرت مزارع العنب في جميع ربوع أرمينيا منذ القدم، بالاضافة إلي أنواع اللحوم المختلفة مثل الضآن والبقر وكان يتم طبخه بطريقة معينة حيث يتم سلق اللحم ثم يتم دقة بأدوات معينة حيث يتم هرسة تماما وتسمي هذه الأكلة (بالهريسة) ويتم هرسه مع دقيق القمح وكان يقدم في الأعياد الأرمينية ومازالت بعض المدن تقدمه في الأعياد حتي الآن ولم تنقرض وكذلك وجبة القرع العسلي الذي يتم حشوه بالأرز المخلوط بالزبيب وكانت الوجبة ترمز إلي معاني معنية فالقرع العسلي يرمز للكرة الأرضية والأرز يرمز لكل البشر والزبيب يرمز إلي المؤمنين ومعني كلمة القرع العسلي هو حلقة الوصل بين الشعوب لنشر المحبة وكذلك وجبة (كاش كا) وهي نفس مكونات الهريسة ولكن يقدم كل مكون لها علي حدة وتقدم هذه الوجبة في عيد رأس السنة الأرمينية 11 أغسطس، ولا يتم خلط المكونات مع بعضها البعض حتي تمر السنة بسلام دون مشاكل. ومن أهم الوجبات الأرمينية هي (الدولما) وهي محشي ورق العنب بالبرغل والسبب في هذه الوجبة أن الأرمن القدماء كانوا يقدسون العنب منذ أيام سيدنا نوح، وكذلك وجبة الحمل (الخروف الصغير) الذي يوضع في التنور (الفرن) وذلك لأن الحمل يتغذي علي ورق العنب ويسمي الحمل المشوي (كوران). هل تأثر المطبخ الأرميني بالمطابخ الأخري للدول التي احتلت أرمينيا؟ - أرمينيا مرت بظروف صعبة وآخرها احتلال الاتحاد السوفيتي وكان الصراع علي أشده بين الثقافة الروسية والأرمينية ولكن لم يتأثر التراث الأرميني فالفرق واحد بين النبيذ الأرميني والفودكا الروسي، واستقلال أرمينيا من الاتحاد السوفيتي عام 1991 أعطنا الفرصة لنبحث عن التراث الأرميني وتوثيق واسترجاعه واحياءه من جديد في العصر الحديث. ما أهم مميزات المطبخ الأرمينى؟ - المطبخ الأرميني حار (سبايسي) نظراً للظروف المناخية والحروب والظروف الصعبة التي مر بها الشعب الأرميني مع الفرس والعرب والاتحاد السوفيتي وقضيتنا الآن البحث عن ما يميز المطبخ الأرميني وتوثيقه عن كل مطابخ هذه الدول. وهل تأثر المطبخ الأرميني التراثي ببعض المطابخ لهذه الدول؟ - في العصر الحديث تأثر المطبخ الأرميني بثلاث عناصر أثرت فيه أولها غزو الأكلات من الدول المجاورة والثانية أكلات نقلها الأرمن في المهجر إلي أرمينيا من الدول التي عاشوا فيها ثالثها المشاوي التي غزت كل مطابخ العالم. هل رشاقة المرأة الأرمينية له علاقة بنوعية الأكلات الأرمينية؟ - بالطبع إلي حد كبير بالإضافة إلي وعي المرأة الأرمينية في المحافظة علي رشاقتها كما أن الوجبات كل محتوياتها طبيعية بالاضافة إلي انتشار المياه المعدنية من النيابيع المنتشرة في أرمينيا واقتناع المرأة الأرمينية بأنها لابد أن تكون رشيقة الأمر الذي يعطيها ثقة كبيرة في النفس والرشاقة ورثتها المرأة صناعة جدادتها. وكيف ارتبطت الأكلات الأرمينية بالمناسبات والأعياد؟ - كل أكلة أرمينية لها مناسبة خاصة بها مثل الافراح والأعياد فمراسم الزفات لابد أن تضع العروس علي كتفيها الخبز الخارج من الفرن (التنور) ويجب أن تحرص ألا يقع وإلا أصبحت غير مؤهلة للزواج ويسمي الخبز في الافراح (لافاش) ويوضع كذلك علي اكتاف العروس العسل حتي تصبح حياتهم سعيدة وجميلة وذات طعم جميل. وما هو دور جمعية الطباخين الأرمن في المحافظة علي التراث؟ - أهم أسباب انشاء الجمعية أحياء التراث وتحديثه وتعميم الأكلات الأرمينية وهو ما يتم من خلال المهرجانات والمعارض في كل المناسبات فالأرمن لديهم 13 مناسبة كل مناسبة لها أكلة معينة موروثة من الأجداد، ونحن نجدد هذه المعلومات من المطبخ الارميني ونشرة في العالم وأهمها مهرجان الدولما (محشي ورق العنب) حيث يتم عمل أكبر دولما في العالم وصلت الي 8 أمتار وسجلت بموسوعة جينز ريكورد للأرقام القياسية، وفي نهاية العام يتم عمل مهرجان القرع العسلي ويقام في مختلف القري والمحافظات بأرمينيا الأمر الذي يكون له مردود جيد علي السياحة في أرمينيا.