جاء قرار هيئة التحقيق القضائية برئاسة المستشار ثروت حماد، وعضوية المستشارين أيمن فرحات، وباهر بهاء، المنتدبة من رئيس محكمة استئناف القاهرة، للتحقيق في وقائع المخالفات والتجاوزات المالية بمؤسسة الأهرام الصحفية، بمنع 14 موظفا وموظفة ب«الأهرام»، من العاملين بسكرتارية رؤساء مجالس الإدارة المتعاقبين وسكرتارية مدير إعلانات الأهرام، من مغادرة البلاد، ووضع أسمائهم على قوائم الممنوعين من السفر وتقديم العديد من البلاغات للجهات الرقابية التي تحمل الكثير من المفاجآت والمعلومات الخطيرة ضد مافيا الاستيلاء على أموال مؤسسة الأهرام ليفتح الباب من جديد لتعرية أباطرة الهدايا والفساد في المؤسسة التي ننتمى لها قبل أي دور أو واجب صحفي يدفعنا لمحاربة الفساد. ولسنا في مجلة «الأهرام العربي» في إطار اتهام لأحد من هؤلاء بقدر ما نحن أمام مجموعة كبيرة لا حصر لها من الوثائق والمستندات الخطيرة حصلنا عليها من مصادرنا الخاصة و تثبت بالأرقام والأسماء ما جرى من مخالفات وتجاوزات مالية في عهود رؤساء مجالس إدارة سابقين وبالأحرى ما تم في عهد (إبراهيم نافع) وما بعده حتى قيام ثورة 25 يناير وسقوط نظام مبارك، وتورط العديد من الأسماء في جداول مكافآت وهدايا عينية خاصة بإدارة الإعلانات في عهد الكابتن حسن حمدي وفلوله من بعد رحيله عن المؤسسة. وتضمنت البلاغات المقدمة للنائب العام واقعة الاستيلاء على مليون جنيه من قيمة إعلانات إحدى شركات السيراميك، واستلام بضاعة وقيدها بالدفاتر على أنها هدايا، وترجع الواقعة التى يعود تاريخها إلى 8 أغسطس من عام 2002، وأبطالها هم: حسن حمدى المشرف على قطاع الإعلانات بالأهرام السابق، وهدى عوض الله مدير عام حسابات الإعلانات الأسبق، وخالد كمال مدير عام تحصيل الإعلانات، وسمير صبحى مدير عام حسابات الإعلانات السابق، وآخرون، قامت هدى عوض الله باستخراج عدد 8 خطابات صادرة إلى العميل تفيد بتسليم إدارة الإعلانات بضاعة قيمتها مليون جنيه، وأصدرت تعليماتها باستخراج ثمانية إيصالات «مقاصة»، أربعة منها إيصالات وكالة والأربعة الأخرى إيصالات إعلانات، وذلك لتحميل خطابات البضاعة على حساب الهدايا، وبدوره قام حسن حمدى وبدون مذكرة رسمية بمخاطبة إدارة الشئون القانونية التى تعمل لصالح الكابتن حسن حمدي فقط دون النظر إلى مصلحة المؤسسة بتسليم الشيكات إلى خالد كمال. وأفادت البلاغات أن خالد كمال حصل بهذه اللعبة على مليونى جنيه وليس مليونا واحدا، المليون الأول مقابل الشيكات المرتدة، والمليون الثاني قيمة خطابات البضاعة، وهنا يتجلى دور سمير صبحى الشهير ب «الدفاس» وسيد عبد العال الشهير ب «التربى» لقدرتيهما على التلاعب فى الحسابات، حيث تم التستر على الفضيحة وتحميل مبلغ المليون جنيه قيمة الشيكات المرتدة على الأرصدة الدائنة بالدفاتر، وتم استردادها من العميل، حيث لم يقم بتسليم بضاعة، وبذلك يكون السيناريو قد تم «حبكه» ببراعة. وكشفت أيضا عن أنه عندما تولى صلاح الغمرى رئاسة المؤسسة، طلب بإعداد تقرير مفصل عن الواقعة، وعلى الرغم من كشف التقرير الذى جاء فى 4 صفحات عن صحة الواقعة والاستيلاء على المبالغ، فإن الغمرى لم يتخذ أى إجراء قانونى حيال ذلك، والمضحك فى الأمر أنه تم إصدار خطابات بضاعة على «البنك العربى» على الرغم من أن البنك ليس لديه بضاعة، وبقيمة إجمالية مليون ونصف المليون جنيه، لأن خطابات البضاعة هى وسيلتهم الوحيدة للنهب والسرقة. وأخيرا ناشدت البلاغات النائب العام باتخاذ اللازم، وعدم ترك إبراهيم نافع يتمتع فى باريس بأموال الأهرام المنهوبة، وكذلك مدحت منصور مدير عام وكالة الأهرام للإعلان الأسبق، الذى يعيش أميرا بين رومانيا واليونان، فى الوقت الذى ظل حسن حمدى متمسكا بإنكار كل هذه الوقائع ويعيش كأنه «مظلوم». والغريب فى الأمر أن كل خطابات البضاعة الموجهة إلى العملاء من الإدارة المالية والتحصيل يتم توقيعها من شخص واحد فقط (هدى عوض الله)، دون رقيب ودون اعتمادها من أى مسئول كبير فى المؤسسة، وكل هذه الخطابات كانت تتم دون ذكر نوع البضاعة المطلوبة أو اسم المستلم من إدارة الإعلانات، فتجد الخطاب مكتوبا فيه كلمة (بضاعة) فقط ويقابله المبلغ (المنهوب).. والمفروض أن يتم إلغاء بند خطابات البضاعة مقابل إعلانات والتى يتم قيدها بالدفاتر على أنها هدايا. ويشير بلاغ آخر تقدم به سعد الحلواني إلى قيام كل من هدى عوض الله ونهال فاروق راتب سكرتيرة حسن حمدى وهالة مصطفى ومنى الجبيلى وهانى طه إسماعيل بالحصول على مليون ونصف المليون جنيه عن طريق خطابات والبضاعة مقابل إعلانات، وجلب فواتير مزورة وقيدها بالدفاتر على أنها هدايا مسحوبة من عملاء المؤسسة، وبلغ عدد الفواتير المزورة (779) فاتورة بقيمة 1.426.435 جنيه، لم يذكر فى أغلبها نوع البضاعة، وقام حسن حمدى باعتماد 19 فاتورة منها، بينما قامت هدى عوض الله باعتماد باقى الفواتير (760) فاتورة. ومن المعروف أيضا أن إيصالات المقاصة تعتبر إيصالات تحصيل، وبالتالى يتم احتساب عمولات عليها ، وبذلك يحصل «فريق النهب» – كما وصفه مقدم البلاغ – على أموال المؤسسة عن طريق بند الهدايا بالإضافة إلى عمولة على ذلك. ومن بين هذه الفواتير، 55 فاتورة بمبلغ 48796 جنيهاً قام باستلامها هانى طه إسماعيل أغلبها معتمدة من هدى عوض الله، والبعض الآخر غير معتمد، ودون وجود أى توقيع فى خانة «المبيعات» أو «الإدارة»، وتساءل البلاغ، أين أمر التوريد التى كانت أغلبها عبارة عن ساعات يد؟، وأين كشوف توزيعها؟. ولم تتوقف البيانات المقدمة ضد حسن حمدى عند الفساد المالى فقط، بل كشف تقرير موجه إلى الدكتور أحمد فهمى رئيس مجلس الشورى السابق، عن بطلان التجديد لحمدى فى منصبه كمشرف على قطاع الإعلانات فى الأهرام، وذلك بعد بلوغ السن القانونية عام 2009، حيث قام الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس إدارة الأهرام الأسبق بالتمديد لحسن حمدى لمدة عامين، وذلك بالمخالفة للقانون رقم 96 لسنة 1996، والتى تنص على أن تكون سن التقاعد للعاملين فى المؤسسات الصحفية القومية من صحفيين وإداريين وعمال ستين عاما، ويكون المد إلى الخامسة والستين بقرار من مجلس الشورى بالنسبة إلى رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير وبقرار من المجلس الأعلى للصحافة بتوجيه من مجلس إدارة المؤسسة بالنسبة لغيرهم. وقد صدر قرار عبد المنعم سعيد منفردا دون عقد جلسة للمجلس للموافقة على المد، ودون صدور تفويض من المجلس وعدم صدور اعتماد لهذا القرار من المجلس الأعلى للصحافة، وبناء على ذلك فإنه يجب على حسن حمدى رد كل ما حصل عليه خلال تلك الفترة من مرتبات وعمولات وومصاريف وحوافز وأرباح، وأيضا رد قيمة الهدايا السنوية إلى كبار المسئولين بالدولة، مع بطلان اعتماداته المالية. وأشار البلاغ إلى الصلاحيات الضخمة التى تمتع بها حسن حمدى فى عهد إبراهيم نافع والتى بلغت 13 صلاحية، جعلت كل رؤساء مجالس الإدارات الذين توالوا على المنصب، ورؤساء التحرير وكبار قيادات مؤسسة الأهرام يؤيدون وجود حمدى فى منصبه لأطول فترة ممكنة حتى ولو بالمخالفة للقوانين، لأن هذا يسهل لهم الحصول على نصيبهم من «الكعكة». ولما كان حمدى هو الشريك الأساسى لإبراهيم نافع فى الشركة التى أسساها لتوريد الأحبار والورق وغيرها من المعدات وأدارها ولديهما، والتى كانت تورد لمؤسسة الأهرام بالأمر المباشر، وتربحت منها بالملايين بما يخالف القانون، فقد جعلت تلك القرارات من حسن حمدى الرئيس الفعلى للمؤسسة بعد رحيل نافع. وقد تفرعت من هذه الشركة 7 شركات أخرى برءوس أموال قدرها 155 مليون جنيه، مما سهل فى تكوين نافع وحمدى لثروات طائلة على حساب المال العام واستغلال بند الهدايا السنوية ومنحها لكبار المسئولين فى الدولة فى تحقيق مكاسب طائلة. وكشف بلاغ آخر ل «سعد الحلواني» عن استيلاء حسن حمدى على ما يقرب من 70 مليون جنيه قيمة شيكات مرتدة من عام 1993 حتى عام 2002، وذلك بمساعدة هدى عوض الله وفتحي فهمي عبدالموجود وسيد عبدالعال وطاهر سامى وسهام المكاوى وعاطف رجب، قيادات إدارتى التحصيل والحسابات بالمؤسسة، بعد أن تقاعست الإدارتين عن متابعة تحصيل الشيكات المرتدة والتى بلغت قيمتها تحديدا 64.734.774 جنيها طوال 9 سنوات لانشغالهم فى نهب أموال المؤسسة وفقا لما جاء فى البلاغ. وقد أشارت تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات خطورة تراكم الشيكات المرتدة وطلبت توضيحا عنها، وهو ما دفع حسن حمدى لعقد اجتماع مع معاونيه لايجاد الحل المناسب للخروج من المأزق، وقد توصلوا إلى إخفاء قيمة الشيكات المرتدة دفتريا عن طريق التلاعب فى القيود المحاسبية، وبالفعل تم التنفيذ بمعرفة سيد عبدالعال وطاهر سامى، وتم تحصيل قيمتها لحسابهم، ونظرا لإلغاء إيصالات التحصيل لهذه الشيكات كان يتعين رد قيمة العمولات السابق صرفها إلى كبار المسئولين بالمؤسسة، وهم إبراهيم نافع وعلى غنيم وحسن حمدى وهدى عوض الله وفتحى فهمى ومديرو الإنتاج والمندوبين، وقد بلغت قيمة العمولات المنصرفة عن هذه الشيكات نحو 5 ملايين جنيه. أما أغرب البلاغات التى تم تقديمها إلى النائب العام، كان بلاغاً يفيد بالاستيلاء على 26 مليون جنيه من مكتب لندن فى ظروف غامضة، ولم يعلم أحد شيئاً عنها، وكان هذا هو مضمون الملاحظة الواردة في تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عام 2004، وجاء رد مؤسسة الأهرام عليها بأن رئيس مجلس الإدارة قد اعتمد التسوية المالية بتاريخ 12 أكتوبر 2005، وكان ذلك كفيلا بإنهاء الموضوع. وقد أكد البلاغ المقدم من سعد الحلوانى بتاريخ 16 فبراير 2013، أن مبلغ ال 26 مليون جنيه لا يوجد له أى مستندات صرف ولم يتم حتى الآن تحديد الجهة المنصرف لها، لكن – وفقا للبلاغ – فقد تردد أن المبلغ قد تم صرفه كغرامة تعويض عن واقعة «تحرش جنسى» تورط فيها أحد كبار المسئولين بمؤسسة الأهرام ضد سكرتيرة مكتب لندن، ويشير البلاغ إلى أن 6 من قيادات المؤسسة هم فقط من يعلمون بحقيقة الأمر، وهل بالفعل تم صرف المبلغ لتسوية قضية تحرش، أم تم الاستيلاء عليه بمعرفة هذه القيادات التى أصدرت التعليمات بالصرف وإعداد التسويات المالية اللازمة، وهم أيضا من قاموا بالتعتيم والتستر على الواقعة. النجار قدم 12 بلاغاً ضد نافع وحمدي الكابتن ورط «أبو تريكة وجمعة وحسن وإينو وعبد الفضيل فى فساده» الدكتور أحمد النجار، رئيس مجلس إدارة الأهرام سبق وأن قدم 13 بلاغا اتهم فيها حسن حمدى وإبراهيم نافع، رئيس مجلس إدارة الأهرام الأسبق بإهدار المال العام، فى الفترة من 2005 وحتى 2008، إلا أنه تم إغلاق بعضها. وكان ممدوح الولى -رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام الأسبق قد أحال واقعة إهدار أموال المؤسسة لصالح النادى الأهلى للشئون القانونية بالمؤسسة، تمهيدًا لإحالتها لنيابة الأموال العامة فى واقعة صرف مبلغ مليون وثمانمائة ألف جنيه للنادى الأهلى قيمة غرامات تم فرضها من قبل وكالة الأهرام للإعلان على النادى الأهلى عن المخالفة الخاصة بعقد الرعاية للنادى فى الفترة من 2008 وحتى 2011، والمخالفة تتمثل فى قيام محمد أبو تريكة وأحمد حسن آنذاك بعمل إعلانات لشركات منافسة للرعاة. مما ترتب عليه فرض غرامات من قبل رعاة الأهلى على وكالة الأهرام للإعلان بأكثر من خمسة ملايين جنيه، وبالتبعية فرضت الأهرام غرامة على الأهلى بمبلغ مليون وثمانمائة ألف جنيه، وتم الاتفاق بين حسن حمدى رئيس النادى الأهلى وحسن حمدى المشرف العام على قطاع الإعلانات بالأهرام بصرف مبلغ الغرامة، مقابل حصول الأهرام على بعض الحقوق البديلة متمثلة فى إعلانات لبعض لاعبى الأهلى، وهم: (وائل جمعة، شريف عبدالفضيل، إينو، محمد فضل، أحمد عادل)، بجانب مباراة ودية دولية للأهلى، والحصول على حق استخدام شعار النادى على ثلاثة منتجات، وبالفعل أمر حسن حمدى -الأهرام- استمارة صرف رقم 12 لسنة 2012 لإدارة الرقابة الداخلية بالأهرام من قبل حاتم مرزوق مدير إدارة مراجعة الإعلانات وعضو الجمعية العمومية بالأهرام، الذى صرف مكافأة تصل لخمسة آلاف جنيه مقابل تمرير تلك الاستمارة لصالح حسن حمدى النادى الأهلى باستمارتى صرف رقمى: 1641 , 2622 من إدارة الإعلانات وكل مخالف للمادة رقم (5) والمادة رقم (21) من اللوائح المالية للمؤسسة عن العام المالى 2011-2012، وكان يجب اعتماد رئيس مجلس الإدارة على جميع هذه الاستمارات.