الطيب الصادق ثورة 30 يونيو هى التى جاءت بحكومة الدكتور حازم الببلاوى، ومع ذلك تبدو هذه الحكومة وكأنها جاءت من الفراغ، فالمواطنون يرون أنها منفصلة عن واقعهم والخارج لا يرى لها (كرامات) على الأرض. وبرغم أنها حكومة لم تأت بوعود أو طموحات، فإن جدول أعمالها الذى رسمه 30 مليون ثائر مشحون بالكثير مما ينبغى عمله، وهو ما يطرح الكثير من الأسئلة حول جدوى استمرار هذه الحكومة التى لا يرى أحد فى الداخل أو الخارج أى أثر لها فى الشارع المصرى. خبراء الاقتصاد أكدوا ل "الأهرام العربي" أن حكومة الببلاوي واجهت مصاعب ومعوقات كبيرة، لكنها فشلت حتي الآن في اعتماد أوراقها من الناحية العملية، ولم تحقق طموحات الشعب المصري بل هي تسير علي نفس خطي الحكومات السابقة، مؤكدين أنها فشلت في ضبط الأسعار والقضاء علي الفوضي وعدم الاستفادة من الدعم الشعبى والسياسى الذى حظيت به هذه الحكومة وعدم وجود خطة وأجندة اقتصادية ورؤية اقتصادية محددة. هاني أبو الفتوح الخبير الاقتصادي، يشير أن أداء الحكومة المصرية ضعيف بشكل عام ولا يحقق الآمال المنعقدة عليها ولا يتناسب مع طموحات المواطنين، ويتضح ذلك جليا من حالة عدم الرضاء التى تنتشر في الشارع المصري، ولم تفلح محاولة رئيس الوزراء في تخفيف حالة الغضب وامتصاص غضب الشارع بمبادرات مثل إلغاء مصروفات المدارس الحكومية، وإعلان الحد الأدني للأجور ولم تضع الحكومة سياسات محددة لانتشال الاقتصاد من عثرته، حيث إن هذه المسكنات بعيدة تماما عن اعتبارها حلولا لمعاناة المواطن المصري، لأن الحل المنتظر من الحكومة يجب أن يعالج المشاكل العاجلة والملحة مثل مشكلة البطالة وإعادة تشغيل المشاريع التى تعثرت بسبب ظروف البلاد بعد الثورة، واتخاذ التدابير الضرورية لحل الأزمة الاقتصادية بناء على دراسات وافية وحلول عملية ومبتكرة تمكن الاقتصاد من التعافي والنهوض. وأوضح أن الحكومة فشلت في ضبط الأسعار التى انفلتت لتقهر المواطن المصري حتى في الطبقة المتوسطة، وتدهورت الأحوال في مجالات المرور و الصحة والنقل، والزراعة والتشغيل والإسكان والنظافة والنقل والتعليم والأمن، مشيرا أن من أخطاء الحكومة الحالية الاعتماد على الدعم الخليجي لأنه لن يستمر طويلا، خصوصا أن الدول المانحة يكون لها الحق فى وقف تلك المساعدات مستقبلا بحسب التغيرات على الساحة السياسية. وطالب الحكومة الحالية بوضع إستراتيجية واضحة وشاملة تضع في المقام الأول أهدافا محددة كأولوية عاجلة تشمل زيادة إيرادات الدولة وترشيد المصروفات التى وصلت إلى حد غير مقبول والقضاء على الفوضى التى تسيطر على الشارع المصري، و استعادة الأمن و التعامل بكل حزم مع الاعتصامات والمظاهرات التى تعطل سير العمل كأولوية قصوى، كما تشمل الأولويات دعم قطاع السياحة وزيادة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية، والعمل على استقرار أسعار صرف العملات الأجنبية، مشددا علي ضرورة إعادة النظر في التشريعات الاقتصادية الحالية بما يتيح إزالة المعوقات الناتجة عن بعض التشريعات الحالية، وإصدار حزمة من القوانين المحفزة للاستثمارات كما يجب على رئيس الوزراء إعادة تقييم أداء الوزراء داخل الحكومة واستبدال الوزراء الذين اتسم أداؤهم بالضعف..فيما يؤكد الدكتور عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية، أن حكومة حازم الببلاوى تولت أعمالها فى يوم الثلاثاء الموافق 16يوليو 2013 وسط ظروف وتحديات كبيرة أهمها المظاهرات والاعتصامات الموجودة فى الشارع المصرى وحالة الشحن والاحتقان السياسى الموجودة بالشارع المصرى وعدم وجود مؤسسات للدولة حتى إن مجلس الشورى تم حله وعدم وجود حالة من حالات التسليم والتسلم للملفات والحقائب الوزارية، حيث إن الوزارة القديمة لم تقم بتسليم الوزارة الجديدة برئاسة د. حازم الببلاوى أى ملفات وتمت عملية التسليم والتسلم اجتهادية وعشوائية في وجود كثير من الموظفين التابعين للإخوان داخل أروقة الأجهزة الحكومية ذوى انتماء وتعاطف معهم مما كان له تأثير سلبى على الأداء الحكومى، ولا سيما أن جهاز الدولة يتوقف العمل به على أداء متوسطى وكبار الموظفين وليس على الوزراء وهؤلاء الذين تمت ترقيتهم، فضلا عن الانخفاض الحاد فى دخل وإيرادات السياحة المصرية التى انخفضت إلى أقل من 10 % ولاسيما بعد قيام معظم الدول بمنع وحظر السياحة لمصر والانخفاض الحاد فى الاحتياطى النقدى المصرى الذى وصل إلى أدنى مستوياته وهو 14.9 مليار دولار محمل بالأعباء والديون، وتطبيق حالة الطوارئ وحظر التجوال اعتبارا من 14 أغسطس وحتى الآن نظرا لما شهدته الشوارع المصرية من حالات انفلات أمنى وتوقف حركة القطارات فى مصر لأكثر من شهرين متواصلين. وأشار أن ما ساعد على ضعف الأداء الحكومى لوزارة الببلاوى أيضا، غياب الرؤية والهدف والتخطيط الإستيراتيجى، وغياب التواصل مع المواطنين والتباطؤ الشديد فى اتخاذ القرارات واعتبار الحكومة نفسها حكومة انتقالية مؤقتة، ومن ثم لجأت إلى تسيير الأعمال وعدم القدرة لمواجهة المشاكل والفساد والعشوائيات وتبوير الأراضى الزراعية، وصارت الحكومة الحالية بقيادة الببلاوى على خطى الحكومات السابقة دون تغيير أو تعديل، وبالتالى جاء الأداء باهتا، حيث ظلت نحو ثلاثين يوما بدون أى أداء أو تحرك اقتصادى ثم بدأت الحكومة بعد ذلك بتحركات على مستوى الملف الاقتصادى، لافتا النظر أنه طبقا للتقرير المالى لوزارة المالية لشهر سبتمبر، فإن إجمالى بند المصروفات خلال الثلاثة أشهر الأولى للموازنة العامة للدولة للعام المالى الإنفاق الحالى أصبح 74 مليار جنيه مقارنة بنحو 66.3 مليار جنيه خلال الفترة نفسها من العام المالى السابق، وبلغت نسبة الزيادة 11.4 % فى المصروفات فى حين أن إيرادات الدولة خلال الربع الأول من (يونيو حتى سبتمبر ) لم تتجاوز 34.18 مليار وهذا ما يدل على ضعف الأداء الحكومى. وتابع قائلا: إن أهم ما يعاب على الحكومة الحالية هو عدم الاستفادة من الدعم الشعبى والسياسى الذى حظيت به هذه الحكومة وعدم وجود خطة وأجندة اقتصادية ورؤية اقتصادية محددة وقيام بعض الأعضاء بأدوار غير المحددة والمرسومة لهم، وانشغالهم بأمور سياسية بعيدة كل البعد عن طبيعة أعمالهم، فمثلا نجد د. زياد بهاء الدين المسئول الأول عن الملف الاقتصادى بصفته نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير التعاون الدولى لم يقم بأى مبادرة اقتصادية لخروج مصر من الأزمة الاقتصادية أو طرح الرؤى الاقتصادية بل قام بعمل مبادرة سياسية للمصالحة مع الإخوان، كما لم تتخد الحكومة قرارات وحلولا حاسمة لإشكالية عجز الموازنة المصرية وانفجار الدين العام وإعادة صياغة العلاقات التجارية والاستثمارية والاقتصادية مع دول الخليج وتركيا وإيران أو حسم ملفات الطاقة والأراضى مع المستثمرين أو هيكلة شركات القطاع العام أو وضع رؤية الدولة حول شركات القطاع العام التى صدرت أحكام قضائية بعودتها للحكومة مرة أخرى، أو صياغة منظومة عادلة لترشيد الدعم ومحاربة التهريب وتقنين القطاع الخفى والاقتصاد الموازى أو ضبط الشارع أمنيا ومروريا واستعادة الأمن أو تهيئة المناخ لجذب الاستثمارات، حيث لا توجد للدولة حتى الآن خطة واضحة المعالم لكيفية زيادة الاستثمارات العربية والأجنبية، فضلا عن عدم إصدار أى قوانين ترسخ للعدالة الانتقالية على الرغم من وجود وزارة تحمل اسم (العدالة الانتقالية) و لم تقم الحكومة باتخاذ خطوات جادة نحو مشاكل وهموم المواطن اليومية مع المرور والنظافة والفساد الإداري والأمن.