أكد عدنان الشرقاوى نائب رئيس البنك العقارى المصرى العربى، أن الأوضاع الاقتصادية للبلاد بلغت حداً حرجاً، والحكومة لا تمتلك رؤية لحل المشكلات وتركز على زيادة إيراداتها بالضرائب التى تثقل بها كاهل الفقراء دون الأغنياء، وذلك «لعب بالنار». وأضاف أن مصر تحتاج إلى حكومة طوارئ لتحقيق الأمن والاستقرار كأهداف أولى تتيح انتعاش الاقتصاد، وهى أهداف دعا الجيش إلى أن يكون فاعلاً فى تحقيقها. ■ بداية، ما تقييمك للوضع الاقتصادى؟ - حرج جداً، والذى يقول غير ذلك فإنه يسعى إلى تحسين الصورة، ومعظم الأنشطة الاقتصادية فى مصر أصابها الضمور، وأهمها السياحة التى تمثل أسرع مردود على الاقتصاد، لكن إدارة البلاد تفتقد الرؤية الاقتصادية. ■ هل هو ضعف فى إدارة الدولة؟ - ليس ضعفاً فقط، فالإدارة «علم» و«فن» ونعانى غياب الاثنين، غياب فى الرؤية وضعف فى أسلوب الإدارة. ■ ما الذى أوصل الوضع الاقتصادى إلى ذلك؟ - نجاح البلد يتلخص فى نقاط أهمها وجود رؤية أمنية يجب ألا تنحصر فى الشرطة فقط، بل لا بد أن يكون الجيش عنصراً فاعلاً فيها لفترة، فللأسف الشرطة لم تتعافَ بعد، ولم تسترد ثقة الشعب فيها كاملة، لكن الشعب لم يسبق أن فقد الثقة فى الجيش، الأمن ضرورة لاستعادة السياحة ومعدلات الإنتاج والاستثمارات الأجنبية. ■ أرقام ميزان المدفوعات الجديدة تشير إلى أن حجم الاستثمارات الخارجة من مصر انخفض، فهل يرجع ذلك إلى تحسُّن الأوضاع؟ - إن النسبة الأكبر من تلك الاستثمارات خرجت من مصر بعد ثورة يناير، لذلك من الطبيعى أن ينخفض حجم الاستثمارات التى تخرج من السوق تالياً، لكن لا نغفل أن هناك مستثمرين دخلوا مصر وهم ينتمون إلى فئة معينة تحاول دعم النظام الحالى ولها أجندة سياسية. وميزة مصر أنها لا تعتمد على قطاع اقتصادى واحد، لكنها تحتاج إلى استقرار، والأهم هو بناء رؤية اقتصادية، وإذا كانت الحكومة قادرة على إعادة الأمن خلال 6 شهور فإن السياحة ستعود، وإذا توقّفت الاضطرابات فسيُشجع ذلك المستثمرين على العودة، وخلال عام من انتعاش السياحة والاستثمارات فإن الاقتصاد سيتحسّن. ليس من المنطق أن يظل اعتماد الاقتصاد على البنك المركزى فقط، لأن الاقتصاد له جناحان، سياسة نقدية وهى مهمة البنك المركزى والسياسة المالية وهى مهمة الحكومة ممثلة فى وزارة المالية، ولا يمكن أن نظل نعتمد على المعونات والودائع، فهذا فى منتهى الخطورة. ■ حكومة «قنديل» مرّ على تشكيلها عام تقريباً فما تقييمك لأدائها؟ - الحكومة تبذل جهودها، لكن بلا مردود على النشاط الاقتصادى، أرى ضعفاً فى إدارة الوزراء، هناك من حقّق نتائج لا بأس بها، وهناك من يفتقد الكفاءة الكافية لإدارة المرحلة الحرجة الحالية. لكن على مستوى المجموعة الاقتصادية، فإنه لا بد من تدعيمها بكفاءات تتمتع بخبرة وحكمة والقدرة على اتخاذ القرار. ولا بد من تنسيق كامل بين الوزارات، سواء من المجموعة الاقتصادية أو من خارجها، لأن كله مرتبط ببعضه ولا يمكن حل الأزمة الاقتصادية بمعزل عن الرؤية الأمنية والسياسية. ■ تتجه الحكومة إلى ترشيد المصروفات أكثر من الاتجاه إلى زيادة الإيرادات، وهو ما يبدو واضحاً على صعيد ملف الدعم، بينما الاتجاه الأكبر إلى تعظيم الإيرادات من خلال التوسُّع فى فرض الضرائب، وليس بتعظيم الاستثمارات، فما تعليقك؟ - أتفق معك تماماً، الحكومة اضطرت خلال الفترة الماضية إلى زيادة الإيرادات بأى طريقة، لتخفيض عجز الموازنة العامة، لكن «مش هو ده الحل». وأرى أنه لا بد من إعادة النظر فى منظومة الضرائب بشكل عام بما لا يمس المواطن البسيط، وأقول إنه عندما تمس الزيادات الضريبية عامة الشعب «اللى مش لاقى ياكل» فأنت «بتلعب بالنار وتفجر البركان»، وأعتقد أن الحل هو الضرائب التصاعدية حسب الدخل، مثلما هو حاصل فى المجتمعات المتقدّمة، فليس مقبولاً أن يدفع المليونير ضرائب بنفس النسبة التى يدفعها محدود الدخل. ■ ماذا عن الاتجاه إلى زيادة الإيرادات من خلال دعم الاستثمار، وليس فرض المزيد من الضرائب؟ - تشجيع الاستثمار سيرفع من إيرادات الدولة، ومن بينها الحصيلة الضريبية، «لكن ماينفعش نتكلم عن تشجيع استثمار دون عودة الأمن وتحقيق الاستقرار السياسى». فى رؤيتى الاقتصادية لا بد من عمل خطة أساسية طويلة الأجل للدولة، لتوضيح احتياجات القطاعات الاقتصادية المختلفة، ووضع آليات وأدوات لتنفيذها، ومنها نخرج بقائمة أولويات، يتم تنفيذها وفقاً لجدول زمنى، «الناس حاسة أن الحكومة بتفتش فى جيوبها وتاخد منها فلوس». ■ ماذا عن الدعم؟ - أنا أول المطالبين بإعادة توزيع الدعم وهيكلته بشرط عدم المساس بالطبقة الفقيرة، لأنها لن تحتمل أكثر من ذلك، وما تقوم به الحكومة حالياً لا أحد يفهمه، الحكومة جاءت بعد ثورة، ومن المفترض أن أسلوب إدارة الفترة الحالية صعب جداً، وأعتقد أننا فى احتياج إلى حكومة طوارئ. ■ هل تتحقق فوائد من علاقات مصر الاقتصادية عربياً وأفريقياً ودولياً؟ - آسيوية وأفريقية وأوروبية، هى أقل من المستوى المطلوب، وأرى أن أقصر طريق ممكن إصلاحه هو استعادة العلاقات المصرية العربية، والدول الغربية لا يهمها سوى المصالح، والسياسة الخارجية المصرية تتسم بالضعف الشديد، والمفترض أن يكون لها دور فاعل بين الدول العربية، حتى إذا وُجدت خلافات. المصالح الاقتصادية مهمة، لكنها مرتبطة بالسياسة، ومن وجهة نظرى أرى أنه ينبغى إصلاح العلاقات العربية، وأتعجب من افتعال المشكلات مع الدول العربية ومردودها السياسى سيئ والاقتصادى أسوأ، أما عن العلاقات الأوروبية فهى أيضاً دون المستوى، لكن الأولوية لإصلاح العلاقات مع الأشقاء العرب. ■ فى ظل الوضع الحالى، هل نستطيع الحصول على قرض صندوق النقد؟ - تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى يحتاج إلى توافق شعبى، ومن البديهيات أن الحصول على القرض يخضع لعوامل واعتبارات سياسية.