قضايا كثيرة فرضت نفسها علي مائدة الحوار مع الدكتور سامح الترجمان رئيس جهاز المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية في مقدمتها التعديلات الأخيرة التي في صدد اقرارها من مجلس الوزراء علي قانون حماية المنافسة. والتقرير الذي أعدته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية حول أداء جهاز المنافسة بمناسبة مرور5 سنوات علي إنشائه. قال الترجمان أن التعديلات الأخيرة للقانون المطروحة علي مجلس الوزراء لإقرارها عالجت الأخطاء التي ارتكبها المهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب الأسبق ولكنها غير كافية موضحا أن التعديلات شملت زيادة قيمة الغرامة الواردة في التشريع الأصلي في المادة22 بإضافة غرامة نسبتها10% من قيمة مبيعات المنتج محل المخالفة, إلي جانب الحد الأقصي للغرامة الواردة في نص القانون الحالي, مع مضاعفة الغرامة في حديها الأدني والأقصي في حالة تكرار المخالفة, وحدد التشريع الحد الأدني بمائة ألف جنيه, والأقصي ب300 مليون جنيه. هذا بخلاف إعفاء المبلغ من العقوبة لتيسير الكشف عن الجرائم الاحتكارية... وكثير من القضايا التي تناولها الحوار. ما هي نتائج تقييم منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية لأداء جهاز حماية المنافسة المصري؟ وما هي توصيات المنظمة للجهاز خلال الفترة القادمة ؟ { بداية يجب أن نشير إلي أن هذا التقييم من قبل منظمة التعاون الإقتصادي تم بناء علي طلب من جهاز حماية المنافسة للوصول إلي أفضل مستويات الكفاءة والمهنية وتعزيز حماية المنافسة داخل الاقتصاد المصري.. وتمت عملية التقييم في نهاية شهر يونيو الماضي خلال المؤتمر الذي أعدته المنظمة في العاصمة الفرنسية باريس حيث تم مناقشة تقرير خبراء المنافسة بالمنظمة وهم رئيس جهاز حماية المنافسة الفرنسي, ورئيس جهاز حماية المنافسة بجنوب أفريقيا, والرئيس السابق لمفوضية التجارة الفيدرالية.. وكان وفد من المراقبين التابعين للمنظمة قاموا بزيارة مصر لدراسة سياسة المنافسة في مصر وتطبيق القانون, وذلك من خلال إجراء بحث ميداني تضمن عقد العديد من المقابلات مع وسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني والجامعات ومسئولين من الحكومة.. التقرير انتهي إلي عدة أمور بعضها إيجابي والبعض الآخر سلبي حيث أشار التقرير إلي أن ثورة25 يناير غيرت كثيرا من القضايا التي كان سيتناولها التقرير وأهمها اختفاء تأثير رجال الأعمال وتحديدا في الدوائر التشريعية حيث كان هذا التأثير ينعكس سلبيا علي التعديلات التشريعية التي كانت تحمي مصلحة القطاع الخاص علي حساب المصلحة العامة لمصر. هل أشاروا إلي سيطرة ونفوذ أحمد عز ؟ { كان هناك تلميحات من قبل خبراء المنظمة علي سيطرة أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني المنحل علي دوائر التشريع في مجلس الشعب حيث أشاروا إلي تغيير التعديلات التي وافق عليها مجلس إدارة الجهاز علي قانون حماية المنافسة في مجلس الشعب عام2008 حيث خرجت التعديلات التي تمت علي القانون داخل مجلس الشعب مغايرة تماما للتعديلات التي أقرها مجلس إدارة الجهاز. ما هي القضايا الآخري التي تناولها التقييم ؟ { هناك أمر هام أشار إليه الخبراء وهو أهمية أن يكون لمصر سياسة عامة للمنافسة ولا يجب أن تقتصر المنافسة علي عمل الجهاز, ويرجع أهمية هذا الأمر إلي أن مصر تحولت من اقتصاد تسيطر عليه الدولة لفترة طويلة إلي اقتصاد حر, وكان من نتيجة الاقتصاد الموجه خلق كيانات حكومية كبيرة لها أوضاع متميزة ولا يجب نقل هذه الكيانات إلي القطاع الخاص بنفس الأوضاع المتميزة.. ومن بين السلبيات الآخري التي أكد عليها خبراء المنظمة استقلالية الجهاز مما كان له الأثر علي عدم قدرة الجهاز علي حسم القضايا وحسم كثير من الموضوعات كما أن عدم استقلالية الجهاز يثير شبهة التدخل السياسي في عمله وبالتالي جهاز المنافسة لا بد أن يكون مستقلا تماما.. وعند صدور قانون المنافسة في عام2005 نص علي تبعية الجهاز لرئيس مجلس الوزراء وكان الهدف من ذلك أن الجهاز يتم معاملته كوزارة مستقلة تابعة لمجلس الوزراء ولكن تعاقب تفويض رئيس الوزراء الأسبق الدكتور أحمد نظيف لوزير التجارة والصناعة الأسبق رشيد محمد رشيد مما أضر كثيرا بمصداقية الجهاز وحد كثيرا من عمله. ما هي الإيجابيات التي أشار إليها خبراء المنظمة؟ { خبراء المنظمة أشادوا بدور الجهاز خلال السنوات الماضية والتي تمثل مرحلة التكوين وإعداد الكوادر ومع ذلك تعرض الجهاز لقضايا لم تكن سهلة وأهمها علي الإطلاق قضية احتكار الأسمنت وقضايا أخري مثل الحديد والمولاس والزجاج وهي قضايا تتعلق بأنشطة صعبة.. الأمر الآخر الكوادر الموجودة في الجهاز حيث أشاد خبراء المنظمة بهذه الكوادر وأكدوا أنهم ذخيرة جيدة لعمل وتطوير أداء الجهاز.. الأمر الثالث أنه علي الرغم من المعوقات التي حدت من عمل الجهاز إلا أنه قام بعمل دراسات وقام بتقديم توصيات إلي الحكومة وكان تعامله قويا في القضايا التي عرضت عليه. هل تعديلات القانون الأخيرة التي أقرتها وزارة التجارة والصناعة وقامت بتحويلها إلي مجلس الوزراء لإقرارها كافية لمنع الممارسات الاحتكارية؟ ** هذه التعديلات تم إقرارها لتصحيح بعض مواد القانون التي تم تعديلها في مجلس الشعب منذ عدة سنوات والتي ترتب عليها حدوث خلاف في هذا الوقت بين مجلس إدارة جهاز المنافسة وبين المهندس أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب السابق والذي تدخل بقوة لتعديل مواد القانون عن الصياغة التي أرسلها مجلس إدارة الجهاز إلي مجلس الشعب لإقرارها وتم تعديل مواد القانون وفقا لرؤية أعضاء مجلس الشعب وليس وفقا لرؤية جهاز المنافسة.. وبالتالي فإن هذه التعديلات الأخيرة سوف ترد الأمور إلي وضعها الطبيعي ولكن القانون ككل يحتاج إلي تعديلات كثيرة اخري. ما هي ملامح التعديلات التي تودون إدراجها علي القانون ؟ { من بين التعديلات أهمية استقلالية الجهاز وإعطاء صلاحية للجهاز لتحويل القضايا إلي النيابة العامة مباشرة دون الرجوع للوزير المختص وهذا الإجراء لو تم فستتحقق استقلالية الجهاز حتي لا يتعرض لأية ضغوط سياسية. وأيضا الحصول علي موافقة الجهاز علي الاندماجات والإستحواذات قبل أن تتم لأنه خلال الفترة الماضية كان الاندماج أو الاستحواذ يتم وبعد ذلك يتم إخطار الجهاز للعلم فقط دون أن يكون له رأي في هذا الإجراء.. أيضا ضرورة التنسيق بين الأجهزة الأخري فيما يتعلق بالمنافسة ولا بد أن تدخل المنافسة إلي قطاعات كثيرة وهذا يستلزم التنسيق بين كافة الأجهزة الرقابية.. هل تعرض الجهاز خلال السنوات السابقة لضغوط سياسية أثرت علي عمله ؟ { أنا لم أكن موجودا كرئيس للجهاز طوال السنوات السابقة وبصفة عامة كان الجهاز يقوم بعمل دراسات كثيرة ولكن التصرف فيها ليس من سلطة الجهاز وكان من سلطة الوزير المختص وهو وزير التجارة والصناعة رشيد محمد رشيد الذي عاصر الجهاز منذ نشأته وليس لدي علم إن كان رشيد يتدخل في هذه الدراسات أم لا ؟ عموما بقاء سلطة التصرف في القضايا في يد الوزير المختص يثير شبهة التدخل السياسي في عمل الجهاز. بالنسبة لتشكيل مجلس إدارة الجهاز هناك حساسية لدي الكثير من وجود ممثلين للقطاع الخاص في مجلس الإدارة مما يكون له أثر سلبي علي قرارات الجهاز ؟ { هذا أمر هام وفي أذهاننا ونحن نطالب باستقلالية الجهاز بأن يكون تشكيل مجلس الإدارة مستقلا تماما حتي في تشكيله عن القطاع الخاص أو حتي القطاع الحكومي وهذا الأمر يتم تطبيقه علي تشكيل معظم مجالس إدارات الأجهزة في معظم دول العالم.. عموما فإن تشكيل مجلس الإدارة الحالي يتواءم مع طبيعة المرحلة السابقة التي كان فيها دور جهاز المنافسة إستشاريا وليس صاحب قرار والوزير المختص هو صاحب الرأي النهائي.. علي مدي السنوات السابقة لم يشعر المواطنون بدور جهاز المنافسة فهل سيتغير عمل الجهاز بعد الثورة مما يكون لذلك أثر إيجابي علي عمله ؟ { بعد الثورة هناك أمور كثيرة تغيرت ومنها الاقتصاد المصري الذي سيعتمد علي أسس تتعلق بالمنافسة السليمة وبالتالي فإن جهاز حماية المنافسة سيكون من أهم الأجهزة خلال الفترة القادمة والذي سيكون له دور في ضبط النشاط الاقتصادي لأن المنافسة تتدخل في كل شئ ومن أجل أن يتحقق ذلك هناك3 محاور يجب أن تتوفر وهي الناحية التشريعية وبدء حوار مجتمعي مع كافة المؤسسات السياسية والاقتصادية الحكومية وغير الحكومية لخلق ما يسمي اتفاق علي فكرة السياسة العامة للمنافسة.. خلال الفترة الماضية كانت هناك قرارات كثيرة تصدر عن مؤسسات حكومية كانت تضر بالمنافسة وتؤدي إلي مخالفة قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية. في معظم دول العالم تستشير حكومات هذه الدول أجهزة المنافسة لديها قبل إصدار أي قانون حتي لا يخالف قانون حماية المنافسة لماذا لا يتم هذا الإجراء في مصر ؟ { هذه القضية نحن نطالب بها في التعديلات التي نقوم بإعدادها علي قانون حماية المنافسة بحيث لا بد من أخذ موافقة جهاز حماية المنافسة علي أي قانون قبل صدوره وأثناء مناقشة مشروع القانون فلا بد أن يكون للجهاز رأي في أي مشروع قانون يتعلق بالشئون التجارية والاقتصادية. كثير من المواطنين يرون أن جهاز المنافسة ليس له دور في الحد من ارتفاع أسعار السلع في الأسواق ما هو تعليقكم ؟ { التدخل المباشر في تحديد الأسعار ليس دور جهاز حماية المنافسة ولكن دور أجهزة آخري وفي كل دول العالم ليس من مهام أجهزة المنافسة القيام بهذا الدور.. ودور جهاز حماية المنافسة قاصر علي التأكد من أن الشركات المنتجة لهذه الأسعار لم تقم بممارسات احتكارية وأنها لم تخالف قواعد المنافسة.. ولو أن الحكومة تريد أن تدعم بعض السلع الإستراتيجية من آليات السوق الحر فإنها تطبق المادة رقم10 من قانون المنافسة وتستثني هذه السلع من قواعد المنافسة لمدة معينة وهذا الإجراء متبع في معظم الدول المتقدمة التي تطبق الاقتصاد الحر كما أن السوق الحر يسمح بتطبيق تشريعات تعطي الحق للدولة التدخل في ظروف استثنائية لفترة محددة. لماذا لم يتم استكمال دراسة قضية الحديد خاصة أن الدراسة التي تمت كانت خلال وقت محدد من بداية عمل الجهاز وحتي شهر ديسمبر2006 ؟ { هناك قضايا كثيرة قام الجهاز بدراستها أو إعادة دراستها خلال الاشهر الماضية مثل قضية السينما والألبان والزجاج والقضايا الثلاث كان بها مخالفة لبعض الشركات لقانون حماية المنافسة وتم إرسالها إلي وزير التجارة والصناعة. أما بالنسبة لقضية الحديد سيتم استكمال الدراسة بناء علي طلب النيابة العامة مثل ما حدث مع قضية الزجاج التي انتهي منها الجهاز وتم استكمال الدراسة للفترة الزمنية اللاحقة.