في الحادي عشر من سبتمبر عام2001 كان رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وعدد من كبار مساعديه مجتمعين لكتابة الخطاب الذي سيلقيه أمام المؤتمر العام لنقابات العمال في برايتون' حينما تغير العالم ودخلت عليهم سكرتيرته لتقول له:' اعتقد أن من الأفضل أن تتوقفوا عن الكتابة وتتابعوا التليفزيون'. في تلك المرحلة كان دافع بلير الاول هو التضامن مع الولاياتالمتحدة, أما الثاني فهو حثها علي بناء تحالف دولي ضد القاعدة و طالبان, وقال للرئيس بوش في حديث هاتفي: لا تضرب ضربا خبط عشوائيا ولا تقسم عالما يقف موحدا وراءك. ويقول السفير البريطاني في واشنطن حينها' كريستوفر ماير' إن بلير كان يعمل لدفع إدارة بوش بعيدا عن غزو العراق فقد جادلها بالقول: إنه ليست هناك أدلة استخبارية معقولة للإشارة إلي علاقة بين القاعدة الأصولية المتشددة وحكومة صدام الشمولية القومية... غير أن ماير كان واضحا منذ البداية في رسائله إلي لندن بأن العراق ليس خارج القائمة الأمريكية وأن البنتاجون مصمم علي الضربة وهو ما دفع جاك سترو وزير الخارجية البريطاني أن يقول:' أصبح حكم الإعدام واضحا حينها'! غير أن مشاعر القلق المكتومة كانت تنتشر في الدوائر الضيقة في أعلي الهرم الحكومي البريطاني بسبب الطريقة التي يتطور فيها السجال السياسي في أمريكا ولهذا سافر ديفيد ماننج مستشار بلير للسياسة الخارجية إلي واشنطن ليقف علي ما تفكر به أمريكا.. وفي غضون ذلك كان جاك سترو وزير الخارجية عازما علي منع أي صدع أوروبي أمريكي حيث تحدث مرتين لوزير الخارجية الأمريكي كولن باول بخصوص الخطاب السياسي الأمريكي الآخذ بالرعونة علي نحو متزايد وكان سترو يعلم أن باول سيجتمع مع بوش بهدف إخباره صراحة بمخاوفه من هجوم انفرادي علي العراق وقد أخبره سترو بالموقف البريطاني ليخبر بوش به بدوره وبعد الاجتماع قال باول لسترو إن الهجوم علي العراق ليس وشيكا وإن الإدارة الأمريكية لم تقرر بعد تجاهل محاولة إعادة المفتشين للعراق. وغدا نواصل الحديث خير الكلام: صه يا زمان فإننا قوم ليست تغيرهم... أحلام من لا يعرفون الرب والقدر! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله