بمشاعر هي خليط من الفخار المشوب ببعض الاسي لملمت موسكو آخر أوراق العام بما تضمنته من انجازات واخفاقات, سرد كل من الرئيس ميدفيديف ورئيس حكومته بوتين بعض مشاهدها. من خلال احاديث تليفزيونية عكست بعضا من تباين الرؤي بين رفيقين لا احد منهما ينكر طموحاته تجاه قيادة الوطن. كان شعار' تحديث روسيا' هو القاسم المشترك لكل سياسات ميدفيديف طوال العام. ولذا لم يكن غريبا ان يرد عن سؤال محدثيه عن مدي خشيته من ان يلقي مصير جورباتشوف وسياسات البيروسترويكا بقوله انه علي يقين من ضرورة المضي في تنفيذ هذه السياسة ما اعتبره البعض اشارة غير مباشرة الي رغبة في ترشحه لفترة ولاية ثانية لاستكمال المسيرة. اعرب ميدفيديف عن ارتياحه لتجاوز روسيا تبعات الازمة المالية العالمية وتحقيق نسبة نمو بلغت4% في نفس الوقت الذي كشف فيه بوتين عن ارتفاع رصيد روسيا من العملات الاجنبية والذهب واكتشافات روسيا للمزيد من الثروات الطبيعية ومنها النفط والغاز والمعادن ما يكفل دعم الخطط المستقبلية لتحقيق رخاء الوطن والمواطن. وفي اطار من التطابق والاتفاق مع سلفه تجاه القضايا المصيرية اشار ميدفيديف الي اعتبار توقيع معاهدة الحد من الاسلحة الاستراتيجية الهجومية مع الولاياتالمتحدة انجازا تاريخيا يكفل ضمان الاستقرار والامن لروسيا والعالم. ورغم صدور قرار تصديق الكونجرس مقرونا ببعض التحفظات التي دفعت مجلس الدوما الي تأجيل التصديق عليها حتي مطلع العام الجديد فان الكثيرين في موسكو وخارجها علي يقين من' النهاية السعيدة' المتمثلة في التأكيد علي الربط بينها وبين امتناع واشنطن عن نشر عناصر الدرع الصاروخية في شرق اوروبا علي ضوء تنفيذ اتفاق التعاون بين روسيا والناتو في انشاء منظومة الدفاع الصاروخي المشتركة. وكانت موسكو اعربت عن املها في المزيد من تطور علاقاتها مع واشنطن رغم اكتشاف شبكة التجسس الروسية التي قالوا انها لن تؤثر علي تطور هذه العلاقات فضلا عما اعلنت عنه رسميا حول تقدير الوطن لجهود اعضاء هذه الشبكة الذين حرص كل من ميدفيديف وبوتين علي لقائهم وتقليدهم اعلي اوسمة الدولة وتعيينهم في عدد من ابرز المؤسسات النفطية والمالية الروسية.واتفق الزعيمان ايضا حول تقدير التبعات الجسام لما واجهته روسيا من كوارث طبيعية تمثلت في موجة الجفاف والحرائق التي اتت علي الاخضر واليابس وكبدت البلاد افدح الخسائر وهو ما حال دون وفائها بالكثير من التزاماتها. وكان التطابق كذلك في صدر تقديرات الزعيمين لكارثية المواجهات الاثنية العرقية التي كادت تضرب وحدة الوطن المتعدد الاعراق والاديان في اعقاب الشغب الذي دارت بعض مشاهده علي مقربة مباشرة من الكرملين في قلب العاصمة وما اعاد الي الاذهان تفجيرات مترو الانفاق التي نفذتها فرق' الارامل الانتحاريات' من داغستان. وقد عزا الكثيرون ما حدث الي قصور سياسات مواجهة الارهاب وعدم عقلانية اطلاق العنان للمشاعر القومية وغض الطرف عن ممارسات شباب الحزب الحاكم ممن تدثروا بدفء السلطة واستمتعوا بامتيازاتها التي يرفلون بها ثمنا لمواجهة خصومها. وهنا لم يستطع ميدفيديف اغفال ما اعتبره احتكارا للسلطة من جانب الحزب الحاكم مؤكدا حق المعارضة في الوجود في ظل احترام الشرعية والقانون في الوقت الذي حمل فيه بوتين علي بعض رموز المعارضة اليمينية التي اتهمها بانها تريد السلطة والمال بعد ان سبق وباعت مصالح الوطن في تسعينيات القرن الماضي علي حد قوله وهو ما تحاول بعض رموز المعارضة اليوم بالرد عليه عبر القضاء. وكان ميدفيديف كشف ضمنا عن خلافه مع بوتين بشأن الموقف من قضية خودوركوفسكي صاحب شركة' يوكوس' النفطية الذي يقضي عقوبة السجن بسبب تهربه من الضرائب فيما يواجه اتهامات أخري قد تفضي الي المزيد من الاحكام. قال ميدفيديف:' انه بوصفه رئيسا للدولة يعتقد في انه لا الرئيس ولا اي كائن كان يشغل منصبا رسميا من حقه التعليق علي اية قضية حتي يقول القضاء كلمته بشأنها' في اشارة غير مباشرة الي ما قاله بوتين في حديثه التليفزيوني الاخير حول' ان اللص يجب ان يكون مكانه السجن' وهو ما اعتبره البعض استباقا لكلمة القضاء في حق خودوركوفسكي وإن اشار بوتين لاحقا انه كان يقصد التعليق علي الحكم الذي سبق وصدر بسجنه في قضايا اخري ومنها التهرب من سداد الضرائب والتورط في التحريض علي قتل آخرين. ولم يقتصر تباين الرؤي عند هذا الحد بل تجاوزه الي مسألة اقالة عمدة موسكو لوجكوف والتي اعتبرها البعض من اهم مفاجآت العام. ففي الوقت الذي عزا فيه بوتين الاقالة الي خلافات مع الرئيس, قال ميدفيديف ان القرار لاعلاقة له بمسائل شخصية بل بسبب استغلال النفوذ والتستر علي الفساد وتسهيل فوز زوجته بالمناقصات وهي التي تملك اكبر شركات العقارات والاراضي التي عادت عليها بمليارات الدولارات وما تسبب في الكثير من المشاكل التي تواجهها العاصمة. ومع ذلك فقد سعد الجميع بما حققته موسكو هذا العام من انتصارات ومنها فوزها بشرف تنظيم بطولة العالم لكرة القدم2018 بعد ان سبق وفازت بحق تنظيم دورة الالعاب الاوليمبية الشتوية في سوتشي عام2014 ما اعاد الابتسامات الي شفاه الملايين املا في غد مشرق اكثر امنا وعدالة وديمقراطية.