قائد القوات البحرية: مصر نجحت في منع الهجرة الغير شرعية منذ 2016    رئيس جامعة بنها: ندعم أفكار الطلاب وابتكاراتهم    حقيقة صرف مكرمة ملكية بقيمة 1000 ريال لمستحقي الضمان الاجتماعي في السعودية    استشهاد وإصابة فلسطينيين بتفجير في بيت لاهيا    قصة مقتل مهندس طوفان الأقصى يحيي السنوار.. وما مصير جثته؟    جالانت يتخذ قرارا بشأن جمعية «القرض الحسن» التابعة لحزب الله    محمد فاروق: الزمالك لم يطلب تعيين أجنبي لإدارة القمة.. و4 حكام مرشحين    الأهلي بدون مهاجم.. آخر كواليس عقوبة كهربا وترحيله من الإمارات    أيمن الشريعي: اتحفظ على النظام الجديد للدوري ويجب سؤال أحمد دياب في قراره ضد إنبي    سيدات - مسار ل في الجول: ينسحبون أمامنا ثم يخسروا 10 أمام المنافس.. وغياب العقوبة يضرنا    ضبط المتهمين بقتل سائق توك توك وسرقته بسوهاج    الاحتلال يقتل فلسطينيين في غزة ويغتقل العشرات في قطاع غزة    الكلاب في الحضارة الفرعونية.. حراس الروح والرفاق في عالم الآلهة    الجيش الإسرائيلي يعلن القضاء على قيادي في حزب الله في دمشق    الفنانة نورهان: اشتغلت مدرسة إنجليزي بعد الاعتزال.. التمثيل كان يسرقني من الحياة    كسر بالجمجمة ونزيف.. ننشر التقرير الطبي لسائق تعدى عليه 4 أشخاص في حلوان    عاجل - تمديد فترة تخفيض مخالفات المرور وإعفاء 50% من الغرامات لهذه المدة    بمستند رسمي..تعرف علي مواعيد قطارات «السكة الحديد» بالتوقيت الشتوي الجديد    مصرع شاب وإصابة 2 آخرين في حادث انقلاب سيارة بأسيوط    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    «ليك ماضي وإنت إلى زوال».. مجدي عبد الغني يشن هجومًا لاذعًا على كهربا    عاجل- كيفية الاستعلام عن موظف وافد برقم الإقامة وخطوات معرفة رقم الحدود عبر أبشر    ثقف نفسك| 10 خطوات هامة لمن يريد الزواج.. تعرف عليها    اللهم آمين| أفضل دعاء لحفظ الأبناء من كل مكروه وسوء    الصحة اللبنانية تدين تعرض إسرائيل لأكبر مرفقين طبيين في البلاد وتطالب بموقف دولي إنساني    3 مشروبات يتناولها الكثير باستمرار وتسبب مرض السكري.. احذر منها    قصف مدفعي مكثف في عيتا الشعب جنوب لبنان    وزير الدفاع الأمريكي: سنزود أوكرانيا بما تحتاجه لخوض حربها ضد روسيا    حل سحري للإرهاق المزمن    قائد القوات البحرية يكشف سبب طُول الحرب في أوكرانيا وغزة    «القابضة للمطارات»: مؤتمر المراقبين الجويين منصة للتعاون ومواجهة تحديات الملاحة    نشرة التوك شو| حقيقة زيادة المرتبات الفترة المقبلة ومستجدات خطة التحول إلى الدعم النقدي    سر استخدام ملايين الأطنان من الألماس في الغلاف الجوي.. «رشها حل نهائي»    دعاء عند نزول المطر.. فرصة لتوسيع الأرزاق    ما حكم استخدام المحافظ الإلكترونية؟ أمين الفتوى يحسم الجدل    بعد منعه من السفر… «هشام قاسم»: السيسي أسوأ من حكم مصر    النائب العام يبحث مع نظيرته الجنوب إفريقية آليات التعاون القضائي    إسرائيل تتوعد: الهجوم على إيران سيكون كبيرًا وسيجبرها على الرد    كيفية تفادي النوبات القلبية في 8 خطوات..لايف ستايل    عقوبة تخبيب الزوجة على زوجها.. المفتاح بيد المرأة وليس الرجل فانتبه    ماذا كان يقول الرسول قبل النوم؟.. 6 كلمات للنجاة من عذاب جهنم    متحدث الصحة: نعمل بجدية ومؤسسية على بناء الإنسان المصري    عاجل - هجوم إسرائيل على طهران.. القناة 14 الإسرائيلية: منازل كبار المسؤولين في إيران أضيفت كأهداف محتملة    شيرين عبدالوهاب تدخل موسوعة جينيس للأرقام القياسية (تفاصيل)    رانيا يوسف: إشمعنى كلب الهرم يتكرم وكلبي في فيلم أوراق التاروت ما حدش عايز يكرمه؟    شريف سلامة: أتخوف من الأجزاء ولكن مسلسل كامل العدد الجزء الثالث مفاجأة    أبرز المشاهير الذين قاموا بأخطر استعراضات على المسرح (تقرير)    مديرة مدرسة الندى بكرداسة تكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للمدرسة    أبرز موافقات اجتماع مجلس مركز تنمية قدرات أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأقصر    ارتفاع جديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 22 أكتوبر 2024 (تحديث الآن)    أسعار الذهب اليوم الثلاثاء تواصل الصعود التاريخي.. وعيار 21 يسجل أرقامًا غير مسبوقة    الصفحة الرسمية للحوار الوطنى ترصد نقاط القوة والضعف للدعم النقدى    50 جنيهًا تُشعل خلافًا ينتهي بجريمة قتل في كفر الشيخ    ابتعدوا عن 3.. تحذير مهم من محافظة الإسماعيلية بسبب حالة الطقس    القصة الكاملة لتدمير القوات المصرية للمدمرة الإسرائيلية إيلات في 21 أكتوبر 1967    الحلفاوي: "الفرق بين الأهلي وغيره من الأندية مش بالكلام واليفط"    هل ينسحب الزمالك من نهائي السوبر أمام الأهلي؟ ثروت سويلم يُجيب    الموافقة على تقنين أوضاع 293 كنيسة ومبنى تابعا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أقصر الطرق لتحقيق الدولة المدنية الحديثة‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 01 - 2010

لا أعتقد أنه سوف يكون كافيا لوقف هذا المسلسل البغيض من حوادث الفتنة الطائفية أن يؤكد المجتمع المصري رفضه هذه الجرائم أو يطالب بعدالة ناجزة تطبق أقصي العقوبات علي المحرضين عليها والضالعين في تخطيط وارتكاب جرائمها‏. أو نناشد فئات وجماعات المجتمع المدني وعقلاء الأمة علي الجانبين التصدي للتحريض الطائفي كلا في موقعه حفاظا علي وحدة نسيج الوطن‏,‏ لأنه برغم أهمية هذا الجهد الوطني وضروراته الملحة ونتائجه الإيجابية المتوقعة‏,‏ يظل الخطر قائما ما لم تكن هناك إرادة سياسية واعية لضرورة اقتلاع الفتنة من جذورها‏,‏ واستئصال كل صور التمييز الديني الطائفي مهما تكن باهتة ومحدودة علي أرض الواقع‏,‏ بما يكفل تكافؤ الفرص وتحقيق المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات لأقباط مصر ويعيد للجميع الثقة والإيمان بقدرة الدولة أن تظل الجميع بحمايتها‏,‏ ويضاعف إحساسهم بالانتماء الوطني‏,‏ ويجعل الهوية الوطنية هي الأصل والمنبع بجميع الحقوق والواجبات‏,‏ ويضمن التطبيق الكامل والأمين لهذا الشعار المصري الخالص الدين لله والوطن للجميع‏,‏ الذي صكه النضال الوطني في ثورة‏19‏ حفاظا علي وحدة الوطن من مؤامرات خارجية وداخلية استهدفت تمزيق وحدته وإضعاف قدرته علي استخلاص حقوقه من غاصبيه‏.‏
وما من شك في أن الدولة المدنية الحديثة التي دعا الرئيس مبارك إلي سرعة إنجازها هي الإطار الصحيح الذي يضمن انتفاء كل صور التمييز الديني والعرقي‏,‏ ويضع الأساس القوي لدولة قانونية تلتزم بتنفيذ أحكام القانون علي الجميع ويضمن لجميع الموطنين بصرف النظر عن اللون أو الجنس أو الدين حقوقا متساوية باعتبارها دولة القانون وليس دولة الشريعة‏,‏ يحكمها دستور تتوافق الأمة علي الرضا والقبول بكل بنوده‏,‏ وتعتبره المرجعية الأساسية التي يقبل الجميع الاحتكام إليها‏,‏ وتنهض كل مؤسساتها علي مبدأ الفصل بين السلطات وبين الدين والسياسة‏,‏ وتحترم حريات الجميع علي قاعدة الديمقراطية التي تعطي للأغلبية حقها في القرار دون أن تكبت حق الأقلية في التعبير عن رأيها‏,‏ وتلتزم فيها معايير المفاضلة والانحياز إلي المصلحة الوطنية العامة والقبول بمعيار الخطأ والصواب في مجتمع يطلق حرية التعبير والتفكير وليس الكفر والإيمان‏,‏ ويختار الجميع رأس هذه الدولة بالانتخاب‏,‏ مواطنا مثل سائر المواطنين يستحق ثقة الجميع‏,‏ يحق للمواطنين انتقاد آرائه وتصرفاته دون اتهامهم بالكفر والخروج عن الدين‏,‏ وتلتزم مبادئ أساسية لا تحيد عنها‏,‏ تجعل الأمة مصدر السلطات وتحترم جميع الأديان وتقف علي مسافة واحدة من كل الطوائف والمذاهب والقوي‏,‏ وترتضي الانتخابات النزيهة أسلوبا لتداول السلطة‏,‏ وتجنح قيمها الإنسانية إلي التسامح والتوافق والتراضي‏,‏ وتنتصر للنظرة العلمية وتلتزم معايير العلم والموضوعية بعيدا عن الخرافة‏,‏ وتستوعب مختلف الاجتهادات لا تغلق أبوابها دون الرأي الآخر‏,‏ ولا تمكن فردا أيا كان من الادعاء بأنه وحده يمتلك الحقيقة ويحتكرها‏,‏ أو أنه ظل الله علي الأرض له وحده الحق في القول الفصل‏,‏ وتفسيره النص الديني هو التفسير المعتمد الوحيد دونه الكفر‏.‏
والدولة المدنية الحديثة غير الدولة الدينية التي يحكمها في النهاية بشر يختصون ذواتهم بالعصمة ويعتبرون أنفسهم أصحاب المرجعية الأولي والأخيرة‏,‏ يفرضون الطاعة بديلا عن القانون قسرا علي الجميع في شئون دنيوية يجوز فيها الاجتهاد والخلاف‏,‏ لكن الدولة المدنية من وجهة نظر عصرية ينبغي ألا تقف من الدين موقف الجفاء أو العداء تحافظ علي ثوابت الشريعة ولا تناهضها وتعطي لنفسها حق الاجتهاد في متغيرات الواقع الذي يقبل التطور‏,‏ لأن الناس في كل زمان ومكان أعرف بدنياهم‏,‏ ولأنه لا يشاد الدين أحد إلا غلبه وربما يكون أخص ما يميز الدولة المدنية الحديثة أنها دولة غير منعزلة‏,‏ لا تغلق علي نفسها الأبواب أو تقيم حولها الأسوار‏,‏ تتواصل مع شعوب العالم ودوله وتتبادل معهم المنافع وتنفتح علي كل الحضارات والأديان والثقافات‏,‏ لا تعادي ابتداء أيا منها إلا أن يكون ردا لعدوان ظالم‏.‏
ولا أظن أن مصر تبدأ شوط بناء الدولة المدنية الحديثة من فراغ‏,‏ لأنه منذ قيام دولة محمد علي مرورا بثورة‏19‏ وثورة‏23‏ يوليو وحتي الآن‏,‏ يكاد يكون تاريخ مصر الحديث سلسلة متصلة من محاولات بناء الدولة الحديثة‏,‏ تتقدم حينا وتتعثر أحيانا‏,‏ لكنها خلفت تراثا قانونيا وثقافيا يشكل أساسا قويا يمكن البناء عليه‏,‏ ابتداء من هذه القاعدة الذهبية الدين لله والوطن للجميع التي تشكل جزءا من ضمير مصر الوطني‏,‏ إلي العديد من البنود التي تعاقبت في الدساتير المصرية‏,‏ ترسي بشكل حاسم وواضح مبدأ المساواة بين جميع المواطنين‏,‏ وترفض كل صور التمييز الديني والطائفي‏,‏ وتؤكد المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين‏.‏
وفي مصر علي وجه الخصوص يشكل الفهم المعتدل لوسطية الإسلام مناخا صحيحا وأرضية صالحة تذيب أي تناقض بين الدولة المدنية والإسلام‏,‏ لأن المصريين يكرهون التطرف ولا يميلون إلي العنف‏,‏ ويتفهمون روح الشريعة في العدل والمساواة‏,‏ ويعرفون جيدا أنه لا قتال في الإسلام إلا لمن قاتل وليس لمن خالف‏,‏ وأن من خالف له ما لنا من الحقوق وعليه ما علينا من الواجبات‏,‏ وأن حرية الاعتقاد حق مصون ينبغي احترامه‏,‏ أكده الإسلام الذي ينتصر للعقلانية والحوار ويحض علي التعايش‏.‏
وتشكل هذه المبادئ علي امتداد الأعوام المائة الأخيرة سلم القيم التي تحكم الطبقة الوسطي المصرية وتنظم علاقات المصريين الذين تحصلوا علي مجرد قسط متواضع من المعرفة الصحيحة بدينهم وبغيرهم من أصحاب الملل والنحل‏,‏ علي أساس التعايش وحرية الاعتقاد واحترام الرموز الدينية للآخرين‏,‏ إلا من سيطر عليه الجهل والتعصب وأعطي سمعه وعقله لدعاة شعبويين متعصبين لا يعترفون بوحدة الأديان‏,‏ يطلقون كل يوم عشرات الفتاوي المتناقضة التي تركز علي توافه الأمور‏,‏ ويحرضون علي إساءة فهم الآخر‏,‏ ويحصرون الدين في الشكل لا الجوهر‏,‏ ويكرسون صورا بالغة السوء من التمييز تقيم أسوار العزلة والكراهية في نفوس الآخرين وتنكر حقهم في المشاركة‏,‏ دون أن يدركوا أن التمييز يقسم ظهر الأمة وأن خلاص الدين لا يكون إلا بالانتصار للعدل والمساواة والحرية‏,‏ وأن مكانة مصر في صدارة الجماعة الدولية رهن بعودتها إلي المنابع الصحيحة التي ترفض كل صور التمييز وتعتبره عدوانا صارخا علي حقوق الإنسان‏.‏
وإذا صح أن طبيعة المصريين منذ الأزل تقبل بالتعدد وتحرص علي التعايش وتتفهم وحدة الأديان إلي حد تعايش فيه اليهود مع المسلمين في قلب الحارات بالأحياء الشعبية في القاهرة التي كانت محل سكنهم المختار‏,‏ وكسر عزلة الأحياء القبطية عن جوارها المسلم في جميع المدن المصرية دون استثناء يصبح من أول واجبات الدولة المدنية أن تحصر ما تبقي من صور التمييز في الحقوق المدنية والقانونية من خلال مراجعة أمينة لمنظومة التشريعات المصرية بهدف تنقيتها من كل ما يعيق حقوق المواطنة والمساواة‏,‏ ويكفل احترام المواثيق الدولية للحقوق المدنية والسياسية التي تكفل لكل إنسان حقه في حرية الاعتقاد الديني‏,‏ وفي إظهار دينه‏,‏ ولا أظن أن كون الإسلام الدين الرسمي للبلاد يحول دون إقرار أي من هذه المبادئ التي كانت جزءا من ثوابت الشخصية المصرية قبل هذه الهجمة الوافدة من دعاوي الكراهية التي جاءت مع ريح الهبوب القادمة من الصحراء‏,‏ وأظن أيضا أن كون الإسلام الدين الرسمي للبلاد لا يحول دون اعتبار دعاوي الكراهية وتجريح الرموز الدينية عملا تحريضيا علي التمييز ينبغي التصدي له خاصة أن تراث النضال المصري صك إلي جوار الشعار المصري الأصيل الدين لله والوطن للجميع شعارا آخر يؤكد وحدة الهلال مع الصليب الذي هتف به المسلمون والأقباط أول مرة في صحن الأزهر الشريف‏,‏ بل لعل التركيز علي هذه الرموز المشتركة يساعد علي استعادة روح الوطنية المصرية التي تشكل سندا قويا وحائط صد صلبا يدرأ أخطار الفتنة الطائفية‏,‏ ويساعد أقباط مصر علي التخلص من غربتهم ويعطي لعوامل الدمج الوطني فرص تعزيز الانتماء الوطني‏.‏
وإذا كنا كمسلمين نطالب العالم بعد تداعيات حادث الرسوم الكاريكاتورية التي أساءت إلي الرسول الكريم بتشريع عالمي يحترم رموز الأديان‏,‏ فلا أقل من أن تشدد التشريعات المصرية الوطنية علي أهمية احترام رموز الأديان جميعا‏,‏ تجرم وتعاقب بشدة العدوان علي كنائس الأقباط وتفرض علي مرتكبيها العقوبات ذاتها التي تفرضها علي المعتدين علي المساجد‏,‏ كما تجرم العدوان علي رموز الأقباط الدينية لأن المسيحيين موحدون يعترفون بإله واحد تتعدد تجلياته في ثالوث مقدس لكن الرب واحد‏,‏ ولا ينبغي لأي داعية مسلم أن يتهمهم بالكفر بسبب الجهالة أو التعصب أو سوء فهمه للنص الديني‏.‏ ولأن الشائعات هي وقود الفتنة‏,‏ وهي القاسم المشترك الذي يذكي نارها في كل صدام يقع بين الأقباط والمسلمين خصوصا مع غياب السماحة وشيوع الجهل بالدين الصحيح‏,‏ واستشراء التعصب علي الجانبين الذي يساعد علي إيجاد أرض خصبة تروج فيها الشائعات‏,‏ تصبح الحرب علي الشائعات وضبط وعقاب مروجيها جزءا مهما من عملية مناهضة الفتنة الطائفية وحصار أسبابها
وإذا صح أن المجلس القومي المصري لحقوق الإنسان قد حصر بالفعل كل ما تبقي من صور التمييز في مجالات الوظائف وبناء دور العبادة وشهادة أصحاب الذمة أمام المحاكم ومسائل الأحوال الشخصية بما في ذلك حق المرأة القبطية في حضانة الصغير إلي سن الخامسة عشرة كما يؤكد القانون بصرف النظر عن اتحاد الدين بين الزوجين‏,‏ كما أشار الدكتور علي جمعة مفتي الديار المصرية في فتواه الشهيرة التي صدرت عام‏2006,‏ يصبح من الضروري الاتفاق علي خارطة طريق واحدة للتخلص مما تبقي من صور التمييز تباعا وهي قليلة ومحدودة وفق قدرة المجتمع علي الاستيعاب‏,‏ وربما يتطلب الأمر نقاشا مجتمعيا واسعا يجري أولا في جمعيات المجتمع المدني وأندية المثقفين وأروقة الأحزاب السياسية المدنية وقاعات المجالس المخصصة بهدف إيجاد وفاق وطني يحدد أولويات تطبيق بنود هذه الخارطة طبقا لقدرة المجتمع علي قاعدة التدرج حتي إن تطلب الأمر بعض الوقت‏,‏ لكن المهم أن نبدأ هذه الخطوات التي لا غني عنها لقيام الدولة المدنية الحديثة‏,‏ ومن المؤكد أن مجرد الاعتراف بضرورات الإصلاح وتحديد خطوطه العريضة يضمن طمأنة الجميع إلي حقوقهم المشروعة‏.‏
المزيد من مقالات مكرم محمد أحمد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.