كتب:عبد الناصر عارف ما هي آفاق وامكانات وفرص التعاون الاقتصادي بين مصر وقطر, وهل يمكن ان تلعب هذه الفرص دورا ايجابيا في تدفئة العلاقات بين القاهرةوالدوحة وتصلح بعض ما افسده ضجيج الاعلام ؟ الحقيقة انه رغم صغر مساحة قطر إلا انها تمتلك امكانات اقتصادية كبيرة جعلتها موضع اهتمام الشركات الدولية الكبري, كما انها ايضا وللحقيقة المجردة فان قطر تمثل نموذجا حاليا لجودة التنمية وليس للنمو المتسارع فقط وانما المتكامل, هذا ما تؤكده التقارير: قطر حققت المركز الاول عربيا في تقرير التنافسية الاخير, كذلك طبقا لاحصاءات الهيئات الدولية المتخصصة ينعم المواطن القطري باعلي متوسط دخل في العالم(85 الف دولار سنويا) كما تنفذ الدوحة خطة متكاملة للتحول الاقتصادي والاجتماعي, ورغم ان التنمية في قطر تعتمد بشكل كبير علي اقتصاديات النفط والغاز( تمتلك اكبر حقل بحري للغاز في العالم وثاني احتياطي عالمي) الا ان الحكومة القطرية ابدت اهتماما كبيرا في السنوات الاخيرة باقتصاد المعرفة وجودة التعليم ومراعاة البعد البيئي في كل مشروعات التنمية, ولهذا جذبت كبريات الشركات والجامعات العالمية العريقة وشجعت ايضا منظمات المجتمع المدني علي المشاركة الواعية لتحقيق الاهداف التنموية بمفهومها الشامل والاستثمار في الموارد البشرية, مؤشر اخر في حزمة جودة النمو وهو معدل البطالة0.4% من اصغر المعدلات العالمية. علي صعيد المؤشرات الرقمية المجردة فان الاقتصاد القطري حقق عام2009( عام الازمة الاقتصادية العالمية) نموا يتجاوز8%, ومن المتوقع ان يتضاعف هذا المعدل ليصل الي16% ليمثل ربما اعلي ارقام التنمية الاقتصادية السيادية في العالم, كذلك تشهد قطر طفرة كبيرة بكل المقاييس في قطاعات الصناعة والخدمات, فقد احتلت المركز الاول عالميا في معدل النمو الصناعي عام2009 بمعدل نمو29.3% بفضل التطور الكبير في اساليب زيادة القيمة المضافة من الغاز باستخدامه في صناعة البتروكيماويات, وفي مجال السياحة ورغم عدم تعدد وتنوع المميزات السياحية كما في مصر فان قطر تخطط لتكون قبلة لسياحة المعارض والمؤتمرات ليصل عدد السائحين الي هذه الجزيرة الصغيرة2 مليون سائح سنويا عام2015 حاليا مليون سائح ولذلك خصصت الحكومة15 مليار دولار لاستثمارها في قطاعات المنشآت السياحية والفندقية وفي التجارة الخارجية فان صادرات قطر تتجاوز53 مليار دولار ووارداتها تتجاوز35 مليار دولار, اما في مجال الاستثمار فتعتبر قطر من كبريات الدول المصدرة لرءوس الاموال( استثمارات في الخارج) اكثر من16 مليار دولار, وفتحت قطر ابواب الاستثمار فيها للشركات العالمية لتصبح ايضا من اكبر الدول المستقبلة لرءوس الاموال الاجنبية(28 مليار و184 مليون دولار عام2009 طبقا لاحصاء منظمة الاونكتاد) ويمثل جهاز قطر للاستثمار( صندوق ثروة سيادية يتبع الحكومة يبلغ رأسماله62 مليار دولار) الذراع الاستثماري للحكومة ويتبعه عدد من الشركات الكبري والتي تستثمر في قطاعات عقارية وسياحية ومالية في عدد كبير من دول العالم, كل هذه الحقائق والمؤشرات الاقتصادية تؤكد ان هناك فرصا كبيرة ومتنوعة للتعاون الاقتصادي بين مصر وقطر سواء في التجارة او الاستثمار واذا اضفنا الي هذا ان التقلبات الحادة التي واجهتها رءوس الاموال القطرية والعربية ايضا في الاسواق الاوروبية والامريكية والتي لم تعد امنة بعد زلازل الازمة الاقتصادية العالمية دفعت رءوس الاموال القطرية والعربية عموما للبحث عن اسواق امنة جديدة, وفي المقابل فان مصر بعد التعديل التشريعي الاخير فتحت قطاعات الخدمات ومشروعات البنية التحتية العملاقة امام القطاع الخاص, وبالتالي اصبح المناخ ملائما لتفعيل لغة تبادل المصالح والمنافع بين مصر وقطر, وهذا ما اكده ممثلو مجتمع الاعمال في غرفة تجارة وصناعة الدوحة وجميعة ارباب الاعمال خلال الزيارة الاخيرة للمهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة للدوحة, وليس هذا فقط بل ان رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم بن جبر عبر عن هذا المفهوم لوسائل الاعلام القطرية عقب مقابلته للمهندس رشيد قبيل عيد الاضحي الماضي, وحتي اذا كانت بعض المشكلات والمناوشات قد عطلت وأعاقت التعاون الاقتصادي مع قطر خلال السنوات الماضية والتي جعلت الاستثمارات القطرية في مصر لا تتجاوز465 مليون دولار( تحتل قطر حاليا المرتبة22 في قائمة الدول المستثمرة في مصر) وحجم التجارة البينية لا يزيد علي185 مليون دولار فان هذا الوضع الحالي من العلاقات الاقتصادية( الضعيفة) يعني ان هناك فرصا كبيرة لتقوية هذه العلاقات وانها قابلة للنمو بشكل سريع ومطرد لاستغلال وتوظيف كل الفرص والامكانات المتاحة اقتصاديا لتبادل المصالح والمنافع بما يعود علي الشعبين في مصر وقطر. كل المؤشرات حاليا وبعد زيارة الرئيس مبارك لقطر تؤكد ان لغة تبادل المصالح ستكون لغة التفاهم بين الدوحةوالقاهرة في الفترة المقبلة خاصة ان مجتمع رجال الاعمال في البلدين فتحت امامه اشارة خضراء للانطلاق ليكتب التعاون الاقتصادي فصلا جديدا في تاريخ العلاقات المصرية القطرية, وستكون البداية في الاسكندرية حيث يصل في ديسمبر المقبل وفد كبير من رجال الأعمال القطريين للبحث عن فرص استثمار امنة في مصر.