عرفت مدينة أخميم قديما كمركز من أهم مراكز صناعة النسيج وأطلق عليها أحد المؤرخين اسم مانشستر ماقبل التاريخ نسبة الي مدينة مانشستر التي تعتبر أقدم مدينة لصناعة النسيج في بريطانيا، وقال زكي مبارك في الخطط التوفيقية إن أهلها يفوقون غيرهم في الصنائع لاسيما في نسيج أقمشة الكتان. وقد اشتهرت أخميم في العصر الروماني بالمنسوجات الحريرية وبلغت في ذلك شأنا كبيرا حتي أنها كانت تصدر خارج البلاد وقد توافر لمدينة أخميم من مواد الصباغة ماساعدها علي تفوقها في المنسوجات حيث كان ينمو بمنطقة وادي الملوك قرب دير السبع جبال شرق سوهاج نبات يسمي الملوك له عصارة حمراء داكنة تستعمل في الصباغة خاصة الحرير القرمزي الذي اقتصر ارتداؤه علي الملوك والأباطرة في ذلك العصر.. إلا أن صناعة الحرير الطبيعي ذات الشهرة العالمية بدأت في السنوات الأخيرة تغرب عنها الشمس وتختفي تدريجيا حتي باتت تندثر وتصبح في ذمة التاريخ. ويقول صاحب أحد مصانع انتاج الحرير الطبيعي حتي وقت قريب كنا نقوم بصناعة كسوة الكعبة المشرفة وكان انتاجنا من الحرير الطبيعي اليدوي يتم تصديره الي الكثير من الدول العربية حيث إنه يحظي باقبال المستهلك عليه لجودته العالية ورغم أننا كنا نستورد خاماته من الصين ونصنعه يدويا في مدينة أخميم فإنه كان ينافس أي منتج حرير في بلدان العالم بسبب صناعته بتوليفة وطريقة يدوية غير معروفة في أي بلد آخر بالعالم كما كنا نقوم بفرش القري السياحية والفنادق بالحرير والمنسوجات اليدوية وكانت الافواج السياحية تأتي لمصانعنا لتشاهد الحرير وهو يصنع علي النول اليدوي وشراء مايريدونه ولكن في السنوات الأخيرة أصبحنا نعاني حالة كساد وركود بسبب انحسار الأفواج السياحية اضافة الي أن عملية الاستثمار في صناعة الحرير الطبيعي اليدوي أصبحت مكلفة. وفي محاولة أخري لاحياء صناعة الحرير الطبيعي بعد فشل تجربة زراعة أشجار التوت بحي الكوثر منذ16 عاما.. أصدر السيد محسن النعماني محافظ سوهاج قرارا برقم629 لسنة2010 في الحادي عشر من يوليو الماضي بتشكيل لجنة للنهوض بصناعة الحرير الطبيعي بجميع مراحله بدءا من زراعة أشجار التوت وحتي تسويق المنتج النهائي برئاسة الدكتور جلال الشربيني عميد كلية الزراعة بجامعة سوهاج. والسؤال.. هل تنجح التجربة الثانية لزراعة أشجار التوت لتربية دودة القز لاحياء صناعة الحرير الطبيعي أم تواجه نفس مصير التجربة السابقة.. عموما نتمني أن تنجح المحاولة الثانية قبل أن تصبح هذه الصناعة التراثية في ذمة التاريخ؟!