اشتهرت مصر القديمة( الفرعونية) بين دول العالم القديم بإنتاج الكتان, ومن هنا ظهر النبوغ المصري في الغزل والنسيج, وكثير من النقوش المدونة علي جدران مقابر الدولة القديمة بها مناظر الأسواق وبها عمليات بيع الكتان, وكانت الإلهة نت هي إلهة النسيج, وتدل بقاياالكتان المصرية القديمة علي أن قدماء المصريين قاموا بنسج الكتان منذ5000 سنة قبل الميلاد, ولقد وجد المؤرخون أن المومياوات المصرية التي يعود تاريخها إلي نحو2500 سنة قبل الميلاد كانت ملفوفة بنسيج يشبه كتان هذه الأيام. كان نبات الكتان متوافر في مصر منذ أقدم العصور بسبب كثرة المستنقعات حيث المياه الراكدة, وقد صنع منه المصري القديم أنواعا مختلفة من النسيج منها الخشن الثقيل, والرقيق الذي يشبه الحرير, والشفاف, وهي تعتبر أنواعا فاخرة للملك والنبلاء, وعلي جدران مقابر بني حسن وطيبة صور المصري العديد من المناظر التي تمثل زراعة الكتان. كان الرجال يحترفون صناعة الغزل والنسيج, كما كانت النساء يقمن بها في المناسج العامة أو كعمل خاص يقمن به في منازلهن. بمرور الوقت اكتسب المصري القديم خبرة في صناعة الغزل والنسيج ومع ازدياد خبرته أخذ يطور من الأنوال المستخدمة في عملية النسج, ففي الدولة الوسطي كانت الأنوال بدائية جدا, وكان العمل عليها مرهقا جدا, إذ كانت تتطلب من النساج أن يجلس القرفصاء, ثم في الدولة الحديثة ظهر النول المركب الذي أتاح شيء من الراحة للنساج الذي يعمل عليه. أبدع المصري في طريقة إعداد نبات الكتان لعملية الغزل, فقام أولا بجمع سيقان هذا النبات, ثم تمشيطها بعد تجفيفها, ولتليين لحاء النبات كان يقوم بغليها, ثم تتم إزالة اللحاء عن طريق الطرق, وبعد ذلك تندي الألياف بالماء, وفي النهاية يتم تفتلها بمغزل. كان نبوغ المصري القديم يتجلي بوضوح في عملية الغزل, فكان في بداية الغزل, يقوم بشد عدد قليل من الألياف من كتلة ألياف, علي دفعات, ومع دوران المغزل يتم لي الألياف, وعند توافر عدد كاف من الخيط الملوي, يقوم الغازل بإيقاف المغزل ويلف الخيط حول جذع المغزل وهو يصنع من العصا. كان المغزل اليدوي أكثر أشكال أدوات الغزل, انتشارا وشيوعا في مصر القديمة, وكان بالمغزل ما يسمي بالفلكة وهي تشبه الحدافة في أنها تحافظ علي انتظام توزيع المغزل علي الجذع, وبعد عملية الغزل تصير ألياف الكتان خيطا أو غزلا, لتصبح بعد ذلك جاهزة لتنسج قماشا. تذكر العديد من المصادر التاريخية أن كثيرا من المنازل والقصور الكبيرة كانت تضم العديد من ورش الغزل والنسيج وذلك بغرض إمداد الأسرة بما يلزمها من المنسوجات, هذا بالإضافة إلي ورش أخري لصناعات مختلفة, كان يعمل بهذه الورش العشرات معظمهم من النساء لإنتاج الأقمشة. وبسبب توافر المناخ الجاف بداخل المقابر الفرعونية القديمة أمكن لآلاف القطع من المنسوجات القديمة البقاء محفوظة بحالة جيدة طوال هذه الفترة من القرون العديدة, ومن خلال هذه العينات المحفوظة أمكن التعرف علي العمليات والطرق المستخدمة في صناعتها.