يبدو أن التجارة في الموارد الطبيعية ويطلق عليها الموارد المتجددة ستشكل في المستقبل إشكالية لكل الدول في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. في ظل زيادة معدلات هذه التجارة علي المستوي الدولي, والتي بلغت20% سنويا خلال العقد الماضي, مما قد يسهم في نفادها أو الإسراع في نضوبها, هذا فضلا عن التقلبات السعرية والتراجع في الصناعة والتأثيرات البيئية. وقد بينت نتائج تقرير التجارة العالمية لعام2010 عن مجموعة من العوامل المؤثرة علي مستقبل هذه التجارة عالميا, ومن بينها العوامل الخارجية المتمثلة في حماية البيئة, أما الداخلية, فتتعلق بقوي السوق واتجاهات العرض والطلب وتأثيرها علي استقرار الاسعار في الاسواق. وافصح التقرير عن أن صادرات الموارد الطبيعية تعد ضرورة لعملية التنمية في مصر, وبلدان منطقة الشرق الأوسط إذ تمثل44% و70% من إجمالي صادراتها علي التوالي, وأنه من المتوقع أن تؤدي التجارة في الموارد الطبيعية إلي تغيير المشهد العام بالنسبة لنمو اقتصاد هذه المنطقة واتجاهات الاسعار في الاسواق علي مدي السنوات القليلة المقبلة. لكن الدكتور مايكل روتا الخبير بمنظمة التجارة العالميةWTO قال في الندوة التي نظمها المركز المصري للدراسات الاقتصادية حول مناقشة لنتائج هذا التقرير الصادر عن منظمة التجارة العالمية ان هذا الافتراض قد يكون غير صحيح, وأنه يمكن تجاوزه ومعالجته من خلال أداء السياسات المحلية, وانتهاج الدول لاستراتيجيات وطنية متسقة تحقق التوازن بين الانتاج والاستهلاك, وتزيد من فرص التنافسية والتشغيل خاصة في القطاعات الاستراتيحية كقطاع الطاقة, حيث تمثل الموارد الطبيعية, ومنها الأنواع المختلفة من الوقود نحو24% من قيمة التجارة الدولية. وفي معرض حديثه عن هذا التقرير أفصح مايكل روتا عن المزيج الملائم بين سياسات التجارة والسياسات المحلية مثل الضرائب علي الصادرات أو حصص التصدير, والقيود علي الواردات والضرائب علي الاستهلاك واعانات الدعم, مبينا أن التعريفة المربوطة والمستخدمة في إطار منظمة التجارة العالمية تحتاج إلي اعادة النظر بشأنها, خاصة بالنسبة للدول النامية, وأن الضرائب علي الصادرات تستخدم وبصورة كبيرة في قطاع الموارد الطبيعية مقارنة بالقطاعات الأخري, حيث غطت هذه الضرائب نحو11% من حجم التجارة في الدول النامية التي تأتي في مقابل استخدام عوامل أخري, وعلي نطاق واسع مثل السياسات المحلية الخاصة, وحصة الانتاج أو التصدير واللوائح التنظيمية غير المناسبة, فضلا عن اعانات الدعم. وحذر من تأثير كل هذه العوامل التي تمثل قيودا علي تجارة الموارد الطبيعية والاستغلال الأمثل لها مشيرا إلي أن التعريفة التصاعدية تطبق علي الدول المستوردة للمواد الخام, والتي تظهر بوضوح في قطاعات الصناعات التحويلية, وتصل النسبة في مصر إلي4% في قطاع المواد الخام, وبنسبة أعلي في المواد الأولية مثل الأخشاب, مع ملاحظة أن مصر من الدول المستوردة لمنتجات الغابات. ووفقا لما أورد التقرير, فيما يتعلق بالصادرات والواردات المصرية, وتأثيرها علي توازن الاسعار في الاسواق أظهر أن أغلب الصادرات من الوقود والنفط والغاز, ونسبة قليلة في قطاعات التعدين, وأن أسعار الصادرات لا تتجاوز زيادتها نسبة55% مقارنة بالاسعار العالمية, أما الواردات فقد شهدت الاسعار الذروة خلال عامي2001/2000 مع زيادة استيراد بعض السلع الغذائية المصنعة. وأضافت الدكتورة ماجدة قنديل المديرة التنفيذية للمركز المصري للدراسات الاقتصادية أن قطاع الطاقة من القطاعات الحيوية الاستراتيجية في مصر لما له من مردود إيجابي واضح علي تنافسية نمو الصادرات المصرية فقد سجلت الصادرات من الطاقة والمنتجات المصنعة زيادة بنسبة44%, كما اسهم هذا القطاع في معالجة العجز في الميزان التجاري, وأيضا بما يوازي25% من عجز الناتج المحلي الإجمالي. أما بالنسبة لقطاع التعدين في مصر, فيمثل40% من الناتج المحلي الاجمالي وقدرت مساهمته بنسبة20% في النمو الاقتصادي خلال السنوات الأربع الماضية, ومن ناحية أخري يصل إجمالي ما يتم استخراجه من احتياجاتنا من الغاز55% ومن الطاقة والنفط42% واستأثر قطاع الطاقة بنسبة20% من إجمالي تدفقات الاستثمارات الاجنبية لمصر, والتي تقدر بنحو45 مليار دولار, بينما تراوحت هذه التدفقات في قطاع الطاقة والنفط ما بين33% و36% لعام2010 ويقدر نصيب مصر61% من بين البلدان العربية المصدرة للنفط في الفترة من2009/2005, أما بالنسبة لتوقعات احتياطي النفط في مصر فقد يستمر35 عاما والغاز25 عاما. وأوضحت أن عرض أهم النتائج والتوقعات التي تضمنها تقرير منظمة التجارة العالمية, فيما يتعلق بالاستهلاك والصادرات مقارنة بتعداد السكان والتنمية في مصر يأتي في إطار تحليل اتجاهات السياسات التصديرية والتجارية الحالية والمرتقبة في مجال الموارد الطبيعية لاعداد مصر في نطاق مزيج من السياسات الواضحة والشفافة تحقق التوازن بين احيتاجات الاستهلاك والادخار وتنويع مصادر الطاقة المتجددة. وأوصي التقرير بتبني مصر استراتيجية متسقة لتعزيز تنافسية الصادرات غير المرتبطة بالطاقة, وتخفيف آثار الصدمات الخارجية علي الايرادات بالنقط الاجنبي, وذلك في إطار تنظيمي في مجالات الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية لضمان استدامة استخراجها بصورة تعمل علي الموازنة بين احتياجات الأجيال الحالية, والمقبلة, فضلا عن التحوط ضد التقلبات الشديدة في أسعار هذه الموارد مع حماية البيئة, وتنويع النشاط الاقتصادي وزيادة نطاق التجارة البينية في الموارد الطبيعية بين مصر, وبلدان منطقة الشرق الأوسط.