كتبت يسرا الشرقاوي: المسألة ليست مجرد إفلاس بنوك أو سقوط شركات, فمواجهة الولاياتالمتحدة ودول القارة الأوروبية مع الأزمة الاقتصادية لها ضحايا أكثر وتداعيات قد يطول أمدها حتي بعد انتهاء الأزمة نفسها. الدليل علي هذه المسألة يأتي فيما ورد في تقرير مشترك بين صندوق النقد الدولي والفيدرالية الدولية يحذر من تفجر أزمات وقلاقل إجتماعية في دول الغرب المتقدم بسبب الإرتفاع القياسي وغير المسبوق في معدلات البطالة منذ أزمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. الدليل الثاني جاء في تأكيد عدد من خبراء الصحة العامة علي أن الانكماش الاقتصادي له علاقة مباشرة بالارتفاع في معدلات الإصابة بمرض السرطان في أوروبا مع تغير الأنماط المعيشية وتراجع الإنفاق علي الأبحاث الطبية و جهود الوقاية من المرض الخبيث. ووفقا لدومينيك شتراوس, مدير صندوق النقد الدولي, فأن سوق العمل بدول العالم الأول قد تحولت إلي أرض خراب من البطالة عقب الأزمة الاقتصادية الأخيرة. وحذر من خطأ الاعتقاد بأن الغرب قد عاد لملاذه الآمن من جديد عقب تراجع أمارات الأزمة فهو لم يتخلص بعد من التبعات الاجتماعية العميقة للأزمة و لسنا في أمان, وفقا لما قاله. تصريحات شتراوس جاءت تعليقا علي تقرير صندوق النقد و فيدرالية العمل الذي كشف عن خسارة سوق العمل الدولية لنحو30 مليون وظيفة منذ تفجر الأزمة الاقتصادية, وأن75% من هذه الوظائف الضائعة كانت من نصيب الاقتصاديات الأغني ليرتفع بذلك إجمالي حجم البطالة في العالم إلي210 ملايين حالة. التقرير أشار إلي أن ضحايا الركود الاقتصادي ممن هم في مقتبل العشرينيات يعانون أزمات قد تلازمهم مدي الحياة ويفقدون إيمانهم بالمؤسسات العامة, محذرا من صعوبة احتواء من تم تسريحهم بالفعل في وظائف جديدة حتي مع تحقق التعافي للنظام الاقتصادي. وأكد التقرير أن العالم في حاجة إلي إيجاد45 مليون وظيفة سنويا لعلاج هذه الأزمة. واوضح التقرير أن تعاظم معدلات الإصابة بالسرطان له علاقة بتراجع مراعاة القطاعين العام والخاص لقيود السلامة المهنية في أوقات الصعوبات الاقتصادية, فضلا عن التغيير السلبي في أسلوب الحياة والنظام الغذائي للأفراد تحت ضغوط الاحتياج المادي وعدم الاستقرار الاجتماعي والفضل كله للأزمة الاقتصادية.