كتبت يسرا الشرقاوي: المسألة ليست مجرد إفلاس بنوك أو سقوط شركات, فمواجهة الولاياتالمتحدة ودول القارة الأوروبية مع الأزمة الاقتصادية لها ضحايا وتداعيات قد يطول أمدها حتي بعد انتهاء الأزمة نفسها. الدليل علي ذلك يأتي في التقرير المشترك بين صندوق النقد الدولي والفيدرالية الدولية للعمل والذي حذر تفجر أزمات وقلاقل إجتماعية في دول الغرب المتقدم بسبب الإرتفاع القياسي وغير المسبوق في معدلات البطالة منذ أزمة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي. الدليل الثاني جاء في تأكيد عدد من خبراء الصحة العامة أن الانكماش الاقتصادي له علاقة مباشرة بالارتفاع في معدلات الإصابة بمرض السرطان في أوروبا. ووفقا لدومينيك شتراوس, مدير صندوق النقد الدولي, فأن سوق العمل بدول العالم الأول تحولت إلي أرض خراب من البطالة عقب الأزمة الاقتصادية الأخيرة. وحذر من خطأ الاعتقاد بأن الغرب عاد لملاذه الآمن من جديد عقب تراجع مؤشرات الأزمة فهو لم يتخلص بعد من التبعات الاجتماعية العميقة للأزمة و لسنا في أمان, وفقا لما قاله. تصريحات شتراوس جاءت تعليقا علي تقرير صندوق النقد و فيدرالية العمل الذي كشف عن خسارة سوق العمل الدولي لنحو03 مليون وظيفة منذ تفجر الأزمة الاقتصادية, وأن57% من هذه الوظائف الضائعة كانت من نصيب الاقتصاديات الأغني ليرتفع بذلك إجمالي حجم البطالة في العالم إلي210 ملايين حالة. التقرير أشار إلي أن ضحايا الركود الاقتصادي ممن هم في مقتبل العشرينيات يعانون من أزمات قد تلازمهم مدي الحياة ويفقدون إيمانهم بالمؤسسات العامة, محذرا من صعوبة احتواء الذين تم تسريحهم بالفعل حتي مع تحقق التعافي للنظام الاقتصادي. و أكد التقرير أن العالم في حاجة إلي إيجاد45 مليون وظيفة سنويا لعلاج هذه الأزمة. ففي الولاياتالمتحدة تتزايد حالات مايغرف بالبطالة طويلة المدي في أجواء تشبه أيام الكساد الكبير في أوروبا, كانت أسببانيا الأكثر تأثرا بمعدلات بطالة بلغت20% أما بريطانيا فأرتفعت فيها هذه المعدلات من5,3% إلي7,8% خلال العامين الأخيرين ويزيد عدد العاطلين البربطانيين الي2048 مليون شخص. الأزمة الاقتصادية أيضا كانتخير رفيق لمرض السرطان وفقا لما جاء في تحذيرات المنظمة الأوروبية للسرطان ايكو التي اشارت الي ارتفاع حالات الاصابة بالمرض الخبيث من2,1 مليون حالة خلال عام2002 الي2,5 حالة عام2008 أوضحت دراسة ظهرت بالدورية العلمية التابعة لأيكو. أن تعاظم معدلات الإصابة بالسرطان له علاقة بتراجع مراعاة القطاعين العام والخاص لقيود السلامة المهنية في أوقات الصعوبات الاقتصادية, فضلا عن التغيير السلبي في أسلوب الحياة والنظام الغذائي للأفراد تحت ضغوط الاحتياج المادي وعدم الاستقرار الاجتماعي والفضل كله للأزمة الاقتصادية