كلية القادة والأركان تنظم فعاليات اليوم الوطني للدارسين الوافدين    المؤتمر العالمى للسكان .. جلسة حوارية حول الربط بين صحة الفم والصحة العامة    وزير الاستثمار يبحث جذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية لمصر    الخطوة الأولى قبل «اقتصاد الحرب»‬    الرئيس السيسي ونظيره الفلسطيني يبحثان جهود وقف الحرب الإسرائيلية على غزة    الزمالك يخوض مرانه الختامي قبل مواجهة الأهلي بنهائي السوبر    شاب يقتل حماه بسبب الخلافات الأسرية بالقليوبية    توافد النجوم لحضور حفل افتتاح مهرجان الجونة السينمائي.. صور    غدًا.. مى فاروق تختتم مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية على مسرح النافورة    المؤتمر العالمي للسكان.. جلسة حوارية حول جهود تعزيز صحة المرأة    سلطات الأقصر توافق على تبرع مواطن بقطعة أرض في الضبعية لإقامة مدرسة    رياح محملة بالاتربة تضرب الوادي الجديد    مجمع إعلام الخارجة بالوادي الجديد ينظم احتفالية بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    وكالة الاستخبارات الكورية الجنوبية: كوريا الشمالية أرسلت 3 آلاف جندي إلى روسيا    بعد هروبها من المنزل.. إطلالات مثيرة للجدل ل نادين الراسي    بيأذنوا في مالطا.. استياء كبير داخل الأطباء لفشلها في حل أزمة العيادات    في جولة مفاجئة بأبوحمص.. محافظ البحيرة تتفقد الوحدة الصحية ب «بسنتواي»    نصائح للوقاية من نزلات البرد للأطفال مع حلول فصل الشتاء    ما حكم عدة المرأة التي مات عنها زوجها قبل الدخول؟ .. المفتى نظير عياد يجيب    المؤبد لخراط معادن لاتهامه بالاتجار في المواد المخدرة بالخانكة    مهرجان القاهرة السينمائي ينظم ورشة للتمثيل مع مروة جبريل    لتغيبه عن العمل.. محافظ البحيرة تقرر إقالة مدير الوحدة الصحية بقرية ديبونو    التأمين الصحي على الطلاب وإنشاء 8 جامعات.. قرارات وزير التعليم في مجلس الجامعات الأهلية    «جولدمان ساكس» يتوقع استقرار أسعار النفط عند 76 دولاراً للبرميل في 2025    وزير الصحة: وصول عدد خدمات مبادرة «بداية» منذ انطلاقها ل62.7 مليون خدمة    السجن عام مع إيقاف التنفيذ لسائق بتهمة التعدي على أرض آثار بقنا    بعد إعلان المسموح لهم دخول الامتحان.. خريطة المواد الدراسية للثانوية العامة    تحرير 1372 مخالفة للممتنعين عن تركيب الملصق الإلكتروني    مصرع مسن في حادث سير بطريق مطار الغردقة    الضرائب تكشف تفاصيل حزم التيسيرات الجديدة    «تمريض القاهرة» تنظم ندوة حول انتصارات أكتوبر وبناء المستقبل    الشكاوى الحكومية: نتلقى 13 ألف مكالمة يوميًا    رئيس جنوب أفريقيا يطالب بتنفيذ وقف فورى وعاجل لإطلاق النار فى قطاع غزة    برغم القانون.. الحلقة 29 تكشف سر والدة ياسر والسبب في اختفائها    هاني عادل ضيف «واحد من الناس» على قناة «الحياة»    باحث أثري: تعامد الشمس على وجه رمسيس يعكس عبقرية المصريين القدماء    منها برج العقرب والحوت والسرطان.. الأبراج الأكثر حظًا في شهر نوفمبر 2024    أحمق يقسم البلد.. ترامب يهاجم أوباما بعد عقد الأخير حملة انتخابية لدعم هاريس    «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا».. موضوع خطبة الجمعة القادمة    ضمن مبادرة بداية.. مياه الغربية تواصل تقديم الأنشطة الخدمية    الغنيمى يدعم سلة سموحة قبل بدء الدورى الممتاز    كوكو حارس سيراميكا: مباراة بيراميدز ليست سهلة وسنلعب للفوز ببرونزية السوبر    عامر حسين: نفكر في إقامة كأس مصر بنظام الذهاب والعودة    زراعة الإسكندرية: تنظيم ندوة إرشادية بالتعاون مع الحملة القومية للنهوض بمحصول القمح    إزالة 148 حالة تعد على أملاك الدولة والأراضي الزراعية بسوهاج    منها انشقاق القمر.. على جمعة يرصد 3 شواهد من محبة الكائنات لسيدنا النبي    مسؤول أمريكي: بلينكن سيلتقي وزراء خارجية دول عربية في لندن الجمعة لبحث الوضع في غزة ولبنان    التعليم تعلن تفاصيل امتحان العلوم لشهر أكتوبر.. 11 سؤالًا في 50 دقيقة    السعودية تجهز لقمة عربية إسلامية تستهدف وقف الحرب الإسرائيلية على غزة    لماذا العمل والعبادة طالما أن دخول الجنة برحمة الله؟.. هكذا رد أمين الفتوى    نجاح عملية جراحية لاستئصال خراج بالمخ في مستشفى بلطيم التخصصي    اليوم.. النادي المصري يلتقي شباب المحمدية بالمغرب    الأمم المتحدة تحذر من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان وتدعو لوقف القتال    محافظ الغربية يكرم بسملة أبو النني الفائزة بذهبية بطولة العالم في الكاراتيه    «ماذا تفعل لو أخوك خد مكانك؟».. رد مفاجيء من الحضري على سؤال ميدو    ترحيل ثلاثي الزمالك شلبي ودونجا وعبدالواحد السيد اليوم .. تفاصيل    بركات يوم الجمعة وكيفية استغلالها بالدعاء والعبادات    الخطوط الجوية التركية تلغى جميع رحلاتها من وإلى إيران    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين التخفيف من الفقر وبين استئصاله‏..‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 09 - 2010

خلال عشرة أيام‏,‏ لا أكثر‏,‏ وهي فترة زمنية لاتحتمل إجراء أو حدوث تغيرات اقتصادية هيكلية كبيرة‏,‏ نشرت الصحف الأمريكية خبرين ظلا يحملان دلالات متناقضة بالرغم من تنافسهما الشديد مع نظام رأسمالي يقول إنه يقود كل اقتصاديات العالم‏,‏ وبالفعل يقوده‏,‏ نظام اقتصادي. يتمكن الفكر الرأسمالي منه ومن كل خلاياه ووحداته من أصغرها إلي أكبرها سواء كانت هذه الوحدات اقتصادية أو ثقافية أو سياسية‏.‏
أعلن الخبر الأول في زفة إعلامية أمريكية مصورة نشرت علي الصحف والفضائيات ومواقع شبكة المعلومات‏.‏ وكان الخبر عن تبرع‏40‏ مليارديرا أمريكيا بالنصف من ثرواتهم لمصلحة الفقراء من الأمريكيين‏,‏ ولا مانع من توجيه جزء من هذه التبرعات للفقراء من غير الامريكيين‏.‏ وأعلن أن المبلغ الذي تم التبرع به يصل الي‏600‏ مليون دولارا أمريكيا وهو مبلغ مشكوك في مصداقيته قيل أن المبلغ سيعود بأغلبه الي منظمات المجتمع المدني الناشطة في مجال الاغاثة ومواجهة الأزمات‏.‏ تم الترحيب بالخبر في الولايات المتحدة الأمريكية بالطبع كذلك في خارجها أيضا‏,‏ كما تم تناوله علي أساس أنه النموذج للرأسمالية الناضجة التي تعرف مسئولياتها الاجتماعية تجاه شعبها لدرجة أنها تتقاسم فوائضها و أرباحها وثرواتها مع الفقراء‏!!‏ أما الخبر الثاني فقد أعلن بعيدا عن الزفات الإعلامية المصورة التي تشد الانتباه بالرغم من أنه من النوع الذي يثير الزوابع‏.‏ جاء الخبر ليؤكد أن خلال عامي‏2008‏ و‏2009‏ أي فترة احتدام الأزمة المالية التي بدأت في الولايات المتحدة وأثرت علي كل بلدان العالم‏,‏ وهي الأزمة التي تراجعت فيها معدلات النمو الاقتصادي علي المستويين العالمي والوطني فيما عدا في دولتين هما الهند والصين‏,‏ وارتفعت فيها معدلات البطالة في غالية الدول حققت فيها‏500‏ شركة إنتاجية في الولايات المتحدة الامريكية أرباحا تصل إلي‏1,3‏ تريليون دولار أمريكي‏,‏ ولكن بالرغم من ضخامة كل هذه الأرباح إلا أنها‏,‏ أي هذه الشركات‏,‏ لم تترجم أرباحها هذه الي استثمارات تقدم فرص عمل تستوعب جانبا من نسبة البطالة التي ارتفعت عن معدلاتها الطبيعية في الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية لتقترب من نسبة ال‏10%‏
فالازمة المالية العالمية التي بدأت بعنف في نهاية‏2008‏ أي نهاية ولاية جورج دابليو بوش ولا تزال مستمرة إلي الآن وربما تمتد إلي الغد البعيد نسبيا لم نكن كلنا من ضحاياها بل كان من بيننا من استفاد منها استفادة كبري‏.‏ كان المستفيدون هم أقلية الأقلية بينما استمرت الغالبية تناطح البطالة وتراجع مستويات معيشتها‏.‏ ولكن ظلت نسبة الفقراء في كل مكان تعيش في دائرة الفقر الذي لايرحم‏.‏
والحق يقال أن الرأسمالية الأمريكية الكبيرة كانت منذ أكثر من قرن من الزمان تستقطع جانبا من أرباحها لتوفي به مانسميه الآن بالالتزامات الاجتماعية لرأس المال وذلك بالتبرع لتأسيس مراكز ابحاث تحمل أسماء مؤسسي العديد من الصناعات الهامة كالسيارات أو الحديد والصلب أو البترول‏,‏ أو لإنشاء واستمرار جامعات عريقة كجامعة هارفرد وغيرها أو لمنظمات المجتمع المدني شديدة التنوع والانتشار وذات فاعلية ملحوظة في عموم الولايات وكانت تضمن لمراكز الأبحاث والجامعات وقفيات أو ودائع بنكية والتي يطلقون عليها عبارة‏endowments‏ تسمح لاستمرارية هذه المراكز وتلك الجامعات‏.‏
فجامعة هارفرد مثلا تملك وديعة تزيد في قيمتها علي‏28‏ مليار دولار أمريكي جمعتها من تبرعات الرأسمالية ومن الأفراد‏.‏ وهي الوديعة التي سمحت لها بأن تخصص نسبة‏40%‏ من مقاعدها الدراسية للمتفوقين من تلاميذ المرحلة الثانوية غير القادرين علي مواجهة تكاليف الدراسة فيها ولكنهم راغبون في الالتحاق بها‏.‏
كما أن منظمات المجتمع المدني المنتشرة في كل ولاية وكل مدينة وحتي مستوي الريف الأمريكي الواسع والريف الأمريكي له تركيبته وسماته الاجتماعية الخاصة غير المتوافرة في أوروبا مثلا أو حتي في بلاد كبلادنا بسبب ظروف نشأة الدولة ذاتها علي يد‏50‏ مليون مهاجر أنجلو سكسوني أوروبي استولوا علي الأرض من السكان الأصليين بلا رابط ولا ضابط وتعمل هذه المنظمات بحرية كاملة في إطار مليارات الدولارات السنوية التي تجمعها من زصحاب الأعمار الكبار والمتوسطين‏,‏ ومن الأفراد‏,‏ وهي التبرعات التي يتم إنفاقها تحت رقابة مالية محكمة من داخلها وأمام أجهزة الرقابة المحلية‏.‏
وتملك الولايات المتحدة الأمريكية نظاما ماليا يسمح بخصم هذه التبرعات المعلنة والمسجلة ورقيا من الوعاء الضريبي سواء للأفراد أو للاستثمارات‏.‏
هكذا تبدو الأمور مثالية‏.‏ ولكن أحيانا لابد من مناقشة حقيقية هذه المثالية‏.‏ ونأخذ مثالا لشركة أمريكية نمت خلال العشرين عاما الماضية وتحولت خلال هذه الفترة الوجيزة من مشروع تجاري صغير من مدينة سياتل في أقصي الشمال الغربي الأمريكي ليصبح لها فروع في كل الولايات والمدن الأمريكية ثم في غالبية بلدان العالم ومنها البلدان العربية‏.‏
بدأ كمشروع صغير لبيع القهوة ذات النكهة الجديدة‏.‏ ولاقت هذه النكهة الجديدة قبولا لدي الأمريكيين الذين يعشقون شرب القهوة‏.‏ ومع الانتشار الداخلي ثم الخارجي‏.‏ وبدأ المشروع يتوسع في نشاطه ويمتد الي استيراد أنواع محددة من حبوب البن من بلدان أمريكا الجنوبية‏.‏ ومع الانتشار الأكبر بدأ يفرض علي مزارعي البلدان المنتجة لحبوب البن أنواعا معينة لايستطيعون بيعها إلا لهذا المشروع‏,‏ فتحول مشروع القهوة ذات النكهة الجديدة الي كيان احتكاري يفرض أسعاره علي المزارعين فزاد إفقار مزارعي حبوب البن في البلاد الأمريكية الجنوبية المصدرة لحبوب البن‏.‏ وتركز الافقار تحديدا في صفوف صغار المزارعين‏.‏
هذه الشركة تحديدا تخصم سنتا من كل دولار تكسبه لتتبرع به لاسرائيل‏.‏ ولكي تبيض وجهها أمام فقراء مزارعين البن ونقادها من الجمهور الأمريكي الواعي تتبرع بعدد من الملايين لمنظمات المجتمع الأمريكي ولعدد من المنظمات العالمية العاملة في مجالات تطوير التعليم وتوفير مياه الشرب النقية في بعض البلدان النامية وتحديدا في تلك البلدان التي احتكرت البن فيها‏.‏
فالتبرعات الرأسمالية وتحديدا الأمريكية مفيدة في التخفيف من حدة الفقر ولكنها لاتلغي الفقر الذي تنتجه علاقاتها‏.‏
المزيد من مقالات أمينة شفيق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.