وضع الاقتصاد المصري في الدستور الجديد قضية مهمة فرضت نفسها خلال الأيام الماضية.. فبينما أكد عدد من المراقبين وخبراء الاقتصاد غموض هذا الوضع في الدستور الجديد وبالنظر لعدم وجود خبير أو أستاذ اقتصاد واحد في اللجنة التأسيسية للدستور وهو ما سينعكس مباشرة علي غياب المرجعية فيما يتعلق بالقوانين الجديدة التي سيتم وضعها في مجالات التجارة والصناعة والاستثمار والتشغيل وغيرها.. فقد أكد وكشف الدكتور وحيد عبد المجيد المتحدث الرسمي للجنة التأسيسية لوضع الدستور عن وضع مواد جديدة وغير تقليدية في الدستور الجديد تحقق مبدأ تكافؤ الفرص وعدم منح أي امتياز يتعلق باستغلال أي مورد من موارد الدولة الطبيعية أو أي مرفق من المرافق العامة إلا بقانون ولفترة محدودة حتي لا تتكرر مأساة النظام السابق والتي انتجت اقطاعيات عقارية رهيبة لبعض الأفراد في حين عاشت الأغلبية في المقابر والعشش. وأكد وحيد عبد المجيد أن مأساة النظام السابق كانت لا تقف عند منح الأراضي لأصحاب الحظوة بل تعدت ذلك إلي الاعداد لبيع المواني والمطارات وقناة السويس وكل ذلك لو تأخرت الثورة في مصر.. وقال إن اغلاق الباب أمام الفساد عن طريق النص في الدستور الجديد علي تكافؤ الفرص وعلي بيع الأراضي واستغلال موارد الثروة الطبيعية بقوانين محددة سيحقق تنمية اقتصادية تكفي العدالة الاجتماعية.. مؤكدا أن الدستور الجديد في نصوصه الخاصة بالاقتصاد لم يقف عند تنظيمه للاقتصاد والعدالة الاجتماعية ولكن تنظيمه أيضا لاغلاق أبواب الفساد. ويظل التساؤل المطروح من قبل المراقبين عن عدم تمثيل شخصيات اقتصادية في تشكيل الجمعية التأسيسية الجديدة وعن التوجه الاقتصادي للدولة المصرية في الدستور الجديد. مطلوب ثلاثة أدوار للتوجه الاقتصادي بداية تؤكد عالية المهدي أن الجانب الاقتصادي في الدستور الجديد غير واضح دلالة ذلك أن الدستور يكتب حاليا واللجان المشكلة ليس فيها اقتصادي واحد.. في حين غلب العنصر السياسي في تشكيل لجنة الدستور وأيضا الجانب القانوني وقد يكون هناك اهتمام بالجانب الاجتماعي, ولكن الجانب الاقتصادي مهمل.. نعم هناك أساتذة من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في الجمعية التأسيسية ولكن في تخصص السياسة والخوف هنا والكلام علي لسان الدكتورة عالية المهدي هو عدم وجود مرجعية واضحة للقوانين الاقتصادية التي ستصدر فيما هو معلوم فإن الدستور هو أبو القوانين ومن ثم فإذا كان الدستور لم ينص علي مباديء معينة في الاقتصاد ستفقد المرجعية الواضحة..كذلك الأمر فإن النص الدستوري فيما يتعلق بالاقتصاد في الدساتير المعدلة ليس واضحا.. وأقصد دستور1791 وتعديلاته, فالنص لم يكن صريحا أو مضبوطا وتتساءل إذا لم يكن التوجه الاقتصادي واضحا.. فكيف سنضع القوانين الاقتصادية في المستقبل. وتقول: أتصور أن تكون هناك نصوص في الدستور تؤكد وجود3 أدوار مهمة أولا القطاع الخاص والملكية الفردية وثانيا دور الدولة ومسئوليتها الاقتصادية والاجتماعية في توفير الخدمات الأساسية للمواطنين ومحدودي الدخل وتقديم الخدمات الاجتماعية والخدمات الخاصة بالمرافق ثم دور المجتمع المدني.. وفي تصوري أن الملكية الفردية والاقتصاد الحر لابد أن يقوما علي أساس التنظيم والتوجيه بواسطة الدولة أي ليس اقتصادا حرا بدون ضوابط فالقطاع الخاص يكون موجودا ويلعب دورا في الاستثمار والانتاج إلا أن ذلك يكون مقننا بالقوانين وتستمر الحكومة في الانتاج والاستثمار.. انتاج خدمات اجتماعية من تعليم وصحة وخدمات خاصة بالمرافق والدخول في مجالات انتاج جديدة قد لا يري القطاع الخاص الدخول إليها لاحتياجها لاستثمارات كبيرة مثل مجمع الألومنيوم علي سبيل المثال.. فأحيانا تضطر الدولة إلي أن تشارك وتدخل في مشروعات معينة لحاجة البلاد لهذه المشروعات. وحول المقصود بتوجيه الحكومة للنشاط الخاص تقول بمعني تدخل الحكومة لضبط دور القطاع الخاص وبحيث يكون دوره منضبطا وموجها تتدخل الحكومة لتضمن المنافسة في الأسواق وضمان حماية المستهلك.. وهذا الدور موجود في أكثر المجتمعات ليبرالية وانفتاحا تدخل الحكومة لتوجيه القطاع الخاص وفي مصر لدينا قانون وجهاز لمنع الممارسة الاحتكارية الضارة وهناك حاجة لضبط بعض أوجه العيوب في القانون.. وأيضا الجهاز وهنا فإننا نؤكد أن هناك بعض الأنشطة بطبيعتها أنشطة احتكارية فنطاق انتاجها كبير مثل الكهرباء والأسمنت والاتصالات والحديد والأسمدة والبتروكيماويات هذه القطاعات لا يمكن القيام بها علي مستوي صغير حيث ستصبح غير كفء ومن ثم لابد أن تسمح بأنشطة كبيرة ولكن تقنن الوضع وتمنع أي ممارسات اقتصادية ضارة, وهذا ما بدأت فيه مصر جذريا. وإلي جانب أدوار الحكومة والقطاع الخاص هناك دور ثالث ورئيسي يجب أن يتضمن الدستور الجديد وأعني به القطاع المدني.. خصوصية الاقتصاد.. في الدستور ويكشف وحيد عبد المجيد, الخبير السياسي والمتحدث باسم تأسيسية الدستور, عن مواد جديدة في الدستور تنظم الاقتصاد وتمنع الفساد المستشري الذي شابه في فترة حكم الرئيس السابق ذلك الفساد الذي أدي إلي ظهور اقطاعيات لبعض الأفراد واستمرار الغالبية في الفقر.. بالاضافة في النص في الدستور علي الفرص المتكافئة والمتساوية للجميع بحيث لا يكون هناك محظوظون ومستبعدون. يقول وحيد عبد المجيد: بداية دعني أقل لك المطلعين علي العالم حاليا يدركون تماما أن عصر الخلافات الجوهرية بين النظم الاقتصادية انتهي ولم يعد هناك نظام نقيض لنظام آخر وذلك منذ انهيار الاتحاد السوفيتي وكتلته وحتي قبل ذلك في شرق أوروبا وعدد من البلاد المعزولة حيث أصبح هناك تقارب شديد في النظم الاقتصادية فمعظمها يتراوح في منطقة الوسط وبعضها يجنح لليمين والبعض لليسار. وهذا الوضع في العالم كله لا اختلاف فيه بين الأحزاب المحافظة والشيوعية وغيرها, كل الفروق بينها فروق كمية وليست نوعية.. فلا توجد فروق أيديولوجية في النظم الاقتصادية وبالتالي ما تنص عليه الدساتير هي المباديء العامة التي لا خلاف عليها بينها الحرية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية وتكامل دور الدولة مع القطاع الخاص مع المجتمع المدني. وفيما يتعلق بالوضع في مصر دعني أؤكد أهمية التركيز علي العدالة الاجتماعية في الدستور الجديد ولذلك من النصوص المقترحة نص يربط مباشرة بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية بحيث نتجنب وجود حكومة تعمل أساسا علي النمو الاقتصادي والذي تتساقط ثماره علي المجتمع؟! فهذه النظرية فشلت في العالم كله فإذا كانت تنطبق علي بعض البلاد ذات الموارد المالية الكبيرة والواسعة الثراء.. إلا أن العالم الحالي كله حاليا يربط بين التنمية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية لذلك سيركز الدستور الجديد في توجهه الاقتصادي علي مبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين في النشاط الاقتصادي ولرجال الأعمال فلقد أسفرت الفترة الماضية عن وجود رجال أعمال محظوظين أسهموا في مشروع التوريث وآخرين نحتوا في الصخر ولم ينجحوا لذلك فتكافؤ الفرص هو مبدأ أساسي سيتم التركيز عليه, موضوع ثان جديد وبالغ الأهمية هو موضوع استغلال موارد الثروة الطبيعية والمرافق العامة.. فالأراضي العامة في ظل النظام السابق كانت تمنح للمحظوظين لتقييمها واستغلالها في غير أغراضها ترتب علي ذلك أن أصبحت هناك اقطاعيات عقارية رهيبة من ناحية ومواطنون يقطنون القبور والعشش من ناحية أخري, ومن ثم فقد تم وضع مبدأ أساسي في الدستور الجديد ينص علي عدم جواز منح أي امتياز يتعلق باستغلال أي مورد من موارد الدولة الطبيعية أو أي مرفق من المرافق العامة إلا بقانون ولفترة محددة حتي لا تتكرر المأساة التي حدثت حيث كانت الأراضي تمنح لأصحاب الحظوة وكانت المطارات والمواني وحتي قناة السويس علي وشك البيع لو تأخرت الثورة.. ويضيف وحيد عبد المجيد: أظن أن أساتذة الاقتصاد لم ينظروا إلي هذه المبادئ الجديدة بل يكتفون بالتأكيد علي المباديء العامة في الاقتصاد من الحرية الفردية والعدالة وخلافها ولاحظ هنا أنه بدون وجود مبدأ اغلاق الباب أمام الفساد لا يمكن تحقيق تنمية اقتصادية حقيقية تكفي العدالة الاجتماعية.. فذلك لن يتحقق ذلك إلا إذا أغلق باب الفساد فالتنظيم للاقتصاد لن يقتصر علي العدالة الأجتماعية والتنمية الاقتصادية ولكن تنظيم جديد لاغلاق أبواب الفساد. إن الدستور الجديد يفتح آفاقا جديدة تمنح رؤية جديدة وليس إعادة انتاج الرؤي القديمة التقليدية وأؤكد أنه وفقا لنصوص الدستور سيكون التصرف في أي شيء من قبيل ثروة الدولة مثل الأرض أو المطارات أو المواني فإنه يستلزم قانونا جديدا ولفترة محدودة ويجوز تجديده. إن تخصيص الأراضي في السابق كان بقرارات وزارية فوزير الاسكان يصدر قرارات لتخصيص أراضي الدولة وممتلكاتها ويعطيها للمحاسيب ويقف المصريون الغلابة يعيشون في المقابر والعشوائيات لن يكون الأمر بعد الدستور الجديد بقرار من رئيس الوزراء أو رئيس الجمهورية ولكن من خلال قانون يناقش في البرلمان أو رقابة عامة عليه.