في كل أزمات السولار والبنزين السابقة كان المنظر المألوف هو طوابير السيارات أمام محطات البنزين مما يعطل حركة المرور . لكن في الأزمة الحالية أصبح المشهد غير مألوف: فالعديد من المحطات مغلقة أمام السيارات لتعلن خلوها تماما من الوقود. ولكن السيارات تتزاحم في بعض الطرق العامة ليشتري قائدوتها البنزين والسولار بالجراكن بأسعار مضاعفة علي مرأي ومسمع من الجميع, فالسوق السوداء لم تعد تتخفي, لكنها تعلن عن نفسها بكل صراحة وكأنها تتحدي الجهات الرقابية ومفتشي التموين ورجال الشرطة, والأخطر أنها تتحدي المواطنين أنفسهم الذين يضطرون لدفع ثمن مبالغ فيه ليتمكنوا من الحصول علي احتياجاتهم من البنزين والسولار. وهذا ما رصدناه في جولتنا بمحطات البنزين والمناطق المحيطة بها. يقول رضا محمود بركة سائق بإحدي شركات قطاع الأعمال العام إن الأزمة هذه المرة هي الأسوأ علي الإطلاق, واتهم أصحاب المحطات بأنهم السبب وأنهم يفتعلون الأزمة والدليل أن هناك صاحب محطة بنزين بالمنوفية( بمنطقة أشمون) يحمل السلاح الآلي ويغلق المحطة في وجوه قادة السيارات ليجبرهم علي الانصراف والشراء من السوق السوداء دون خوف من الرقابة لأنها غائبة! ويضيف عزمي عبدالمجيد سائق بشركة للإنتاج الحيواني أن صفائح السولار موجودة في الطرق العامة ومنها الطريق من السليمانية حتي كارتة مصر الإسكندرية الصحراوي, وأمام عشش من الخوص. الأغرب كما يقول علي زين محمد سائق سيارة نقل إن بعض المواطنين أعدوا خزانات داخل منازلهم لملئها بالبنزين أو السولار ثم تعبئتها في جراكن لبيعها بأسعار مضاعفة علي الطريق العام, وهذا الأمر منتشر خاصة في القناطر الخيرية وتحديدا خلف مجلس المدينة! ويقول سيد عوض سائق ميكروباص إنه اضطر للشراء من أشخاص علي الطريق العام بمنطقة سنتريس, وكان لدي هؤلاء أكثر من40 جركنا. يؤكد الدكتور حامد موسي عميد كلية تجارة السويس أن أزمات المواد البترولية المتتالية ناتجة عن تعطل شركة النصر للبترول عن العمل خصوصا بعد حرقها وهذا هو السبب الرئيسي وغير المعلن لنقص والكميات المعروضة بالإضافة إلي ذلك فإن سوء الرقابة الحكومية شجع مافيا السولار والبنزين خصوصا أننا نعيش حالة من الفوضي والانفلات الأمني واستغلال فئات معينة لتلك الحالة للتربح غير المشروع مما يزيد الأمر سوءا, ففي ظل النظام السابق كنا نعيش حالة من الفساد الكبير أما الآن نحن نعيش أيضا حالة الفساد الصغير الذي سيدمر البلد, فيجب أن تعود هيبة الدولة والتطبيق الصارم للقانون, وتشديد الرقابة علي سيارات نقل المواد البترولية وعلي توزيعها داخل المحطات حتي لا تسول نفس أحد له بيعها في السوق السوداء وازدياد الأزمة سوءا. كما أكد حامد مرسي أنه لضمان وجود عدالة توزيع المواد البترولية لابد من وجود جهة مستقلة عن البترول لتتابع توزيع المواد البترولية وتراقبها وتقيم مستحقي الدعم من عدمه بحيث يتم رفع الدعم عن شركات الأسمنت وشركات المحمول والفنادق الكبري الذين يكسبون الملايين. الموضوع يحتاج إلي إعادة نظر فالغريب في الموضوع هو أن تمنح تلك القطاعات المواد البترولية وتفضيلها علي محطات البنزين. و ويقول اللواء ممدوح موافي رئيس مباحث التموين إنه توجد أزمة في المواد البترولية نتيجة نقص المعروض, وذلك يؤدي إلي استغلال البعض للأزمة وبيع المواد البترولية في بعض المناطق إلا أن مباحث التموين تعمل بكل جهد لضبط التسريب للمواد البترولية من المنبع وبالفعل تم في الأونة الأخيرة ضبط أكثر من16 مليون لتر تم الاستيلاء عليها وبيعها, وأكد أن القضية ليست بيع السولار في السوق السوداء لبعض الفئات, ولكن المشكلة في التعاقدات التي تنفذها الهيئة العامة للبترول مع القطاعات الصناعية وتأتي علي حساب تموين محطات البنزين. كما أكد اللواء ممدوح موافي أن وزير الداخلية أعد منظومة لمراقبة توزيع المواد البترولية للقضاء علي ظواهر تسريبها وبيعها في السوق السوداء بحيث يوجد ضابط في المستودعات لمراقبة سيارات نقل المواد البترولية والتأكد من الفواتير ومدي صحتها. وفي الوقت نفسه يتم ابلاغ واخطار إدارة المرور لمتابعة خط سير تلك السيارات للتأكد من وصولها إلي محطات التموين ومن ينحرف عن خط سيره يتم ضبطه من خلال مجموعة عمل أخري لمتابعة السيارات. كما وعد اللواء ممدوح موافي بأن يتم حل الأزمة قريبا حيث تحتاج تلك الأزمة لضخ كميات كبيرة لمدة أسبوع بحيث يتم احتواؤها ويشعر الناس بانتهائها.